بقلم: منال فيصل الشريف
عندما يصيبنا هم ويتبدل إلى فرح، نردد دائمًا كلمة .. “وأمطرت السماء”، فكلما اشتد الكرب تكون السعادة بزواله أكبر، ومهما تكالبت علينا الهموم تكون رحمة الله أوسع وأرحب، ويكون دومًا بعد الضيق الفرج، وبعد البلاء زوال الغم واستشراف بوادر الأمل.
لكن قبل أن تمطر علينا السماء برحمة الله، لا نرى في الحياة إلا سوادها، تتكاثر علينا سحائب الأحزان، وتذرف أعيننا دَمًا بعد دمع، وتضيق صدورنا وكأننا نتنفس من ثقب إبرة، ونظن ألا شيء يستحق أن نستمر في الحياة، وأن السبل قد تقطعت بنا، وألا مفر أو نجاة من السقوط في دوامة اليأس والألم.
ثم نعود لنتذكر بأننا نسينا قوله تعالى (إن مع العسر يسرًا)، وأن الله سبحانه وتعالى يأتي بالفرح والفرج بين طرفة عين وأخرى، وأن ما ندركه بأعيننا كبشر لا يضاهي شيء أمام قوة الله وعظمته، التي لانهاية ولا حدود لها. ومن أجمل من وصف الهم والفرح الإمام الشافعي رحمه الله، حين قال في إحدى قصائده:
يا صاحب الهم إن الهم منفرج أبشر بخير فإن الفارج الله
اليأس يقطع أحيانًا بصاحبــــه لا تيأسن فإن الكافي الله
أحيانًا لا تعرف سر تعلقك ببشر، ولماذا أودع الله في قلبك محبته، والخوف عليه والتفكير به دومًا وابدًا؛ قد يكون أضاف إليك شيئًا وأنت لا تشعر، أو لديه لغزًا قد حيرك تأويله ولم تكتشفه بعد، وقد يكون ملهمًا لك في التغلب على ضغوطات حياتك، فتجده يرسم ابتسامتك من حين لأخر؛ الأمر الذي يجعلك تتساءل: لماذا هذا الشخص ولماذا لم يكن غيره؟.
في حياتنا نجد أصدقاء يرتبطون بأواصر علاقة قوية، لدرجة إن رأينا أحدهم، نكون على يقين برؤيتنا الآخر في المكان نفسه.؛ ونتساءل ما سر هذا الارتباط القوي؟ وكيف استمرت تلك العلاقة لسنوات طويلة؟. ألم تهزمهم الحياة وتجعلهم يفتقدون متسعًا لبعضهم البعص!.
لم يصادفوا ما يعكر صفوهم أو تُضرم النار وتشتعل بينهم ويفترقوا!. ألم يشكو ذات مرة بأن قلوبهم تغيرت.. وأن الملل تسلل إليهم ولم يعودوا كما كانوا. ألم يسيئوا فهم بعضهم البعض ويشعلون النار في علاقتهم.. حتى تحترق تمامًا وتصبح دنياهم سوادًا، قد يحدث كل أو بعض ذلك؛ لكن الله من فيض رحمته يرسل شخصًا ينقذ ما يمكن إنقاذه.
إن الله سبحانه وتعالى يهيأ للبشر أشخاصًا يذللون لنا مصاعب الدنيا، ويسخر الله الظروف والزمان والمكان، حتى يأتي الفرج على يد هؤلاء الأشخاص الخيرين. “وما يعلم جنود ربك إلا هو”!” وتتبدل كل الأحزان وتتحول إلى أفراح؛ فقط ثق بأن رزقك مقسوم.. و قدرك محسوم .. و أحوال الدنيا لا تستحق الهموم .. لأنها بين يدي الحي القيوم.
يا صاحب الهـم.. ألا ترى أن الهـمّ والْحزن والكَرْب مِحَنٌ في طـياتها مِنَح ؟!.. ثق بأن السماء ستمطر برحمة الله في النهاية.