ثقافة

«الجزّة الرمضانية» تراث الزمن الجميل

بقلم- فاطمة ال عمرو

نفحات أصيلة تحفظها الذاكرة، يهفهف علينا عطرها الغالي بألوان من الذكريات البعيدة لزمن جميل؛ مع نسائم البشرى إلى أواخر شهر رمضان.

ولعلّ أحلى ما تتباهى به العائلات العريقة في أيام رمضان المباركات؛ هو التسابق إلى استرجاع تلك العادات الأثيرة، وتذكر أناسها الطيبين.

وإذا كان (الفانوس) أحد أهم المعالم في شهر رمضان المبارك؛ فإن (الجزَّة) لا تقلّ شهرة عن الفانوس الرمضاني، مهما تعددت المسميات من بلد إلى بلد آخر، ولمَ لا، وهي أحد رموز الأصالة المهمة لدى بعض القبائل السعودية الكبيرة، ومن العادات القيمة، القديمة والمتوارثة لديها؛ فهي تمثل عودة إلى ذلك الزمن الجميل! إذ أن (الجزة) أو ما يُعرف بالمنقل، والتي توارثتها أم سارة عن أجدادها واحتفظت بها؛ تعيد اليوم إلينا طقوسها في هذا الشهر الفضيل، لتشعرك بالدفء في مجلسها، وتسترجع أجمل الذكريات والقصص القديمة بحضور العائلة؛ فتعود بك إلى الماضي رغمًا عنك.

«اقرأ» التقت حامدة جبر، التي تحدثت عن الجزة، إذ تقول: «إنها معروفة من العادات القديمة، وهذا المصطلح عرف وذاع لدى قبيلة (الجحدلي) حيث تستعد ربات البيوت بتجهيز المنقل وأدواته؛ مع أفخم الأواني الذهبية التي ورثتها عن أجدادها، وكذلك المبخرة والعود الفاخر، إلى جانب تلك الأواني، ويتم وضعها داخل غرفة تسمى بيت الشعر، أي؛ مجلس البدوي.

وتضيف قائلة: «ومايزال يطلق على الجزة المنقل كما في السابق، أمَّا دلة القهوة، فكان يُطلق عليها (بكارج) وبعضها مطليّ بالذهب أو الفضة، وهناك (المطبقية) التي يوضع السكر ومشتقاته في داخلها؛ وهي صحون محدودة العدد، تتواجد جميعها في كل منزل، في السابق و نظرًا لعدم وجود الغاز، كنا نجد جميع من في الحي، يقومون بتسخين الشاي و القهوة على الجمر! ومع تطور الزمن وكثرة التغييرات التي طرأت؛ أصبح من النادر وجود مثل هذه العادات، لكن، تظل الجزة مصطلحًا قد لا ينساه البعض.

وتسرد حامدة قصة الجزة فتقول: «الجزة موروث قديم وتراث شعبي أصيل، لا تزال بعض المجتمعات الخليجية والسعودية تحتفظ بها؛ وهي موجودة في منزل كل قبيلة خليجية بشكل عام، ولشهر رمضان طقوس خاصة بالنسبة لنا، ويظهر جمال الجزة يومًا في السنة، وقد اعتادت عائلتي وأحفادي على ذلك».

مطليات مذهبة وفضية، عمرها 70 عامًا وأكثر؛ مازالت حامدة تحتفظ بها، وتعتبرها ذكرى لكنوز لا تُقدر بثمن، توارثتها بفخر عن والدتها وأجدادها.

وبعدُ، الجزة الرمضانية، حامدة، وكل تلك التحف الفريدة من مقتنيات للأواني العتيقة، بكل ما تحمله في تفاصيلها الدقيقة الساحرة؛ هي ذكريات زمن جميل حاضرة دائمًا وآسرة، تجددها أم سارة عن جدّاتها بأصالة نادرة، مع هلال كل رمضان كريم لتسكبها على موائد شهر الخير؛ شهية بالصحة والعافية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *