ثقافة

رؤية تحليليه لصناعه السينما في السعوديه

إنشاء وتسريع صناعة إستراتيجية من الصفر
بقلم-شرف الدباغ
زيارة الأخيرة لسمو ولى العهد الأمير محمد بن سلمان للولايات المتحدة الأمريكية، وخصوصا لهوليوود معقل صناعه السينما فى العالم إجتماعات واتفاقيات عقدها سموه مع عمالقة صناع الفيلم والمحتوى الإعلامي، وتلك الزيارة تعتبر خطوه هامة وحاسمة تدعم رؤيه المملكة 2030 ، وتبع ذلك الإعلان عن خطط تحفيزية للصناعة من قبل مجلس الفيلم السعودي ووزارة الثقافة، كل تلك مؤشرات حيوية تدل على إنطلاقات فعالة وجادة نحو بناء صناعة هامة جدا، حيث سيوفرهذا التحالف الذكي مع معاقل الصناعة العالميه دعم مباشر لتأهيل الشباب السعودي ، وتأسيس البنيه التحتيه الهادفة إلى دعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة المتخصصة في صناعة الفيلم والمحتوى، وتكوين الشركات السعودية الكبيرة والمتخصصة في هذا القطاع المرتبط بالثقافة ، الهوية ، والمجتمع السعودي بشكل عام.
كما أن هذه الخطوات الإستراتيجية / التكتيكية ستسرع في إنشاء صناعة تعيش حالة الصفرية حاليا في المملكة العربية السعودية، نتيجة لعقود طويله من تجميد وتهميش مقدرات هذه الصناعة . فقد شملت الجولة التاريخيه لسمو ولي العهد كبريات استديوهات السينما العالميه مثل مجموعة شركات فوكس، وإستوديوهات يونيفرسال، ووارنر بروزرذ العملاقة ، كما تم توقيع اتفاقا مع شركة إيه إم سي العالميه لتشغيل دور العرض السينمائى بالمملكه واتفاق اَخر مع شركه والت ديزنى والتي تمتلك وتشغل عدة منظومات متخصصة في صناعة الأفلام.
والواقع ان مثل هذا التحرك الاستراتيجي والدؤوب لمهندس التغيير سمو ولى العهد يدعم اول ما يدعم جيل كامل من الشباب والشابات السعوديين الشغوفين والمتعطشين للتعلم والتدرب والعمل في صناعه السينما وخدماتها المسانده والان اصبحت الفرصه سانحه لدعم وتمكين الطاقات الهائله لشبابنا المبدعين وبناء اقتصاديات تعتمد في جوهرها على روادها
وهذه الصناعة ستسهم بقوه فى تنميه اقتصادنا الوطني من خلال المنشآت الصغيرة والمتوسطة الوطنية المحترفة والواعدة، وهي الأقدر على توظيف عشرات بل مئات الألاف من الشباب والشابات أمام الكاميرا و خلف الكاميرا. ، ومن المقدر أن تنشأ أكثر من 1000 منشأة سعودية صغيرة ومتوسطة جديدة مرتبطة مباشرة بصناعة الفيلم بحلول العام 2030. ولن يقتصر صانعي الأفلام السعوديين على السوق المحلي فسوف يكون لديهم منتج يمتلك قابلية كبيرة للتصدير أسرع من أي صناعة اخرى، وعوائده خيالية في حالة نجاح الفيلم، ققد يصل دخل فيلم سعودي إلى 50 مليون ريال سعودي و لاتزيد جميع تكاليفة الإنتاجية عن 3 مليون ريال. وهنالك الكثير من الأفلام حول العالم حققت عوائد صافية لمنتجيها تجاوزت 5000 %.

ولأن الإنجاز مرتبط بالوقت ، فالتسريع ومنهجه عملية مفصلية فيما يخص إستحداث هذه الصناعة من اللاشيء، وخصوصا فيما يخص الإنسان السعودي وتمكينه من هذه الصناعة في أسرع فترة ممكنة، وقد أصبح ذلك ممكنا، فالتكنولوجيا والتقنية غيرت واقع ما كنا عليه فى القرن الماضي فما كان ينجز في 5 سنوات في تسعينات القرن الماضي، يمكن إنجازه في عام واحد الآن.
فعلى سبيل المثال في العام 1990 كان وجود الإنترنت مقتصر إلى حد كبير على الجامعات الضخمة والمعامل ،وبعد ذلك بعشر سنوات فقط كان الإنترنت في كل مكان داخل الولايات المتحدة، وأوروبا وصار بالامكان دخول المستخدمين عليه من منازلهم، ومكاتبهم، وتليفوناتهم المحمولة واليوم بلغ عدد المستخدمين للإنترنت بصورة شبه يومية أكثر من 40% من عدد سكان كوكب الأرض،. التسريع في هذه الصناعة ممكن جدا، والنجاح فيه مرتبط بالإرادة الجادة والتخطيط الممنهج، وفتح السوق السعودي ممكن جدا، وتسريع تأهيل وتمكين المنشأت السعودية المتخصصة في الصناعة ممكن كذلك رغم صعوبته، والهدف النهائي هو إستخدام الإمكانيات الوطنيه، وليس لتكرار أي نموذج آخر في العالم – كما أشار سموه مؤخرا.
تاريخ السينما بالمملكه العربيه السعوديه
وبالقاء نظره سريعه على تاريخ السينما في المجتمع السعودى نجد ان أول من أدخل دور العرض السنيمائية إلى المملكه هم الموظفيين الغربيين خلال فترة الثلاثينيات, وكمحاولات فردية رغم الصعوبات البالغة في إمتهان او حتى الإقتراب من هذه الصناعة كانت فى العام 1950 ، حيث انتج اول فيلم سعودى بعنوان الذباب ، و في منتصف الستينيات قام التليفزيون السعودى بانتاج افلام تليفزيونيه ، لكن التجربة الإنتاجية السعودية الأولى ( فردية ) كانت عام1966 حيث إنتج فيلم تأنيب الضمير ثم تبعتها تجارب منفردة، إلى أن أغلقت دور السينما رسميا في العام 1979 بعد أحداث احتلال الحرم المكي.

وعلى الرغم من ذلك شهدت السنوات الأخيرة وبالتحديد منذ 2006 بعض تجارب العرض الفردية ( بدون مردود تجاري ) هنا وهنالك من خلال الأندية الأدبية و الثقافية السعودية بعرض بعض الأفلام، أو إقامة مهرجانات أو مسابقات للأفلام التسجيلية و القصيرة ، وأول تجربة إنتاجية من شركة إنتاج كانت في 2008 قامت شركه روتانا بإنتاج فيلم سعودي نجحت على إستحياء فى عرضه في الرياض وابها وجازان ، قبل توقف عرضه ، و لم تكرر نفس التجربة مع أي فيلم آخر ما عدا الأفلام التسجيلية والقصيرة المنتجة محلياً التي تعرض في المسابقات والمهرجانات المنظمة من قبل الأندية الأدبية و جهات اخرى مختلفة . وقد بلغ عدد الأفلام السعودية التي إنتجت منذ عام1975 و حتى عام2012 نحو 255 فيلما سعوديا، حققت بعضها دخلا بسيطا يغطي تكلفة إنتاجها، ولم تكن تنتج داخل المملكة، ولذلك لم تقم لصناعة الأفلام قائمة.
عهد جديد وتجربة غير مسبوقة على مستوى العالم لصناعه السينما – التجربة السعودية وفى هذا الاطار تقضى خطه المملكه افتتاح أكثر من 300 دار سينما بأكثر من 2000 شاشة عرض بحلول عام 2030، من أصل 165 الف شاشة حول العالم حاليا، ومن المقدر ان تسهم الصناعه باكثر من 90 مليار ريال “24 مليار دولار” في الناتج المحلي الإجمالي واستحداث أكثر من 30 ألف وظيفة دائمة ونحو130 ألف وظيفة مؤقتة بحلول عام 2030″, حيث يبلغ حجم دخل شياك التذاكر عاالميا في الوقت الحالي 165 بليون ريال سعودي، هذا أضافة إلى الإعلانات وغيرها من الصناعت والخدمات المساندة، والرقم في تصاعد سنوي.
كذلك تهدف خطه المملكة الى إستقطاب، تأهيل وتمكين الشباب والمبدعين من خلال حاضنات الاعمال المتخصصة والتي تعتبر الأولى من نوعها على مستوى المنطقة، وكذلك صناديق رأس المال المخاطر المتخصصة في صناعة السينما ، ومن ثم فالمشهد الحالى بتطوراته المتسارعه ينبئ بان المملكة مشرفه على صناعه سينما واعده بمنهج غير مسبوق ، وهي لن تستنسخ التجارب العالمية او الإقليمية، المملكة تمتلك من المقومات التي ستجعل من تأسيس هذه الصناعة حدثاً مفصليا ومؤثراً في اتجاهات عدة، مخرجاتها بجهود القائمين عليها من شباب وشابات سعوديين وسعوديات ملهمين ومقتدرين قد تضعها في مكان لتنافس الصدارة لهذه الصناعة عربيا في وقت قصيرلتنافس عالميا بلسان وروح عربية، وستنطلق توازيا مع تجارب عواصم هذه الصناعة ومنها نيولود هوليود وبوليود ، ولكن بصبغة أصيلة منفردة متسارعة مقتدرة وحالمة، فالحالمون دائما يصنع لهم مقعد جديد في المقدمة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *