المشاهير

عبد الله خياط عمدة الصحافيين السعوديين

بقلم- أميمة الفردان
لم يتمالك ابنه نفسه عند الحديث عنه؛ بهذه الكلمات رثى طارق والده الكاتب والصحافي عبد الله خياط “صاحب شخصية ابرز ما يميزها الحنان والعطف والتسامح مع الآخرين”؛ ذلك هو عبد الله خياط الذي تربى في كنف والده؛ في احدى حارات مكة المكرمة؛ ومثله مثل باقي أبناء مكة من ذلك الجيل “لم يتلقى حظاً كبيراً في التعليم؛ إلا أن ذلك لم يكن عائقاً أمامه؛ واستطاع ان يعمل جنباً إلى جنب عمله برفقة والده في مهنة الخياطة، لينتقل بعدها إلى القطاع العسكري وعمل في الشرطة فترة زمنية لا بأس بها؛ قبل أن ينتقل إلى بلاط صاحبة الجلالة الصحافة؛ من بوابة جريدة البلاد حينها”.

دخول خياط عالم الصحافة لم يكن بالمصادفة او وليد اللحظة؛ بل كانت في تكوين الخياط؛ وهو الأمر الذي توضحه القصة التي خص بها طارق “اقرأ” “كان والدي ضمن مجموعة من الطلاب في المرحلة الإبتدائية عملوا على تأسيس مجلة مدرسية، وتم ايقافها في ذلك الوقت بسبب أحد المواضيع التي نشرت فيها؛ ربما تعد هذه واحدة من المبادرات التي عكست حب الوالد لمهنة الصحافة والكتابة بشكل عام”.
ولأن الخياط صحافي من الطراز الرفيع، ويعتبر من الجيل المؤسس للصحافة السعودية؛ لم يكن راضياً عمّا آلت اليه الصحافة الورقية في السنوات الأخيرة؛ ولا وضع الصحافيين، وهو ما ذكره ابنه طارقي في معرض حديثه لـ اقرأ “كان متأسفاً ونادماً عن الوضع الذي صارت اليه الصحف ووضع الصحافيين من ذوي الإحتراف والمهنية؛ وتهميش أسماء صحافية؛ من قبل المؤسسات الصحافية؛ مقابل امتطاء موجة السوشيل ميديا وقراصنتها من المشاهير اللذين أطلقوا على أنفسهم “اعلاميين”!

من جانبها قالت سحر خياط الإبنة الوحيدة لعمدة الصحافيين السعوديين؛ “والدي علّمنا مبدأ مهم في حياتنا هو حرية الإختيار؛ دون أن يفقد معنا طول حياته بوصلة التوجيه؛ وهو نفس الأمر الذي عمله لأحفاده ولم يبخل عليهم به”؛ ورغم كون الرحل لم ينسى تعليق آخر جرس له مع الفجر في ملعب شركة الكهرباء، إلا أن نهر قلم الخياط لم يتوقف يوماً حتى في مرضه وهو الأمر الذي دعانا لسؤال طارق عن المصير الذي ستؤول اليه آخر أوراق الخياط التي لم تنشر فرد قائلاً “كانت وصية الوالد واضحة وصريحة الاَ يتم نشر مالم ينشر في حياته”.
الخياط الذي ظل لآخر يوم من حياته يمد يده لمصافحة قراءه؛ من خلال عكاظ؛ الصحيفة التي كان واحداً من مؤسسيها كما قال طارق؛ بعد ان تحولت الصحافة السعودية حينها من صحافة الأفراد لصحافة المؤسسات؛ تدرج في العمل الصحافي؛ حيث عمل سكرتيراً لمكتب جريدة البلاد بمكة المكرمة بين عامي 1380هـ. حتى 1382هـ. ثم مدير مكتب البلاد بمكة المكرمة في 1383هـ، حتى أصبح مدير تحرير جريدة عكاظ؛ في العام الأول لتأسيسها 1964هـ. وتولى رئاسة تحريرها في الفترة من نوفمبر 1965هـ. ، حتى 25 فبراير 1971هـ. .
وُلد عبد الله عمر خياط بمكة المكرمة عام 1358هـ. وكان أول صحافي سعودي يجري حديثًا شاملاً مع الملك فهد بن عبد العزيز؛ عن مجلس الشورى ونظام المناطق؛ ولم يكتف خياط بالكتابة في بلاط صاحبة الجلالة بل قام بالتأليف فكانت له حصيلة من المؤلفات نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر أبرزها “المدمن… أنا” و”هيروين على الشفاه”؛ و “الرسول صلى الله عليه وسلم وخلفاؤه”، وقام بتأليف كتاب يتحدث فيه عن شاعر البلاط المتنبي وكتاب “النزاهة الشامخة” عن سيرة الأديب محمد عمر توفيق.

الكاتب والصحافي عبدالله خياط في لقطة أثناء حديثة مع الزميل شاكر عبدالعزيز (رحمة الله عليهم)

ولم تغفله السياسة فكتب كتابه “النصر… نحن صنعناه”؛ الذي تناول فيه فترة الغزو العراقي للكويت ثم تحريرها، اما الصحافة التي افنى عمره فيها فأصدر لها كتاب تحت عنوان “الصحافة بين الأمس واليوم” الذي تابع فيه نشأة الصحافة ومراحل تطورها.
قالوا عن الخياط
“دخل عالم الصحافة من باب الهواية، لكنه وبعض زملائه من عشاق الحرف شكَّلوا بكثيرٍ من الحبِّ الذي ربط بينهم الصف الثاني لروَّاد الصحافة وتحملوا المسؤولية وأكثرهم في ميعة الصبا وريعان الشباب، فكانت دماء الشباب تحفزهم للعطاء المتواصل؛ عبد الله خياط صاحب أسلوب متميز، لا أدَّعي أنه أسلوبٌ ساخر، لكنه يمزج بين الجديَّة والسخرية، ويربط بين الواقع وبين تصوُّراته وتحليلاته الخاصة، كما أن له نظرة ثاقبة لكثيرٍ من المسائل الاجتماعية يغوص فيها بعين الحصيف ودراية الخبير”.
عبد المقصود خوجة
“كان عبد الله خياط، من أبرز رؤساء التحرير ونجح في جعل عكاظ صحيفة حية، جذابة ومواكبة لاهتمامات جمهور القراء ونخبتهم؛ وفتح الباب لشباب الصحافة ليجرّبوا ويسهموا ويظهروا”.
اياد مدني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *