للخيل العربية الأصيلة عُشاق ومحبين ، ينفقون عليها الغالي والنفيس ، حباً وكرامةً لهذا المخلوق الجميل، ولا يقتصر الحب على الإنفاق ، بل من وقت لآخر ، وربما كل يوم، يجتمعون بخيولهم؛ يركضون بها ويخاطبونها ويعاتبونها ؛ ليس لفراغ أو نقص في أهلية ، ولكن حباً وعشقاً لها ،
مدركين أن الله جل جلاله أعز الخيل ، وأوصانا بتربيته رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم ، وحرص العرب من سالف الزمان على اقتناؤه ورعايته ، وأن الخيل على ظهورها وُحدت هذه البلاد على يد المغفور له الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود – طيب الله ثراه – مؤكدين أنهم ادركوا أن أبيات الشعراء العرب القدامى في حب الخيل ؛ أقل ما يقال عن كائن جميل ارتبط بتاريخ وأمجاد وتراث العرب والمسلمين.
أحِبُّوا الخيلَ واصطَبروا عليها
فإن العز فيها والجَمَالا
إذا ما الخيل ضيّعها أناس
ضممناها فشاركت العيالا
نُقـاسِمـُها المعـيشةَ كلَّ يوم
ونُلبِسُها البراقعَ والجِلالا
“البلاد” زارت أهم تجمع لتربية الخيل العربية الأصيلة في جدة ، وتطرقت مع عشاق لها ، للحديث عن مزادات الخيل وطرق التربية ووسائل تسجيل وإثبات نسب الخيل العربية الأصيلة ، وطرق التلقيح وبطولات “الجمال” وكيفية التحكيم فيها ومعايير ” الجمال” والشروط اللازمة لتربية أجمل وأعرق الخيول، والرعاية الطبية والشكوى من جود مستشفى واحد بالمملكة ؛ كائن في الرياض، مختص بعلاجها ، وكذلك التضرر من قلة البيطريين في منطقة مكة المكرمة ، ونقاط أخرى في السطور التالية.
• البداية قبل 10 سنوات
في المرابط التي تكثر بالقرب من قرية “مرسال” شمالي عروس البحر الأحمر، التقت”البلاد” بمالكين للخيول العربية هما الأخوين “عبدالرحمن ومحمد عويدالمالكي “، أكدا أن بداية عشقهما للخيل العربية الأصيلة يعود لأكثر من 10 سنوات ، بشرائهما أحد الخيول الأصيلة، ومن ثم بدأ العشق ينمو شيئاً فشيئاً، إلى أن أسسا مربط “المجد” للخيل العربية الأصيلة، الذي بعد توفيق الله أصبح اليوم يضم نخبة من أجمل وأعرق الخيل العربية الأصيلة.
• أفضل السللات بمرابط”مرسال”
وأضاف عبدالرحمن المالكي أن عشق الخيل ليس له حدود ، ويكفي الحديث الشريف للرسول صل الله عليه وسلم “ما مِن فَرَسٍ عَرَبيٍّ، إلَّا يؤذَنُ لَه عندَ كلِّ سَحَرٍ بدَعوَتينِ: اللَّهُمَّ خوَّلتَني مَن خوَّلتَني مِن بني آدمَ، وجعلتَني لَه، فاجعَلني أحَبَّ أَهلِهِ ومالِهِ إليهِ، أو مِن أحبِّ مالِهِ وأَهلِهِ إليهِ.
ويقول المالكي ، إن الحمد لله الذي أكرمنا بتربية هذه الخيل ، فهي تأخذ منا جُل وقتنا للاهتمام والرعاية بها ، حيث أننا وبشكل يومي نأتي المربط لركوبها ومشاهدتها والعناية بها ، وزيارة المرابط المجاورة لمشاهدة الإنتاجات ومشاركة الإخوان والجيران لمناقشة ما هو مفيد ومتغير في الساحة ، حيث أن منطقتنا تضم العديد من المرابط الخاصة بالخيل العربية الأصيلة ، التي لها باع طويل في إنتاج وإيواء أفضل سلالات الخيل العربية الأصيلة.
• المزادات.. للبيع والشراء
وينوه المالكي إلى أن مزادات للخيل العربية الأصيلة تنظم في العديد من المرابط المشهورة في المملكة ، وأنهم في المرابط القريبة من “مرسال” ينظمون مزادات موسمية للخيول سواء من إنتاجهم أو إنتاج المرابط والمزارع الأخرى أو أحد المربين ، بحيث يكونوا همزة الوصل بين البائع والمشتري ، وتختار لجنة المزاد الخيل المعروضة للبيع بعدد محدود ؛ تبعاً لجودتها وندرة سلالتها ، ويتم تحديد موعد المزاد وتاريخه والإعلان عنه وعن الشروط وطرق التواصل في الصحف ووسائل السوشيل ميديا.
• دور مركز “ديراب”
ويلتقط محمد المالكي خيط الحديث قائلاً إن مركز الملك عبدالعزيز للخيل العربية الأصيلة بـ “ديراب”؛ الجهة المسؤولة في المملكة العربية السعودية عن تسجيل وإثبات نسب الخيل العربية الأصيلة ، وإصدار شهادات وجوازات الخيل ، مضيفاً أن عملية تسجيل نسب الخيل مهمة جداً،
وأن المركز يقدم خدمات عديدة؛ مثل طلبات تصدير واستيراد الخيل من وإلى المملكة ، و دورات تدريبية للملاك لتعريفهم بطرق العناية بالخيل وطرق إعلافها والعناية البيطرية بها ، كما ينظم المركز “بطولات الجمال ” للخيل العربية الأصيلة ، ومتابعتها والإشراف عليها في جميع مناطق المملكة ، بالإضافة إلى العديد من الخدمات التي تخص الخيل وما يتعلق بتربيتها.
• مستشفى”وحيد” بالرياض
ويشير المالكي إلى أن الخيل مثل أي كائن حي ؛ عرضة لـ”التعب” و لأمراض عديدة ، منها ما يقومون بعلاجه بأنفسهم ؛ سواء بالطرق الشعبية أو باستخدام الأدوية والعلاجات الخاصة التي عرفوها مع الوقت والخبرة ، مثل ( المغص ) الذي لا قدر الله يسبب موت الحصان إذا لم يتم علاجه بالطريقة الصحيحة ،
وقد يستلزم تدخل جراحي في بعض الأحيان ، و( الحمرة ) وهو مرض يصيب الخيل في أقدامها ، مما يتسبب بعدم مقدرة الجواد على الحركة ، والعديد من الأمراض الأخرى ، ويقول المالكي إن عدم وجود مستشفى خاص بالخيل في منطقة مكة المكرمة ، يضطرهم لإرسالها للمستشفى الوحيد في المملكة بمدينة الرياض ؛ مما يسبب معاناة للخيل ولملاكها لبعد المسافة وفي بعض الأحيان يفقدونها وهي أعز ما يملكون بسبب طول المسافة ما بين مكة المكرمة والرياض .
قلة البيطريين بمنطقة مكة
كما يشير المالكي إلى قلة عدد الأطباء البيطريين في منطقة مكة المكرمة عامة ، وفي مدينة جـدة خاصة ؛ حيث يبلغ عددهم 3 أطباء بيطريين فقط، مما يشكل عبئاً ثقيلا على ملاك الخيول، ويقسم ظهورهم ، مطالباً الجهات المختصة متمثلة في وزارة البيئة والمياه والزراعة بتوفير مستشفى خاص بالخيل العربية الأصيلة يخدم الخيل التي هي أساس لتوحيد هذه البلاد ، كون نقلها إلى مدينة الرياض للعلاج يشكل عبئاً ثقيلاً عليهم ويعرضهم لفقدانها وموتها .
• التلقيح المباشر و”الصناعي”
ويحدد المالكي طريقتان لتلقيح الخيل العربية الأصيلة ؛ الطريقة المباشرة ( fresh semen’s) ، وتكون بوجود الفحل في المربط أو إرسال الفرس الى المربط الذي يتواجد فيه الفحل ، والطريقة الأخرى استخدام السائل المنوي المجمد (frozen semen’s) والذي يمكن استيراده من أمريكا ودول أوروبا بأسعار مختلفة تبدأ تقريبا بـ 5000 آلاف دولار وصولا إلى 30,000 ألف دولار ؛ تبعاً لجودة الفحل وإنتاجه وسجل مشاركاته في بطولات الجمال ، حيث تساهم هذه الطرق في تحسين الإنتاج وجودته، ويؤكد المالكي : الآن والحمد لله أصبحت الخيل و إنتاجها في بلادنا ذات جوده عالية جداً ، مما أوصلها للبطولات العالمية.
• بطولات “الجمال” بلا دعم
وبحسب المالكي ، تُقام بطولات “الجمال” في المملكة بإشراف كامل من مركز الملك عبدالعزيز للخيل العربية الأصيلة ، وهناك بطولات في كل من الرياض وجدة والأحساء والقصيم والطائف ، وهم بصدد إضافة بطولات في بعض المدن ، ويقول المالكي إن هذه البطولات تفتقد للدعم المالي والمعنوي ، مطالباً الجهات المختصة والشركات بدعمها للحفاظ على جمال وجودة الخيل العربية ، خصوصاً بعد توجه الكثير من أبناء الوطن لإقتناء هذه الخيل والأعتناء بها.
• الفئات ومعايير التحكيم
يقول المربي والحكم الدولي ماجد بن عبدالله المحياوي ، إنه يتم تحكيم الخيل العربية في بطولات الجمال بتقسيمها على فئات ، كل فئة تحكم على حدة ، ابتداء بفئة المهرات عمر سنة ، ثم المهرات عمر سنتين ثم 3 سنوات ، وبعد ذلك الأمهار عمر سنة ، ثم سنتين ، ثم 3 سنوات ، وبعد ذلك الأفراس عمر 4إلى6 سنوات،
ثم 7إلى9 سنوات ، ثم 10 سنوات وأكثر ، وأخيراً الفحول عمر 4إلى6 سنوات ، ثم عمر 7إلى9 سنوات ، ثم 10 سنوات فأكثر ، ويتأهل من كل فئة الأول والثاني للبطولة النهائية؛ وهي البطلة أو البطل الذهبي والفضي والبرونزي ، ويتم تحكيم هذه الفئات من قبل 4أو5 حكام ميدانياً ، ويوضح المحياوي أن كل حكم يمنح الجواد من 1إلى 20 درجة لكل من : النوع والجسم وخط الظهر معا، والرأس والرقبة معا، والقوائم ، والحركة .
• ضروريات لبطولات الجمال
ويقول المدرب والعارض نبيل الصبحي إنه يلزم للمشاركة في بطولات الجمال اكتمال جمال الجواد ؛ من حيث التركيب الجسماني وطول الرقبة وجمال الرأس وإعتدال قوائمه والحركة الجميلة ، مما يمكن الجواد من تحقيق درجات عالية وتأهله للنهائيات ، وذلك يستلزم من المالك الاعداد الجيد ؛ من حيث والأكل الجيد وإعطاء الجواد الفيتامينات اللازمة والتدريب تحت اشراف مختصين والرعاية الطبية الفائقة.