الحقيقة والسراب

رحلة «العيدية» عبر العصور الإسلامية

بقلم– رانيا الوجيه
العيدية عادة عربية إسلامية سنوية تعود إلى قرون قديمة، وتكون عادة عبارة عن نقود أو هدية أو حلوى وغيرها، وتقدم العيدية للأطفال وأحيانًا للكبار في عيدي الفطر والأضحى. حين يبدأ فجر 1 شوال يذهب الكبار والأطفال إلى صلاة العيد، وعندما تنتهي الصلاة يعودون إلى منازلهم ويعيدون على بعضهم بعضًا بقول «كل عام و أنت بخير» ومنح النقود والحلوى، ويكون الأطفال أكثر سعادة من الكبار؛ لأنهم ينالون من الأكبر سنًا الكثير من المال والحلوى، خاصة عند زيارة الأقارب وهي من أهم الأفعال في العيد، حيث يحصل الأطفال على العيدية من الجدود والأعمام والأخوال وباقي الأهل والأقارب.

معنى العيد

وتعود كلمة «عيد» إلي كثرة عوائد الله علي عباده من غفران للذنوب, فعيد الفطر يأتي بعد صيام شهر رمضان المبارك، وبذلك فالعيد يأتي بعد العبادة والغفران, وهو يوم الجائزة للعبد المؤمن الذي صام شهر رمضان إيمانًا واحتسابًا لوجه الله.
ورغم أن مظاهر الاحتفال بالأعياد قد اختلفت بعض الشيء مع مرور الوقت، إلا أن «العيدية» ظلت محتفظة ببريقها وأصالة وجودها لقرون طويلة. حيث تعتبر أحد أهم طقوس الاحتفال بالعيد، وهي ذات أهمية وقيمة كبيرة وخاصة بالنسبة للأطفال، الذين يتوقون للحصول عليها من عيد إلى آخر، باعتبارها مصدرًا للسعادة والبهجة وتعكس روح العيد.

أصل العيدية وتاريخها

للعيدية تاريخ وأصول مرتبطة منذ قرون وعصور بالاحتفال بعيدي الفطر والأضحى، ولتعريف كلمة « عيدية» فهي مشتقة من كلمة « عيد» وتعني «العطاء» أو «العطف»، وهي لفظ اصطلاحي أطلقه الناس على النقود والهدايا التي كانت توزعها الدولة خلال موسمي عيدي الفطر والأضحى كتوسعة على أرباب الوظائف، وقد اختلفت الأسماء التي أطلقت عليها على مدار العصور.

البداية «فاطمية»

وتشير روايات تاريخية إلى أن العيدية ظهرت في مصر خلال العصر الفاطمي، وكانت تعرف بأسماء عدة آنذاك، من بينها على سبيل المثال «الرسوم» و»التوسعة»، وكان الفاطميون يحرصون على توزيع النقود والثياب على المواطنين خلال فترة الأعياد.
ويشير الدكتور إبراهيم العناني عضو اتحاد المؤرخين العرب إلى أن العيدية ترتبط بالعيد، وهي لفظ اصطلاحي أطلقه الناس علي كل ما كانت توزعه الدولة أو الأوقاف من نقود في موسمي عيدي الفطر والأضحى كتوسعة علي أرباب الوظائف، وكانت العيدية تعرف بـ «الرسوم» في أضابير الدواوين، ويطلق عليها التوسعة في وثائق الوقف، وإذا كنا نقدم لصغارنا عيدية العيد هذه الأيام، فإن الفاطميين قد حرصوا علي توزيع العيدية مع كسوة العيد خارجًا عما كان يوزع علي الفقهاء وقراء القرآن الكريم بمناسبة ختم القرآن ليلة الفطر من الدراهم الفضية، وعندما كان الرعية يذهبون إلي قصر الخليفة صباح يوم العيد للتهنئة، كان الخليفة ينثر عليهم الدراهم والدنانير الذهبية من منظرته بأعلي أحد أبواب قصر الخلافة.

والعصر المملوكي

وقد أخذت العيدية الشكل الرسمي في العصر المملوكي, وأطلقوا عليها «الجامكية»؛ وهي كلمة تعنى «المال المخصص لشراء الملابس»، وبعد ذلك تم تحريفها لتصبح «العيدية»، وكانت قيمتها تختلف بحسب المكانة الاجتماعية والرتبة التي تقدم لها؛ فالبعض كانت تقدم لهم العيدية على هيئة دنانير ذهبية، فيما كان البعض الآخر يحصلون على دنانير من الفضة، أما الأمراء وكبار رجال الدولة فكانت تقدم لهم العيدية على هيئة طبق مملوء بالدنانير الذهبية بالإضافة إلى الحلوى والمأكولات الفاخرة، كهدية من الحاكم.

والعثماني

أما خلال العصر العثماني، فقد اختلفت طريقة تقديم العيدية بشكل كبير، إذ أنه بدلًا من تقديمها للأمراء على هيئة دنانير ذهبية، أصبحت تقدم في صورة هدايا ونقود للأطفال. واستمر ذلك التقليد حتى وقتنا الحالي، لكن أصبحت تقدم بطرق مبتكرة وجذابة تخطف الأنظار.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *