الحوار

خالد الغريبي يُعيد المجرور الطائفي للواجهة الفنية

  • thumbnail_IMG_2220
  • thumbnail_IMG_2214
  • thumbnail_IMG_2213
  • 46841020_542662049534184_2841992777038651307_n
  • 12135282_907301406023259_1096809726_n
بقلم- أميمة الفردان
«الا يا مرحبا بالّذي جونا ودعّسهم خضّر الوادي/ الفل فتّح بلا ميعاد والفاغية ازّهرت كادي»
في زمن الهيب هوب وموسيقى الجاز وأنواع أخرى مختلفة من الموسيقى الغربية؛ يطل خالد الغريبي فتى السبع وعشرين عاماً؛ خريج الكلية التقنية؛ الذي أحب منذ نعومة اظفاره فن المجرور الطائفي واخذ على عاتقه مهمة انتشار هذا الفن والتعريف به بين اقرانه من فئة الشباب؛ كونه أحد الفنون التراثية التي تغنت بها قامات فنية كبيرة من أمثال العميد طارق عبد الحكيم وفوزي محسون؛ والفنانة ابتسام لطفي وتوحة وغيرهم كثير؛
وساهموا بشكل كبير في ان يتركوا اثراً كبيراً في الذاكرة الفنية لأجيال من السعوديين؛ في الحوار التالي حاولنا أن نتحسس الطريق لإعادة فن المجرور للواجهة الفنية الجديدة التي تعيشها المدن السعودية؛ من خلال أيقونة فنية تحاول ان تجد لها موطئ قدم في الساحة الفنية إلى نص الحوار الذي ابتداه الغريبي بـ «اهلاً وسهلاً وآنستونا وغاشي بيتنا نور».

عشريني من زمن الكبار

لم يكن في حساباتي أن من سألتقيه لإجراء حوار عن فن المجرور؛ شاب في العشرينات من عمره؛ لكن عند بداية اللقاء وقبل أن ادخل في طرح اسئلتي تبادر إلى ذهني وانا أرى تلك الابتسامة الطفولية المرسومة على وجه الشاب خالد الغريبي؛

  • thumbnail_IMG_1211
  • 30076313_1641020912601441_1744929342737088512_n-(1)
  • 28751282_376190519510973_8152098070998286336_n
  • 12142164_986432768065410_981992259_n
قدر التفاؤل الذي يحيا به في زمن موسيقي فقدت ذاكرته تراث فني يحمله الغريبي بين جنباته؛ فما كان مني إلا أن اسأله بداية عن عمره؛ الذي يصغر فن المجرور بأكثر من قرن من الزمان؛ قال لي «عمري سبع وعشرين عاماً»!
 بادرته عندها بتساؤل: كيف تعرفت إلى المجرور؟ ومتى كانت البداية؟ فأجابني وهو يحتفظ بابتسامة شحذتها طاقة الحب والغرام التي يحملها لهذا الإرث الفني داخله وبادرني بالقول: «بدأت علاقتي بالمجرور منذ كان عمري في الثانية عشرة؛ كنت اجالس كبار السن واقف معهم في الصف واقلدهم؛ رغم انني لم أكن متمكناً من مجاراتهم في ذلك الوقت في الإيقاع؛ لكن كنت أحاول واجتهد كثيراً».
عندها سألته: هل ساعدك أحد على تعلم ابجديات هذا الفن منذ البداية؟ أخبرني حينها عن والده وعمه قائلاً «بسبب تعلقي وشغفي بالمجرور وحرصي على التواجد في المناسبات التي لايتمم إحياءها إلا المجرور؛ وهو الأمر الذي لاحظه والدي وعمي؛ وعرفا مدى اهتمامي بهذا الفن  ما ساهم في ان يبدأ كليهما في تعلمي قواعد ه واساسياته؛ التي يعتبرها صعبةً».
الصعوبة التي وصفها خالد في تعلم المجرور جعلتني أتساءل وانا العاشقة لهذا الفن سماعياً عنها فأجابني بلغة أصحاب الخبرة والمتمرسين في أداء هذا اللون الطائفي بنكهة حجازية قائلاً «فن المجرور وهو أحد الفنون الطربية؛ في منطقة الحجاز، يعتمد على ثلاث محاور هي الإيقاع والحركة والغناء في وقت واحد؛ وهذه تتطلب تركيز وجهد كبيرين؛
ناهيك عن الإحساس الذي يتماهى مع الكلمات التي يتم التغني بها وهو امر ليس من السهولة القيام به؛ بالإضافة لكون المجرور يعتمد على وجود لاعبين من صفين يقارب العشرين شخص يحملون الطار؛ ويقومون باللعب في تنسيق مع بعضهم البعض لتكوين رقصة المجرور؛ وأحيانا يتجاوز عدد اللاعبين هذا الرقم؛ الأمر الذي يحتاج فعلياً جهد كبير وتناغم بين أعضاء الفرقة».
عندها سألته عن الأصول التي يعتد عليها أداء الرقصة؛ فقال « تتكون الرقصة من صفين متقابلين من الراقصين، يترأس كل صف شاعر وهو من يختار اللحن الذي يعتمده قارع الدفوف، وتردد على أساسه الفرقة ما يلقيه رئيسها، وهكذا يرد الشاعر في الفرقة المقابلة»؛ وأضاف الرقصة ترتكز على ثلاث عناصر أساسية؛ «رئيس الفرقة وصف اللاعبين حاملي الطار؛ بالإضافة لضارب الإيقاع».
صوت ملائكي بنكهة الورد الطائفي.
«انا مولع بالمجرور» جملة قصيرة كانت بمثابة فاصل اعلاني أثناء الحوار استوقفتنا قليلاً عند «عشقته ولا لي في المقادير حيلة»! واعادنا لزمن الأناقة والأصالة في الغناء؛ الأمر الذي حمل بعض الزملاء في المكتب لحضور اللقاء والاستماع لصوت خالد الملائكي الذي يتسم بالنقاء والصفاء وقوة الإحساس والأداء المتميز بدون ان يحتاج لفرقة موسيقية؛ صوت خالد الذي يأخذك لعنان السماء؛ كفيل بأن يعيد ولادتك من جديد.
وعوداً على بدء سألته؛ عن مدى إمكانية إعادة تقديم المجرور، بشكل متطور يتناسب متغيرات الزمن والإستفادة من التقنيات الصوتية والموسيقية للأجيال الجديدة قال «كل همي في الوقت الراهن منصب على محاولة نشر هذا الفن من خلال المهرجانات الثقافية؛ وهو ما بدأته من خلال انضمامي لفرقة لأداء هذا الفن وبخبرتي البسيطة التي يبلغ عمرها عشر سنوات؛ في الأداء غناءُ مكونة من21 شخص من جيل الشباب؛تحت اشراف رئيسها وبفضل الله سبحانه وتعالى استطعنا تحقيق مراتب جيدة في المسابقات التي اشتركنا فيها على هامش مهرجانات الجنادرية ومهرجان سوق عكاظ».
لالا يالخيزارنة في الهوى ميلووكي/ لالا ياليت طير الجو يفهم كلامي/ ياخد كتابي للحبيب يوديه.
وفيما إذا كان هناك دور تلعبه بعض الجهات الثقافية في دعم خالد الغريبي وفرقته أخبرني «نحن نعمل تحت مظلة جمعية الثقافة والفنون بالطائف؛ والجمعية في الحقيقة تقوم بدورها في دعمنا في حدود الإمكانيات المتاحة لها؛ فيما نحن نحتاج لدعم اقوى على مستوى التسجيل والتصوير وحضور أقوى في المناسبات والمواسم».
وحول ما إذا كان لدى الفرقة ورئيسها أي طموحات او تطلعات لإشراك عناصر نسائية؛ في أداء المجرور في المستقبل؛ خصوصاً وان كثير من فرق الفلكلور التراثي الغنائي حول العالم تعتمد على اشراك عناصر نسائية قال خالد «الأمر ليس سهلاً؛ في ظل التقاليد الاجتماعية؛ إلا أن تدريب الصغيرات على أداء المجرور امر من الممكن دراسته في المستقبل».
ولأن المجرور ليس مجرد فن تراثي طربي؛ بل هو جزء من ذاكرة وارث يجمع بين الغناء وفن الأزياء؛ وهو ما يمكن ملاحظته من خلال تتبع شكل الزي الذي يرتديه لاعبي المجرور؛ الذي يعود لأكثر من قرن؛ وهو ما كان يرتديه الملوك في فترة من فترات الحكم في المدن السعودية؛
ويتكون من ثوب الحويسي التراثي المعتمد؛ في أغلب الرقصات في المملكة، والعقال المصنوع من القصب والغترة والحزام الذي يتزين به الصدر ويطلق عليه السبتة الجرولية.
وعن مدى توفره في الوقت الحالي قال خالد «فيما يخص موضوع الزي نحمد الله اننا لا نعاني من مشكلة عدم توفره؛ وذلك يرجع لكون الفرق التراثية في اغلب مناطق السعودية لا تزال تحظى بتواجد في المناسبات الاجتماعية ويتم الاعتماد عليها؛ وهذا ما يفسر كون هذه الأزياء لازالت رائجة وموجودة؛ ناهيك عن وجود عودة للزي التقليدي في بعض المناسبات».

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *