“بريد الليل”رواية بطابع مختلف للكاتبة اللبنانية “هدى بركات”، تسرد عبرها حكايات أصحاب رسائل، كتبوها وضاعت مثلهم، هي عن المهاجرين، أو المهجرين، أو المنفيين المشردين، يتامى بلدانهم، ليس في هذه الرواية من يقين، إنها منطقة الالتباس والضياع واختفاء الحدود والشك الكبير.
الرواية فازت مؤخرًا بالجائزة العالمية للرواية العربية “البوكر” لعام 2019، وصدرت لأول مرة في عام 2018 عن دار الآداب للنشر والتوزيع ببيروت، في “نوفيلا” تتألف من 126 صفحة من القطع المتوسط.
“بريد الليل”عبارة عن متوالية قصصية سردية مكونة من 5 رسائل يكتبها عرب مهاجرون مشردون، تضيع الرسائل و لا تصل إلى مستقبلها بل إلى شخص آخر، الذى بدوره ينفعل ويكتب رسالته حتى نصل إلى الفصل قبل الأخير لنرى تقاطع مصائر هؤلاء الاشخاص.
حكايات أصحاب الرسائل، التي كتبوها وضاعت مثلهم في البحر، لكنها تستدعى رسائلَ أخرى، تتقاطع مثل مصائر هؤلاء الغرباء، يتامى بلدانهم التي كسرتها الأيام فأحالت حيواتِهم إلى لعبة “بازل”.
ليس في هذه الرواية من يقين، ليس من قتل مجرمًا، ولا المومس عاهرة، إنها كما زمننا، منطقة الشك الكبير، والالتباس، وإمحاء الحدود، وضياع الأمكنة والبيوت الأولى
تعرفنا هدى بركات على شخصيات روايتها وعالمهم، وما عاشوا فيه من مآس وما مر عليهم من مشكلات وآلام، ونحن إذ ذاك نتماس تمامًا مع حكاياتهم من خلال ذلك البوح، الذى تبثه في رسائل تنحو ناحية الاعترافات التي يطلقها أصحابها في الساعات الأخيرة من الليل، أملًا في التخلص مما أرهقهم في أيامٍ أو أعوام سابقة، كل ذلك قبل أن تتغير مصائرهم ومصائر أصحابهم، بل وربما مصير ساعي البريد “البوسطجي”، الذى لا نعلم إن كان سيوصل هذه الرسائل إلى أصحابها في النهاية أم سيتعثر هو الآخر في رسالته.