سياحة

الوعبة فانتازيا الألوان السحرية ومغامرة التسلق

جده -رانيا الوجيه
تمتلئ المملكة العربية السعودية بتنوع التضاريس ذات المناظر الطبيعية الجذابة، بعضها يتسم بالندرة، من هذه الأماكن “الوعبة” أو” مقلع طميه” كما يطلق عليها محلياً ، المكان يوفر نوعية مختلفة من السياحة، عبارة عن حفرة بركانية هي الأكبر من نوعها في الشرق الأوسط ، يرتادها محبو المغامرة وجمال الطبيعة، تتميز بـ”فانتازيا الألوان السحرية”،
تشكل تحديا للشباب ؛ في النزول إلى أسفلها والعودة، ويتداول السكان روايات عن أسطورة عشق بين جبلين ، تسببت في تكوين الحفرة ، كما أن الشاعر الكبير امرؤ القيس له أبيات شعر عن المكان، كما أن الموقع يعرف بـ”مقصد العاشقين”، حيث يحرصون على زيارة المكان تأثراً بالأسطورة، ويتطلع رواد “الوعبة” والسياح إلى تأهيل الموقع سياحيا من خلال توفير أماكن الإقامة ومطاعم وخدمات ، وتجهيز طريق آمن للصعود والنزول ، وإنشاء تلفريك للعبور إلى جوانب الفوهة.

الأكبر بالشرق الأوسط

تقع فوهة الوعبة في صحراء المملكة على بعد 254 كم من الطائف، على الحافة الغربية لهضاب “حفر كشب” البازلتية ، التي تحتوي على العديد من “المخاريط” البركانية، وهذه الحفرة هي الأكبر من نوعها في الشرق الأوسط ؛ إذ يبلغ قطرها 2 كم وعمقها 250 متراً، لها قاعدة مسطحة ، وتغطيها قشرة سميكة من كريستال فوسفات الصوديوم الأبيض.

نتيجة نشاط بركاني

في إحدى جوانب الفوهة يوجد مخروط الرماد “تل ذو شكل مخروطي” ، هو كل ما تبقى من البركان، وتقع الفوهة في منطقة كانت تتمتع بنشاط بركاني مكثف في الماضي، والسهل الرملي المحيط بها ، هو في الواقع سرير من الرماد البركاني، وفي الجهة الشمالية الغربية من الفوهة توجد تلة عمودية ، هي حافة فوهة البركان الذي انقسم إلى نصفين عند تشكيل الحفرة، ويظهر الرماد البركاني على الحواف بشكل مكثف، بينما توجد في القسم الشمالي من الفوهة أشجار النخيل والعشب الأخضر.

أسطورة العشق

لم تكن هذه الفوهة العملاقة في تكوينها ببعيدة عن الأساطير، التي يتداولها الناس فيما يتعلق بسبب وطريقة تكونها ، كان يعتقد أن الحفرة نتجت بفعل سقوط نيزك؛ لأن مظهرها الخارجي يشبه الفوهات النيزكية بشكلها الدائري وارتفاع جوانبها، لكن العلماء الجيولوجيون يتفقون اليوم على أن الفوهة تشكلت بفعل النشاط البركاني الذي أدى إلى انفجار تحت الأرض ، تولد عنه بخار بفعل اتصال الصخور المنصهرة بالمياه الجوفية، ويرتبط المكان أيضا بالعديد من الأساطير؛ فقد قال عنه امرؤ القيس :” كأن طمية المجيمر غدوة… من السيل والغثاء فلكة مغزل “،
ويتداول السكان المحليون قصة غرامية حول المكان مفادها ؛ أن جبلين أحدهما ذكر اسمه “قطن” والآخر أنثي تدعى “طميه”، وفي ليلة شديدة المطر توهج برق في السماء ، وعكس الضوء جمال جبل قطن شديد البياض ، فلما رأته طميه الجبل الانثي ، اعجبت به وبجماله وقررت الرحيل والذهاب إليه ، فلمحها جبل ثالث اسمه “عكاش”، وقيل اسمه شلمان وهو ابن عمها ، وكان شديد الحب لجبل طميه ، فاطلق عليها رمحه ليصيبها قبل ان تصل لحبيبها جبل قطن ، فسقطت على الأرض مسببة حفرة عميقة وواسعة نادر الوجود على وجه الأرض ؛ فكانت فوهة وعبة أو مقلع طمية ، الذي بات يعرف بـ”مقصد العاشقين”، حيث يحرصون على زيارة المكان تأثراً بالاسطورة.
وتشكل تلك الفهوة العميقة تحديا للشباب ؛ في النزول إلى أسفلها والعودة، حيث يستغرق ذلك عدة ساعات وقدرة واحترافية في النزول والتسلق، ويكتبون على الطين أثناء تسلقهم ، عبارات تحمل التحدي والمغامرة، كما يشكل هذا المعلم نقطة جذب للهواة والسياح الأجانب ، وقد شوهد البعض منهم ينزل الى اسفلها ، ويقضي بها أوقاتاً يصفونها بالجميلة، كما أشار البعض منهم إلى أن هذا الانخفاض عن مستوى سطح الأرض له هيبته وجماله ، خاصة مع الحصول على قطع من الأحجار للذكرى، ويتطلع رواد المكان والسياح الأجانب إلى تأهيل الموقع سياحيا ، من خلال توفير أماكن للإقامة وخدمات ترفيهية ومطاعم، وتجهيز طريق آمن للصعود والنزول للأشخاص العاديين من غير الهواة ، وإتاحة الفرصة للمستثمرين لإقامة مشروع تلفريك يعبرون من خلاله الى جوانب الفوهة .

فانتازيا الألوان السحرية

الزائر للمكان، عندما ينظر إلى الفوهة، ويحدق فيها من الأعلى، يجد نفسه محلقًا في عالم فانتازيا الألوان السحرية؛ فهناك اللون الأبيض في أرضيتها من الداخل، عبارة عن ملح ، وهناك لون أخضر لنخيل وشجيرات تنمو على منحدرات الفوهة، وعند النزول أسفل الحفرة ، تجد الأعشاب الصحراوية وشجر الأراك بالألوان الجميلة، وفانتازيا الألوان لا تنتهي عند هذا الحد؛ فالصخور المكونة لحواف الفوهة ومنحدراتها التي تأخذ شكلاً عموديًا ورائعًا في الوقت ذاته، هي صخور نارية سوداء اللون متكونة من “الماجما “التي يشوبها في بعض تجلياتها احمراراً يتناغم مع جمال الألوان الأخرى.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *