الحوار

الجينوم السعودي ..الأهم في منظومة البحث العلمي بالمملكة

عالمة الأبحاث د. همسة طيب

حوار- آمال رتيب
الدكتورة همسة طاهر طيب ابنة مكة المكرمة٬ التي أخذها العلم إلى طرقاته الواسعة٬ وكانت كلما خطت خطوة وتركت بصمة٬ بحثت عن أفق جديد في ذلك العالم الواسع٬ مهما كان لها من اهتمامات أسرية٬ يظل العلم والأبحاث محور تفكيرها٬ هي عالم أبحاث قسم الجينات – مركز الأبحاث بمستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث – الرياض٬ استشاري ورئيس وحدة الحمض النووي بشركة مستشفى الملك فيصل التخصصي القابضة والمتحدث الرسمي باسم الشركة السعودية للتشخيص القابضة
«مكة الصيدا»
عندما تحدثها عن الطفولة والصبا وكيف أثرت بيئة مكة فيها تقول: يكفي قول الشاعر غنيت مكة أهلها الصيدا٬ بمعنى مكة وأهلها يصطادون كل جميل٬ يتغنى بها الأدباء والشعراء ويزرعونه في أبنائهم٬ فنحن محطة العلماء ورجال الدين والتجار٬ نأخذ منهم ويعطوننا من كل جميل لديهم٬ ونفخر بضيافتهم وخدمتهم موسمًا وراء موسم وجيلًا بعد جيل.
أخذ وأعطى

كل من ينتهجون العلم طريقا يعرفون تماما أنهم سيبذلون الكثير٬ وتقول الدكتورة همسة عن تجربتها: العلم بحر معطاء كريم يعطي ولا يأخذ فقط٬ يتطلب الحلم ويُعلم الصبر٬ أعطاني كل الأسباب والمقومات، التي جعلتني قادرة على خدمة بلدي من خلال المساهمة ولو البسيطة في رفع مستوى الخدمة والعناية الصحية لأبناء وطني، والعمل على المحافظة على اسم بلادي الغالي عاليًا دومًا٬ خاصة وأن بيئة العمل لا تفرق بين المرأة والرجل في البحث العلمي٬ فقط العطاء المبذول من أي من الطرفين هو الصانع بعد توفيق الله للفرق.
الروتين
ولأن لكل طريق صعوباته٬ إلا أنها أكدت: يوجد إجابة دارجة ومعتادة لهذا السؤال وهي «كل شيء ممتاز ولا توجد صعوبات»٬ ولكن أريد فعلًا خدمة بلادي من خلال العلم الذي سعت قيادته لأحصل عليه من أفضل المنابع، ولهذا فإجابتي لن تكون روتينية لأن هذا تحديدًا ما يحد من عطائي؛ الروتين غير الممنهج في بعض الأحيان أكبر الصعوبات التي يمكن أن تواجه أي باحث.
العلم والإعلام
ولأن الإعلام عادة ما يتهم بأنه يوجه أضوائه لمشاهير الفن والرياضة٬ ويكاد يتناسى العلم والعلماء٬ قالت: «الإعلام هو المرآة التي تعكس صورة العلم وإنجازاته للمجتمعات كي تواكبه ويستفيدوا به وإعلامنا الصادق لم يترك منبرًا علميًا أو مجتهدًا سواء عالمًا أو عاملًا، إلا وسارع بدعمه وإيصال رسالته للمجتمع.
قيادات

ولا تغفل الدكتورة همسة طيب دور الشباب في تحقيق رؤية 2030، وكذلك دور القيادات وأهل الخبرة في مساندة الشباب٬ وتقول: من هذا المنبر وإجابة على سؤالك لا أستطيع إلا أن أتوجه بعد الشكر لله بعميق الشكر والامتنان للقادة في بلادي وعائلتي الكبيرة التي لم تخذلني يومًا٬ والتي تربيت في كنفها منذ تخرجي في الجامعة إلى أن أصبحت عالمة في عائلة مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث٬ والتي استمرت في دعمي ومساندتي في أصعب الظروف حتى الخاصة منها، وأخص بالشكر والعرفان معلمي وقائدي د. سلطان السديري لدعمه المتواصل، واشراكه لنا في كل مشروع وفكرة بحثية جديدة ودعمنا للوصول إلى نتائج مثمرة.
الأمراض الوبائية
وتتابع طيب :من خلال موضوع رسالتي البحثية للدكتوراة، ومشاركاتي البحثية العلمية عالميًا ومحليًا، على مدى السنوات الست الماضية، تهدف أبحاثي دائمًا إلى إيجاد ودعم القدرة على التعرف على الأمراض الوبائية، وكيف تؤثر وتتأثر بالعائل والبيئة المصابة، واستخدام وتطويع كل ما هو جديد في تقنيات البحث العلمي على المستوى الجيني الوراثي لهذه العوائل٬ إلى المشاركة في الارتباط بين الجينات والأمراض المعدية وعلاجاتها (الصيدلة الجينية)، وطرق تطور مقاومة الوبائيات العديدة للعلاجات المتوفرة، والطريقة التي يمكن أن يستخدم بها المنهج الوراثي للحصول على معلومات أفضل حول المرض، والمضيف الذي يساعد على تشخيص وعلاج للمريض، وتحسين الرعاية الصحية في مملكتنا، لمساعدة هذا الأهداف العديد من البحوث السريرية المختلفة بالتعاون مع أقسام مختلفة في المستشفى وخارجها محليًا وعالميا، ونشرت العديد من أوراق البحث العلمية في المجلات الدولية، ومحاضرات في مؤتمرات معنية في هذا الشأن محليًا وعالميا.
«الطب الشخصي»

وتستكمل:كنت بفخر ولا زلت عضوًا في فريق مشروع الجينوم السعودي، البرنامج الذي قدم العديد من المبادرات لإيجاد الحلول للعالم والطبيب من جميع أنحاء المملكة، ولمساعدتهم في العثور على إجابة الحالات مجهولة التشخيص بما يعرف بـ»الطب الشخصي»، بعد نجاح المرحلة الأولى والتأثير الصحي الوجداني لهذه التكنولوجيا على المرفق الصحي، مرة أخرى شاركت بفخر في نقل هذه التقنية من طاولة المختبرات إلى التطبيق العلمي على تشخيص المرضى، ونقل هذه التقنية إلى أول أذرع القطاع الخاص لمستشفانا، وتوفير هذا النوع من التشخيص الجيني العميق للمرضى في كافة أنحاء المملكة والعالم العربي، من خلال الشركة السعودية للتشخيص القابضة.
مشروع وطني
وتضيف طيب:أخطط لتحويل خبرتي البحثية إلى القطاعات الأخرى في مشروع وطني أكبر لخدمة العناية الصحية في مجتمعنا، عبر تغيير الطريقة والتفكير في التشخيص والعلاج؛ للالتقاء مع رؤية 2030 لمستوى الصحة برقي يليق بوطننا المعطاء.
الجينوم السعودي
ولأن لكل باحث مشروعه الخاص٬ تحدثت الدكتورة همسة طيب عن المشروع الذي تعده مفصليًا في مسيرتها العلمية وهو مشروع الجينوم السعودي٬ وهو يعد البحث الأهم ليس لها فقط٬ لكن لمنظومة البحث العلمي في البلاد، والذي ينعكس تأثيره على نوعية وأهمية العلاج٬ وبالتالي الصحة النوعية في السعودية، وتقول:أنا فخورة كوني عضو في منظومة وطنية كبيرة تعمل لتطوير وتطبيق هذا البحث، الذي يخدم كل فروع الطب والبحث العلمي في المملكة.
التوازن

ونأتي للسؤال الأهم٬ وهو كيفية تحقيق التوازن بين الأبناء والعمل٬ تقول: الأم سر الحياة٬ وأمي سري والسبب بعد الله في كل هبة استطعت أن أجود بها في عملي وبيتي٬ ولا أستطيع ان أغفل دور فلذات أكبادي وهبة الله لي «أولادي»٬ تعلمت منهم ومعهم كيف نطبق روح الجسد الواحد والفريق، الذي يدعم كل عضو فيه الآخر للوصول لهدف ونجاح الفرد، الذي ينعكس على نجاح العائلة.
هوايات
هل بعد هذا الجهد والعناء بين أروقة المستشفى والبحث العلمي٬ ومتطلبات البيت والأولاد يمكن أن يكون هناك متسعًا من الوقت لممارسة هواية ما؟ أكدت د. همسة أن العقل السليم في الجسم السليم٬ ومن هنا يأتي حبها للرياضة البدنية مثل المشي ولعب التنس٬ والرياضة الروحية، حيث تعشق تلاوة القرآن وسماعه٬ ولا تغفل رياضة العقل٬ حيث تقويه بالقراءة؛ لأنها الصديق الذي لا يخذلك إذا أحسنت اختيار عنوانه.
قرار»القيادة»
قرار السماح للمرأة بقيادة السيارة كان متوقعًا رغم كل المخاوف والعراقيل التي وضعت في طريق تنفيذه٬ وهو ما تؤكده د. همسة: لا يوجد صعب على كل مخلص ومحب٬ وقيادتنا هي الراعي والأب المحب المخلص لأبنائه وبناته٬ وبنظرتهم وحبهم وخبرتهم استطاعوا تقدير وتهيئة الوقت والظروف العملية والزمنية المناسبة لاتخاذ قرار السماح للمرأة بقيادة السيارة٬ ودعمها بكل الوسائل والأنظمة التي تحميها، وتقويها.
طموحات»الوزارة»
أما الطموحات والمستقبل فهو بالنسبة لها ممتد مدى الأفق٬ تقول عنه: أن أمثل ابنة بلادي٬ المرأة السعودية القوية خير تمثيل٬ فأنا أم تعلم تضحيات وقوة الأمهات في بلادي وابنة وعالمة وعاملة٬ أود أن أمثل اخواتي وأمهاتي وصديقاتي وبناتي في مجلس الشورى؛ لتكون أول منصة في طريقي لصنع الفارق المدعوم بنظرة حكومتنا الداعمة للمرأة، والتوجه السامي لتحقيق ٢٠٣٠، وأكون أول وزيرة سعودية للشؤون الصحية في بلادي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *