المشاهير

د. خديجة الصبان اليد البيضاء في العلم والأدب

حاورتها– رانيا الوجيه
تزخر مملكتنا الحبيبة بنخبة من الشخصيات المبدعة وأصحاب البصمات في مختلف المجالات، الكثير منهم لم تسلط عليهم أضواء الإعلام لفقدانه بوصلته الصحيحة (الإعلام)، أو لزهد هؤلاء المبدعون وتفرغهم للعمل والإنجاز والإبداع؛ من هذه الشخصيات الدكتوره خديجة الصبان الأكاديمية المتخصصة في اللغة العربية والنحو، والباحثة في مجال الإعجاز البياني للقرآن الكريم، والشاعرة والناشطة بالحقل الثقافي والأدبي، خاصة بجمعية الثقافة والفنون بجدة، نستعرض بعضًا من سيرة ” المرأة النموذج” وصاحبة “وسام الإبداع”، في المساحة التالية.
النشأة والأسرة
ولدت خديجة عبدالله سرور الصبان بمكة المكرمة، في أسرة تقدر المرأة وتعتز بمكانتها الكريمة سواءً كانت زوجة أو ابنة أو أخت، فكان حين يقع الخطأ يكتفى الأب عبدالله الصبان بالعقاب بكلمة ” الله يهدينا ويهديك”، كما كانت الأسرة محبة للعلم والتعليم؛ فكان من الطبيعي أن تحث بناتها على مواصلة التعليم لأعلى الدرجات، إلى أن حصلت الابنة خديجة على دكتوراه في النحو والصرف من جامعة أم القرى، رغم أن والدها توفي وهي في الثانية عشر من عمرها، وفي وقت لم يكن فيه التعليم للبنات متاحًا، إلا أن الأم أكملت مسيرة تعليم أبنائها؛ وفاءً للأب الذي كان مشجعًا للعلم والتعليم وقارئًا جيدًا، ومن خلال مكتبته المليئة بالكتب استمدت ابنته خديجة حب القراءة والاطلاع منذ طفولتها، وكانت معجبة جدًا بمنظر الكتب المختلفة ما بين السياسية والتاريخية والأدبية.
رحلة التعليم
أثناء دراستها في مدارس الزهراء الأهلية بمكة المكرمة، لم يخطر في بالها أن تتخصص في دراسة اللغة العربية، وكان توجهها دراسة الرياضيات حيث تخرجت من المرحلة الثانوية بمعدل عال في القسم العلمي، إلا أن الجامعة لم يكن بها قسم رياضيات، كما أنها لم تحبذ كثيرًا قسمي الأحياء والفيزياء، وبعد تفكير عميق وجدت في اللغة العربية وبالتحديد قسم النحو مبتغاها، لذلك التحقت بجامعة الملك عبدالعزيز (فرع مكة) لتحصل على بكالوريوس في اللغة العربية وآدابها والتربية، وتخرجت بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف الأولى، ثم سافرت إلى مصر وكان أول خروج لها من مكة إلى القاهرة مباشرة، حيث حصلت على ماجستير في النحو والصرف من كلية الآداب جامعة القاهرة، وحملت الرسالة عنوان ” الجملة الطلبية في كتاب سيبويه”، وكانت الطالبة الوحيدة بين طلاب ذكور من مختلف أنحاء الوطن العربي.
تقول د. خديجة الصبان إنها استمتعت كثيرًا بتلك الرحلة التعليمية في القاهرة، حيث وجدت في كتب مكتبة جامعة القاهرة ودار الكتب القيمة والمتنوعة ضالتها، وأيضًا أتاحت لها الفرصة لحضور اللقاءات الثقافية والأمسيات الشعرية ومناقشات الرسائل للدراسات العليا، وأثناء دراستها للماجستير التحقت بجامعة جنوب كاليفورنيا بلوس أنجلوس لمدة عام؛ لدراسة اللغة والتزود بدورات حول نظرية النحو التحويلي لتشومسكي، ومن ثم حصلت على دكتوراه في النحو والصرف من جامعة أم القرى، وكان عنوان الرسالة” أساليب البيان في النحو العربي.. دراسة دلالية من خلال القرآن الكريم”، وعايشت وتبحرت خلال دراستها للدكتوراه في كتب التفسير وبلاغة القرآن والإعراب، واستغرقت 6 أعوام في البحث والدراسة لإتمام رسالة الدكتوراه.
من مكة لجدة
مدارس الانترناشيونال سبب ضياع «العربية»
تشير د. خديجه الصبان إلى أنها لم تلق تشجيعًا في مكة للعمل بالجامعة، كما أن والدتها لم تكن راضيه عن خروجها من مكة في ذات الوقت، إلا أنها اضطرت للتوجه إلى جدة للعمل بجامعة الملك عبدالعزيز كمعيدة بقسم اللغة العربية، وبالفعل جاء تعيينها في الجامعة خلال 24يومًا وبدون واسطة، وأجرت معها مقابلة العمل حينذاك الدكتوره مريم البغدادي عميدة كلية اللغة العربية، التي كان لها الفضل بعد الله في تسريع إجراءات التعيين، وظلت تدوام من مكة إلى جدة بشكل يومي، وبعد أن شعرت بمشقة الطريق أقنعت والدتها بالانتقال للإقامة في جدة.
شخصيات مؤثرة
وتتذكر شخصيات أثرت في حياتها العلمية قائلة: كانت لي أستاذة في مرحلة البكالوريوس بقسم اللغة العربية اسمها د. عفاف حسنين، أثرت في شخصيتي جدًا، ورغم أنني شخصية جدية جدًا في دراستي، إلا أنها أكسبتني صفات أكثر من الجدية، وكيف نكون دقيقين في طلبنا للعلم، وكيف نلتزم بضوابط معينة وآداب في طلب العلم، وبالتالي كان للدكتوره عفاف حسنين تأثيرًا كبيرًا في شخصيتي العلمية. أيضًا من الأشخاص الذين أثروا بي كثيرًا د. محمود فهمي حجازي المشرف على رسالة الماجستير؛ حيث كان منفتحًا كثيرًا وشخص قارئ جدًا، وهو الذي وجهني لدراسة النحو التحويلي لتشومسكي.
ضياع اللغة العربية
أطالب الدولة والإعلام بالاهتمام أكثر باللغة الأم
ترى د. خديجة الصبان بعد مشوار طويل في العمل الأكاديمي أن اللغة العربية في الوقت الراهن أصبحت ضائعة؛ خاصة بعد ظهور مدارس الانترناشيونال واعتماد المناهج الإنجليزية والاكتفاء باللغة العربية كمادة فقط، وبالتالي أصبحت هي اللغة الثانية بدلًا من أن تكون اللغة الأم، رغم أنه ليس هناك إشكال في تدريس اللغة الإنجليزية من المرحلة التمهيدية إلى الجامعية كمادة فقط، وهذا مطلب ضروري للانفتاح على العالم دون اعتماد المنهج بالكامل بلغة مختلفة عن العربية، فالإقبال على المدارس الخاصة الأهلية أصبح ضئيلًا جدًا مقارنة بالمدارس العالمية، وبالتالي ظهر لدينا جيل من الأطفال لايعرفون بعض الكلمات والمفردات العربية، بسبب التحدث باللغة الإنجليزية داخل البيت أيضًا، وهذا الأمر نجده في كل مكان، كما نشأ أطفال لا يلفظون كلمة ” الله” وإستبدالها بـ” GOD ” في أحاديثهم.
ولأن العربية لغة القرآن وتاريخنا وهويتنا وحضارتنا؛ تطالب د. خديجة الصبان الدولة والإعلام بالاهتمام أكثر باللغة العربية، من خلال تقديم مسابقات على مستوى المدارس في القراءة والكتابة باللغة العربية الفصحى، وجوائز لإحياء التراث العربي، وتثمن مبادرة وزارة التعليم ” مدرستي فصيحة” لإعادة الفصحى في المدارس للمعلمين والطلاب.
تكريمات
د. خديجة الصبان عضو هيئة التدريس بكلية الآداب جامعة الملك عبد العزيز بجدة (سابقًا) أكاديمية وشاعرة وباحثة في اللغة، وفي مجال الإعجاز البياني للقرآن الكريم. حاصلة على لقب” المرأة النموذج ” من حملة الأيادي البيضاء (اتحاد المنتجين العرب وبرنامج الأمم المتحدة للسكان، تحت مظلة جامعة الدول العربية)؛ لإسهامها في خدمة المجتمع وقضايا المرأة، بالمملكة العربية السعودية، (2010). وحاصلة على “وسام الإبداع”، من الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون بجدة، (2018). بالإضافة إلى أنها المشرفة العامة على اللجنة الثقافية النسائية و”ملتقى المبدعات” بجمعية الثقافة والفنون بجدة ( منذ 2018 حتى الآن).
أبحاث ودراسات ومؤلفات
للدكتوره خديجة الصبان عددًا من الأبحاث والدراسات والمؤلفات المنشورة أبرزها:
– ديوان شعر” نبض المَرايا “.
– كتاب” تخليص البدل من عطف البيان.. دراسة دلالية من خلال القرآن الكريم”.
– بحث” دلالة بناء التراكيب ومنطوق الكلام “، مجلة كلية دار العلوم بجامعة القاهرة.
– بحث” ترسيخ ثقافة الحوار في مؤسسات التعليم العالي ودوره في جودة المخرجات “، كتاب الملتقى العربي الثاني” التعليم العالي: رؤى مستقبلية” مؤسسة الفكر العربي، بيروت (2005)
– بحث “مستوى الأداء اللغوي في الصحافة السعودية”، (دراسة استقرائية تحليلية لاثنتين من صحف المنطقة الغربية بالمملكة)، ملتقى النص، نادي جدة الأدبي، (2011)
– دراسة بعنوان ” غازي القصيبي.. الصِّدق موقفًا ومُنطلقًا.. قراءة في قصيدة الحب والموانئ السُّود”، مجلة الكويت، العدد الخاص عن القصيبي.
– ولها عدد من الدراسات غير المنشورة، من أهمها دراسة حول ” تعريب تدريس العلوم بالجامعات السعودية”. وقد تمَّ إعدادها بناءً على طلب مدير جامعة الملك عبد العزيز؛ لِتحمل رأيْ الجامعة حول تلك القضية إلى وزارة التعليم العالي، ورفعتها إليه عميدة شطر الطالبات بالجامعة (1420هـ).
مؤتمرات
وشاركت د.خديجة الصبان في عدد كبير من المؤتمرات واللقاءات، منها:
– اللقاء الثالث للحوار الوطني “المرأة حقوقها وواجباتها وعلاقة التعليم بذلك “، مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني (1425هـ)
– المؤتمر الدولي للغة العربية ” العربية لغة عالمية.. مسؤولية الفرد والمجتمع والدولة “، تنظيم المجلس الدولي للغة العربية بالتعاون مع اليونسكو، بيروت (2012)
– مؤتمر الأدباء السعوديين الثالث (2010).
– مؤتمر اتحاد الكتاب والأدباء العرب بالقاهرة” علي أحمد باكثير ومكانته الأدبية”(2009).
– مؤتمر الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب بالقاهرة ( 2006).
– المؤتمر الدولي الثاني ” المستشرقون والدراسات العربية والإسلامية “، اتحاد الجامعات الإسلامية وجامعة المنيا (2006).
– “الملتقى العربي الثاني للتربية والتعليم “، مؤسسة الفكر العربي بيروت ( 2005)
– المؤتمر السابع للهيئة العامة لرابطة الأدب الإسلامي العالميَّة، القاهرة (1426هـ)
– مؤتمر الهيئة العامة لرابطة الأدب الإسلامي العالمية، إسطنبول (1432هـ)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *