تحقيق

مسلسلات رمضان في ميزان المختصين والجمهور

تحقيق – نوره العمودي
ماراثون الجميع يستعد للحاق به، منافسة شرسة على نسب المشاهدة، أعمال درامية كثيرة، بأحداث أكثر، وشخصيات أكثر وأكثر. يتسابق المنتجون لحشد أكبر عدد من النجوم في أعمالهم، ويتبارى الفنانون لاختيار القصة وعناصر العمل الأقوى، ويسعى الجميع للتصدر بنسب مشاهدة أعلى، وهذا كله للظفر بسباق الموسم الدرامي الرمضاني.
ولكن هناك سؤال مهم يطرح نفسه أمامنا، إذا كان عدد المسلسلات الرمضانية يزيد عن الـ٣٠ عملًا لهذا العام، وعدد ساعات اليوم هي ٢٤ ساعة، فكيف لعقل المشاهد أن يستوعب كثافة هذه الأعمال؟! ولو افترضنا أن عقله سيستوعب، فمن أين له بأيام عدد ساعاتها أكثر؟!
في هذا التحقيق نستطلع آراء مختصين حول تقييمهم لدراما رمضان وأسباب التنافس في هذا الشهر، كما نستطلع رأي الشارع حول العزوف أو الإقبال على مسلسلات رمضان، وأسباب ذلك.
دون المستوى
يرى المستشار والمخرج مجدي القاضي أن الأعمال على شاشتي القناة السعودية الأولى وقناة SBC دون المستوى المنشود وأقل من المقبول، وتشعر وكأن شهر رمضان جاء فجأة ليتم تنفيذها دون أن يكون هناك عام كامل وفرصة للتخطيط وحسن التنفيذ، وكأنها أيضًا مجرد مهمة تُنفذ ليؤخذ عليها مقابل مادي آخر العمل.
غياب الضمير
ويضيف أننا نفتقد للضمير الإعلامي الإنتاجي الصحيح؛ فالأعمال اليوم لا تخرج عن إطار الإسفاف والتهريج، والأفكار والشخصيات المكررة، وتفتقد للإبداع الذي وإن وجد يكون في الصورة، لا المضمون. والتركيز يتمحور حول الظهور الرمضاني فقط دون المحتوى.
التلفزيون السعودي
ويوجه القاضي بأن التلفزيون السعودي من المفترض أن يُتابع من كل وجهات العالم، لأن هذه هي قيمة المملكة العربية السعودية ومكانتها، ونحن اليوم نواجه النقص في إعلامنا السعودي الذي ينفر المشاهدين على عكس القنوات الفضائية الأخرى.
مجدي القاضي: الأعمال دون المستوى المنشود وأقل من المقبول
“سخافة وتهريج”
ويدعو لضرورة الالتفات وملاحظة الفرق بين برامج المسابقات والفوازير القديمة والحالية، ويصف ما يُعرض حاليًا على الشاشة السعودية بـ “السخافة والتهريج”، ويتساءل: أين المسابقات الرمضانية الهادفة التي تقدم المعلومات الحقيقية؟
ضياع الوقار
ويتأسف القاضي على ضعف الأعمال وما أسماه “ضياع الوقار”، ويقول إن ما نراه اليوم لا يمت للإعلام السعودي بصلة! قد يكونا المنتج والمنتج المنفذ سعوديان، والباقي “كلام فاضي”.
ويقول متحسرًا: لم نقضِ العمر في خدمة الإعلام لنرى في النهاية هذه الأعمال، وإن قلبي ينزف دمًا على إعلامنا، فلا نجد مسرح ولا سينما ولا أعمال درامية أو برامج مميزة.
تجربة شخصية
ويعود مجدي القاضي ليقول: لقد قدمنا عمل وظُلمنا فيه اسمه “شخصيات من داخل سور جدة” بالتعاون مع د. هند باغفار، وهو يتحدث عن مهن حرفية في القرن ١٤، وقائم على مادة علمية تراثية أثرية و ٨٥٪ من فريق عمله سعوديين، وكان المفروض أن يُعرض في رمضان الحالي، ولكن تم رفضه من التلفزيون السعودي، ويتساءل: إذًا نحن نفتقد للدعم والتشجيع من بيتنا (التلفزيون السعودي)، فإذا طُرد الإنسان من بيته.. لأين ولمن يذهب؟
كوادر وطنية
ويدعو للالتفات للأعمال الدرامية السعودية، ويتساءل: انظروا كم شخص سعودي موجود فيها؟
ويكمل: في ظل رؤية حبيبنا وقائدنا محمد بن سلمان، إن الإعلام هو الوسيلة الإيجابية الوحيدة لتنمية الدولة، فهو القادر على بناء أو هدم أي دولة كانت، ورؤية ٢٠٣٠ لابد أن نصل لها بجهد وعمل من كوادر سعودية.
انحدار مستمر
ويقول المستشار الإعلامي كمال عبدالقادر متأسفًا: في كل عام المسلسلات والأعمال الرمضانية تنحدر درجة بعد أخرى، ولكن في هذا العام انحدرت أكثر من درجة، وهي لا ترقى لذائقة المشاهد.
العاصوف انزلق وهايبرلوب الأسوأ
ويتطرق بالحديث لمسلسل “العاصوف”؛ نظرًا لانتشاره حاليًا، ويقول إنه انزلق فنيًا في متاهات ليس لها علاقة بالعمود الفقري للعمل الأساس المراد تقديمه للمتلقي أو المشاهد.
وينوه على وجود الأخطاء الفنية الكثيرة، والانزلاق في التفاصيل الكثيرة المهمة، ويستغرب أن تفوت مثلها على ناصر القصبي!
وفيما يخص “هايبرلوب” فيقول أنه من أسوأ الأعمال الرمضانية، و”مجموعة إنسان” يتوقع أنه انزلق انزلاقًا رهيبًا، وعن الأفضل فيقول أنه ربما لا يكون هناك جيدًا سواء “من الصفر” وبرنامج “الراحل”.
كمال عبدالقادر: «العاصوف» انزلق في متاهات و»هايبرلوب» الأسوأ
تأخر تعميد الأعمال
ويرى الممثل محمد المنصور أن الضعف في إنتاج الأعمال السعودية يعود إلى التأخر في تعميد الأعمال الدرامية، حيث من المفترض تعميد التوقيعات للأعمال مع مطلع السنة الهجرية؛ ليكون هناك متسع كافٍ من الوقت لإعطاء العمل حقه وإظهاره على أتم وجه.
كما يؤكد على ضرورة إنهاء الأعمال في شهر شعبان ليتم الاستعداد لها والتجهيز الكامل، بدلًا من أن ينشغلون بسرعة إنهائها مع قرب رمضان وتقع الكثير من الأخطاء.
ويقول إنه ضد عرض المسلسلات بعد المغرب مباشرة في شهر رمضان، ويوصي بعرضها في حدود الساعة ١٠ مساءً وما بعدها، حين يكون المشاهد مستعدًا للمشاهدة.
محمد المنصور: يجب إنهاء الأعمال في شعبان للاستعداد والتجهيز
جذب المشاهدين
ويعتبر المخرج والمنتج التلفزيوني حامد الغامدي أن رمضان هو موسم الجذب الكبير للمشاهدين بالنسبة للمنتجين، فهو الشهر الذي تتجمع فيه الأسر والعوائل في البيوت ليتابعون الأعمال الرمضانية خاصة في فترات بعد الإفطار وأوقات السَمر، فيتم حصد نسب المشاهدة العالية، وهذه النسب تكون غالبًا عالية لجميع القنوات، ولكنها تختلف من قناة لأخرى حسب ما تُقدم.
موسم إعلاني
ويضيف أن كل قناة تسعى لكسب أكبر عدد من المشاهدين من خلال البرامج والمسلسلات، ودائمًا ترتبط نسب المشاهدة بنسبة الإعلانات التي ممكن أن تحصل عليها القناة، فرمضان أيضًا هو موسم إعلاني للشركات فيتسابقون على إنتاج الإعلانات الجديدة.
سباق رمضاني
ويرى الغامدي أن رمضان أشبه بـ”السباق” يسعى الجميع للكسب من خلاله؛ القنوات الفضائية تتسابق على نسبة المشاهدة العالية والدخل الإعلاني، والمعلنين يتسابقون على الكسب من الإقبال على منتجاتهم، ورمضان هو شهر الخير على الجميع حتى من ناحية الإنتاج، كما أن معظم القنوات تضع ميزانية إنتاج ضخمة لموسم رمضان وأحيانًا تضاهي ميزانية السنة كاملة.
الاستطلاع
وفي استطلاع تم إجراؤه على عينة من المشاهدين للأعمال الدرامية الرمضانية جاءت النتائج كالتالي:
٦٥٪ لا يفضلون متابعة المسلسلات في رمضان بينما شكّلت نسبة الإقبال عليها ٣٥٪.
-وكانت أبرز دوافع العزوف عن المسلسلات كالتالي:
الاهتمامات اختلفت
تقول رؤى جمال أن الناس لم يعودوا يتعاملون مع مسلسلات رمضان كما كانوا يفعلون سابقًا، الحياة تغيرت والطقوس اختلفت، وأصبح هناك العديد من الأنشطة التي من الممكن أن يمارسها الشخص غير الجلوس أمام التلفاز لمشاهدة المسلسلات، فانشغال الناس على سبيل المثال بممارسة الرياضة والاهتمام بالجمال والصحة، ومشاريعهم الخاصة والحرص على أن يكونوا منتجين وليسوا مستهلكين فقط؛ كل هذا يشغلهم، مما له دور كبير في ابتعادهم عن المسلسلات في رمضان.
محتوى فارغ
ويرى “متعب” أن لا داعي لها، والمحتوى فارغ وغير مناسب، وتلهي عن طاعة الله في الشهر الكريم.
نشاط فاشل
وتعبر جمانة عماد أن متابعة المسلسلات في شهر رمضان نشاطًا فاشلًا، فهذا الشهر لابد من استغلاله في التقرب أكثر إلى الله بالعبادات والأعمال الصالحة والخيرية.
قابلة للتأجيل
وتقول لين عقيل إنه من الأفضل مشاهدتها بعد شهر رمضان الفضيل؛ لأنه شهر يأتي مرة في السنة ويفضل قضاؤه بالعبادة وقراءة القرآن، عوضًا عن إضاعة الوقت فيه بالمسلسلات، والتي يتكرر عرضها بعد رمضان مباشرة.
ضياع للوقت
ويرى محمد اللواتي أن معظم المسلسلات الرمضانية مضيعة للوقت والفكر، ويصفها محمد سلطان بالمحتوى غير المفيد، وترى بنان أنها مكررة وكل عام تعاد نفس القصص. وتؤكد مها أننا نفتقد البرامج الهادفة سواء كانت دينية أم ثقافية أو حتى ترفيهية.
-كما جاءت دوافع الإقبال على المسلسلات كالتالي:
علامة رمضانية.. و”جَمعة أهل”
ترى فريدة أن المسلسلات من العلامات التي تساعد على الشعور برمضان، كما تقول سارة العقيل أنها عادة جديدة جمعت الأهل ببعضهم في وقت المشاهدة.
كما تقول بلقيس إنها تقبل على مشاهدتها في رمضان لتتجنب “حرق الأحداث” من الآخرين.
متعة وتسلية
ويصفها ثامر بالنشاط الممتع، ويقول ناظم المبارك هي مسلية إذا كانت في حدود المعقول!
كما يذكر حسان أن سبب متابعته للمسلسلات في رمضان هو إمضاء الوقت والتسلية.
تقسيم الوقت
وتنوه آية يوسف على أنه لا بأس بمتابعة القليل لأن الكثير منها قد يشغل الأشخاص عما هو أهم، فيخسر الشخص كثيرًا ولا يستفيد أو يشعر برمضان.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *