ثقافة

عزف الوتريات بأنامل النواعم حالة عشق قوامها الإحساس

بقلم- أميمة الفردان
المقدمة:
في الوقت الذي اعتاد فيه كثيرون كلمة “عازف”، يبدو أنه قد حان الوقت لتذييل الكلمة بتاء التأنيث المربوطة بأنامل العازفات. ولأن العزف على الآلآت الموسيقية يختلف بإختلاف نوع الآلة، الأمر الذي حمل كثيرات على تنويع العزف على أكثر من آلة، تدخل أغلبها ضمن تصنيف الآلآت الوترية، التي تُعد من أصعب الآلآت، حسب رواية كلاً منهم، فيما اتفق كثير من العازفين على أن الآلة الوترية برغم صعوبتها؛ إلا أنها الأب الروحي لكل الأنماط الموسيقية.
البيانو نقطة الإنطلاق الأولى:
يأتي تعلم العزف على آلة البيانو، عبر مفاتيحه الظاهر للعازف، التي تُسهل حفظ الحروف الموسيقية، كما أوضح خالد الشريف الموزع الموسيقي؛ والتي كانت بالنسبة له الطريقة الأمثل للتعلم، ومقابلتها بالأوتار التي تُصدر نفس النغم على آلتي العود والكمان التي يتقن الشريف العزف عليهما، خاصة وأن بدايات تعلم العزف لم تكن مفورشة بالورود، وكانت تعتمد كلياً على شغفه بالموسيقى، الأمر الذي حمله لتعلم العزف من خلال الإستماع اولاً ثم المحاولات المتكررة لعزف المقطوعات التي أحبها.
وفيما يعتبر العزف مرادفاً لفن هو فن الإستماع للموسيقى بالدرجة الأولى، قبل أن يقترن بالغناء، الذي يعد سيد الموقف عند العرب، كان حضور الأذن الموسيقية عند هبة عارف، البالغة من العمر 25 ربيعاً ، وإستماعها للموسيقى الكلاسيكية، لكبار المؤلفين الموسيقيين من أمثال بيتهوفن وموزارت، أمراً ساعدها على حفظ المقطوعات وإمكانية عزفها على البيانو الذي تعتبره من الآلآت الكلاسيكية “وهو موجود لهذا النوع من الموسيقى ومرتبط بها دون غيره من الآلات”، كما أوضحت عارف.
شغف هبة بالموسيقى، حملها على تعلم العزف على البيانو، لسهولة تعلمه؛ إلا أن صعوبات العزف بالنسبة لحداثة سن هبة؛ في ذلك الوقت، جعلها تلجأ للدروس الخصوصية، فيما حملها إعجابها بعازفات الغيتار، من أمثال شريل كرو، وسارة مكلاكلن، وشارون اسبن؛ الأمر الذي أثار فضول عارف وحملها على الإستعانة بغيتار خالها، قبل أن تقرر شراء أول غيتار خاص بها، لتبدأ رحلة الألف ميل بعد أن استفادت من دروس البيانو الأولى.
عزف الوتريات وصعوبة إتقانها:
تجاوز صعوبات تعلم العزف يرتبط لحد كبير بأصالة الموهبة، وهو ما يبدو واضحاً في حالة أضوى الدخيل التي بدأت العزف على الجيتارفي التاسعة من عمرها، بعد أن أحضر لها والدها أستاذاً متخصصاً، بواقع درس واحد أسبوعياً، بدأت بعدها بتدريب نفسها ومن خلال المحاولات تمكنت من “إجادة العزف أوصلتها لمرحلة التأليف الموسيقي عبر مقطوعات تم تسجيل أربعة عشر مقطوعة غربية وشرقية لصالح شركة “ليبرا بورد”، منها مقطوعة “كليوبترا”، التي يطغى عليها اللحن المصري.
أضوى التي لبست الستايل الأمريكي في العزف في الأماكن العامة، من خلال دعوة العازفيين في الحدائق العامة في الولايات المتحدة الأمريكية حيث تدرس، مرجعة قبولها للعزف في الشارع لـ “الهدف من مشاركتي لهم أن يعرفوا بأن السعودية لا تخلو من مواهب فنية فقط تنتظر خلق فرصة للظهور”.
هبة عارف لم يمنعها تمرسها على عزف الغيتار من تطوير موهبتها؛ التي بدأت تمارسها منذ وقت طويل؛ كونه الآلة الأسهل والأكثر شعبية، ولأنه في اعتقادها أكثر الآلآت الموسيقية قدرة على تحريك مشاعر الفتاة، بالإضافة لكونه وبإختلاف أنواعه سواءً الـ “DIVERSE” أو المتنوع الـ/genres/styles، “يُمكن عازف الغيتار من عزف الموسيقى الكلاسيكية، والأسبانية، والجاز، والبلوس، والروك”.
الأمر الذي حملها على السفر للولايات المتحدة الأمريكية؛ بهدف الإلتحاق بمعاهد موسيقية، والتخصص في عزف الغيتار؛ بعكس العود والكمان، الذي يقيد عازفه بستايل معين؛ الذي جربت هبة العزف عليهما خصوصاً العود، وأثار رغبة جامحة لديها في تعلم أكثر؛ من آلة وترية ليس آخرها البزق؛ وهو الأمر الذي أكّده العازف محمد عسيري معتبراً أن آلة القانون يعد من أصعب الآلآت الوترية كونه بحاجة “لأصابع لينة وممارسة لا تقل على ساعة تمرين بشكل يومي على أوتاره المرصوصة”.
فيما يبدو أن المشكلة تأخذ بعداً أكثر نعومة، عندما يتعلق الأمر بالعازفات، وهو ما أكدته معاناة عارف من الإلتهابات والتشققات؛ في الأصابع والأظافر الذي يسببه طول وقت التمارين؛ إلا أنه لم يوقف عارف عن ممارسة هواية العزف الموسيقي.
فيما تأتي الممارسة والتدريب كجزء مهم للعازف الذي يريد إتقان العزف على الوتريات، وهو حال العسيري الذي اتقن العزف على أكثر من آلة منها العود والكمان والسمسية موضحاً أن ترديد بعض الأغنيات ومحاولات عزفها مثل أغنية “على بلد المحبوب” التي كان يُطالب بعزفها في الحفلات الخاصة والأفراح التي كان يحضرها، بالإضافة لملازمة الآلة من الأمور التي تساهم في إتقان العزف على الوتريات، ليعود ويؤكد قاعدة أساسية مفاداها “الآلة الموسيقية إذا هجرتها هجرتك”.
العسيري الذي بدأ العزف بين السابعة والثانية عشرة من عمره، على آلة السمسية، قبل أن تأخذه نغمات التطريب الصادرة عن العود، لآفاق أوسع، تنوعت بتنوع ريشة العواد، التي أصبح يُجيد فنون الترييش، حتى “لا يمل المستمع”، موضحاً أن “التنوع في أسلوب الترييش بين الريشة البطيئة والسريعة وسهولة الإنتقال بينهما، والنقرشة التي تأخذ بألباب المستمعين لأشهرعازفي العود، تحتاج لتدريب لا يقل عن 12 ساعة لتطوير مهارة العزف من الذي يريد إتقان العزف على يبد الآلآت الوترية”.
ولأن العزف على آلة موسيقية أياً كانت ليست بالأمر السهل، إلا أنها مرهونة كما أوضح الشريف بإحساس العازف أولاً وموهبته الأصيلة وامتلاكه لأذن موسيقية لا تخطيء النغم، الأمر الذي ربطه الشريف بتأثيره الإيجابي في خلق شخصية قويمة وهو حال غالبية العازفين. الأمر الذي يبدو في إتقان كثير من العازفين والعازفات لأكثر من آلة موسيقية، إثنان منها على الأقل من الوتريات، التي يُصنف عزفها ضمن قائمة الأكثر صعوبة في التعلم.
الشريف الذي بدأ التمرس على العزف في سن الـ12 عاماً، واخترف في بداياته آلة الأورج، قبل أن يلتهمه عالم الوتريات بعوده وكمنجاته بنغمها الشرقي الصرف، الذي يميزها عن البيانو والأورج بنغمها الغربي.
إلا أن ذلك أعطى الشريف فرصة لتطوير عزفه. فيما يبدو الإصرار على تعلم العزف بالرغم من كم المعوقات التي تقف أمام من يريد التعلم، في ظل عدم وجود معاهد أو أساتذة مختصين ؛إلا من حالفه حظ وجودهم في طريقهم، إلا أن توفر بيئة موسيقية بالكامل أحياناً ليس كفيلاً، بتسهيل الأمر على العازف المبتديء وهو ما ينطبق على سماح دمنهوي، التي أخذها عشق الجيتار، لموقع اليوتيوب، منذ ما يقارب الستة أشهر، في تعلم أبجديات العزف على الجيتار الخشبي، مؤملة في الوصول يوماً ما للعزف على الجيتار الإلكتروني والتأليف الموسيقي.
سماح التي عشقت العزف على الجيتار من خلال أخوالها عازفي الجيتار، بحرفية عالية وعمها عازف البيانو؛ إلا أن ذلك لم يشفع لها في تعلم العزف على أصوله، وتعلق ضاحكة “المرات القليلة التي استمع فيها لعوف أياً منهم تصيبني حالة من الإحباط، لروعة العزف وانا لا زلت أحاول”؛ إلا أن إجتهاد سماح ومحاولاتها الحثيثة مكنتها من خلال طول ساعات التدريب بشكل يومي، على إتقان معزوفة هابي بيرث داي، وبعض أغنيات عمرو دياب، فيما تأتي أغنيات أم كلثوم حلماً جميلاً تأمل بتحقيقه يوماً ما.
واو الجماعة أم نون النسوة من الأكثر إتقاناً؟
“الفيصل في إتقان العزف على الآلآت الوترية هو إحساس العازف” بهذه الكلمات لخص الشريف مدى إتقان العزف على الآلآت الوترية بين العازفات والعازفين، فيما أرجع العسيري إتقان العزف على الوتريات عند الفتيات لـ “حالة العشق التي يمكن أن تعيشها الفتاة، الأمر الذي يعطيها إحساس أقوى من الرجل، خاصة إذا ما تعلق الأمر بآلة العود، كونها تأخذ وضعية الإحتضان الأمر الذي يعطي تفوقاً للفتاة بدرجة أكبر عن الرجل في بعض الأحيان”.
كيف تتعلم العزف في السعودية؟
في ظل عدم وجود معاهد أو أساتذة مختصين في هذا النوع من التعليم، وانتشار برامج تدعم إبراز مواهب فنية في مختلف الفنون، ليس آخرها arab’s got talent، يبدو أن عالم الإتصالات والإنترنت، قد فتح الباب واسعاً أمام التعليم الذاتي، عند أصحاب موهبة العزف ليأخذوا على عواتقهم تعليم أنفسهم بأنفسم من خلال برامج على الآيفون تُتيح هذه الخدمة التعليمية، فيما حمل اليوتيوب مقاطع تعليمية للعزف على الآت مختلفة مفصلة بالشروحات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *