ثقافة

عودة الحياة الثقافية لجدة دوم بقرار وزاري

بقلم: أميمة الفردان
“جدة دوم أو قبة جدة”، موقع حضاري أسس في سبعينات القرن العشرين الميلادي لتقديم العروض الفنية، ويقع على تقاطع طريق الملك فهد (الستين) مع شارع فلسطين في مدينة جدة، بالمملكة العربية السعودية. تسبب تقادم المبنى في خروجه عن الخدمة قبل أن يصدر توجيه وزير الثقافة السعودي في يونيو 2019 بإعادة ترميمه وعودته لاحتضان معارض الفن التشكيلي والمناسبات الثقافية.
وفيم أعلن وزير الثقافة الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان آل سعود، إعادة ترميم مبنى “جدة دوم” المعروف بـ “قبة جدة”، وذلك بالشراكة مع وزارة الشؤون البلدية والقروية، وفتح أبوابه من جديد ليعود كما كان حاضناً لمعارض الحركة الفنية التشكيلية، والمناسبات الثقافية المختلفة؛ عاش كثير من الفنانين فرحة كبيرة؛ لإعادة الحياة لجدة دوم؛ بأثر رجعي يعود للسبعينيات الميلادية؛ التي تم خلالها تأسيس القبة؛ لتكون أول صالة عرض فني متخصّصة في جدة.
وجاء الإعلان عن إعادة ترميم المبنى إثر زيارة وزير الثقافة له، اليوم، حيث وقف على حالته؛ التي طالتها سنوات من الإهمال الذي هدده بالزوال إلى أن جاءت مبادرة وزير الثقافة بإعادة تأهيله من جديد؛ ويقع مبنى “جدة دوم” ذو التصميم الفريد في تقاطع شارع فلسطين مع طريق الملك فهد بن عبد العزيز “الستين” في حي “الشرفية”، وكان قبل خروجه من الخدمة منصة مهمة للعروض الفنية.
ومثّلت “جدة دوم” النواة الأولى والمحفزة لصالات عرض الأعمال الفنية في المدينة، إذ أعقبتها مشاريع مماثلة في نهاية السبعينيات الميلادية؛ وكانت وزارة الثقافة قد حددت “الفنون البصرية” و”المواقع الثقافية والأثرية” كقطاعين ضمن 16 قطاعاً ستتركز عليها جهودها وأنشطتها، التي أعلنتها مع تدشين استراتيجيتها وتوجهاتها.
وتأتي هذه الخطوة في إطار سعي الوزارة للاعتناء بالمواقع الأثرية والمباني التاريخية للحفاظ عليها وصيانتها تقديراً لما تحمله من قيمة حضارية؛ ومن الجدير ذكره أن مدينة جدة السعودية في سبعينيات القرن الماضي، كانت عامرةً بالنشاط الثقافي والفني، وكان مبنى” جدة دوم“في حي المشرفة بتصميمه الغريب حينها أحد أكثر الأماكن التي يقصدها أبناء المدينة المطلة على البحر الأحمر، قبل أن يصبح مهجورًا منذ نحو ثلاثة عقود، وقررت المملكة الآن إحياءه مجددًا.
وتعمل وزارة الثقافة حديثة النشأة في السعودية، على إعادة ترميم مبنى” جدة دوم أو قبة جدة كما يسميه البعض، نسبة لتصميم المبنى الذي لا يتعدى كونه صالة على شكل قبة كبيرة مشابهة لقبب المساجد، غير أنها ليست مخصصة للعروض الفنية والنشاطات الثقافية.
وكان قد حضر وزير الثقافة السعودي، الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان إلى المبنى المتهالك الثلاثاء الماضي، وقال إن خطط وزارته التي أنشأتها السعودية لتعزيز القطاع الثقافي بعد عقود من الانغلاق، ستشمل إعادة ترميم “جدة دوم”، وقال الوزير الذي أطلق في مارس/آذار الماضي سلسلة مشاريع ثقافية عملاقة تشكل إستراتيجية عمل لوزارته في الفترة المقبلة، إن “جدة دوم” سيعود ليحتضن معارض الحركة الفنية التشكيلية، والمناسبات الثقافية المختلفة.
ولا يعرف جيل الشباب الذين ولدوا في نهاية سبيعينيات القرن الماضي وما بعدها، الكثير عن القبة، انه كان قبل إغلاقه مقصدًا دائمًا لعشاق الفنون والنشاطات الثقافية؛ وبدا جمهور القبة الثقافية إبان فترة ازدهارها، سعيدًا بمبادرة وزارة الثقافة بترميم المبنى، وراحوا يروون ذكرياتهم مع ذلك المكان الذي كان نواةً لنشاط ثقافي لافت في المدينة، تبعه إنشاء عدد من المشاريع الثقافية والفنية من صالات ومراكز ما لبثت أن أغلقت أبوابها تباعًا.
وقبل الانتهاء من ترميم “جدة دوم”، عادت الصالة الثقافية للحياة بالفعل عبر مواقع التواصل الاجتماعي في المملكة، حيث يخوض كثير من أبناء جدة نقاشات حول مستقبل القبة بعد الانتهاء من ترميمها. وقال شاب سعودي معلقًا على قرار وزارة الثقافة بترميم المبنى “دايم أشوفها ومعرف وش هو احسبه مطعم”، قبل أن تنهال الردود والتوضيحات عليه ممن عاصروا تلك الصالة في فترة ازدهارها.
وكتب أحد رواد “جدة دوم” في الماضي فيما يبدو “هذه أول صالة للعروض الفنيّة والتسويقية في جدة. استثمرها موفق الحارثي تزامنًا مع الانفتاح التجاري والاجتماعي الذي كانت تعيشه جدة. وانفردت بتصميمها المعماري ذي الطابع الغرائبي الذي كان جديدًا على المدينة. كانت جمعية الثقافة والفنون تقيم عروضها التشكيلية بها”.
وبدأت النشاطات والفعاليات الثقافية والفنية تتلاشى إلى حد كبير مع نهاية سبعينيات القرن الماضي، حيث تزايد دور رجال الدين في المجتمع والحياة العامة، وفرضوا تفسيرات محافظة للشريعة الإسلامية حرَّمت كثيرًا من تلك النشاطات، ومنعت الاختلاط بين الجنسين حتى داخل قاعة تقام فيها محاضرة.
وبدأت السعودية في السنوات الثلاث الماضية بتبني نهج جديد يقوم على الانفتاح، وتقود وزارة الثقافة وهيئة الترفيه الحكومية، خطط الرياض للانفتاح على العالم وفنونه وثقافاته وتحويل البلاد لقبلة سياحية وفنية يقصدها كبار فناني العالم ونجومه مع جمهورهم الكبير، وتحقيق عوائد مالية في إطار خطط تنويع مصادر إيرادات الميزانية.
وبدت الفنانة التشكيلية السعودية فاطمة سعود عمران، سعيدةً بترميم المبنى ومتفائلةً بإعادة الحياة لمراكز وصالات أخرى عرفتها المدينة الساحلية في فترة سابقة وقالت “من أجمل الأخبار تجديد التاريخ لبدايات الفن التشكيلي في جدة التي كانت تمثلها ولا زالت جدة دوم وردك بلازا بالإضافة للروشان جاليري”.
ووصف زميلها مشعل العامري خطوة الوزير بأنها “عرس” قائلًا “الأخبار المفرحة تتوالى والمثقفون والفنانون يعيشون عرسًا حقيقيًا هذه الأيام”.

  • قبة-التاريخ
  • الحياة الثقافية
  • الحياة الثقافية
  • الحياة الثقافية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *