هل الشتاء فقط بأمطاره وأجوائه هو عنوان للمجاردة٬ ومقصدًا لمحبيها؟، الإجابة لكل من يعرف المجاردة هي: عليكم أن تأتوا إليها صيفًا وشتاءً لتتعرفوا عليها٬ ربما تلك الروائح التي تأتيك من الجبال والأودية بين ليمون وبن وريحان ونعناع هي السر في امتزاج دهشة المكان بالطبيعة.
في الشمال الغربي من منطقة عسير بمسافة (165كم) من أبها تقع المجاردة٬ وتعتبر هذه المحافظة التي تقع على الطريق الساحلي المؤدي للمنطقة الغربية من مشاتي المنطقة لاعتدال الجو فيها، وتجذب طبيعتها الخلابة وأوديتها الجميلة أعدادًا كبيرة من سكان المرتفعات.
مطر وجبال
يرتاد كثير من الزوار المجاردة بحثًا عن الجو الدافئ والمناظر الطبيعية٬ إذ تتنوع تضاريس المحافظة فتجد الجبال الشاهقة والمتوسطة مثل جبال بركوك وتهوى وأثرب وثربان والقوس وريمان٬ وكذلك الأودية المنحدرة منها أودية عبس وختبة والضمو والغيل وخاط وشري والعرضي ونعص إلى جانب الأراضي المنبسطة في جهات أخرى من المحافظة. ويتصف مناخ المجاردة بالحار صيفًا والمعتدل الدافئ شتاء، وتهطل الأمطار على مدار الفصول الأربعة نسبيًا، ويعتدل المناخ في المرتفعات صيفًا، بينما يميل إلى الدفء في المنخفضات.
المنتزهات
منتزهات السليل تقع على طريق المجاردة – خاط على بعد 13كم وهي من المواقع الجميلة المتميزة بأشجار النخيل.
أما المنتزه العام فيقع على طريق المجاردة -خاط – على بعد 7كم، وتمت تهيئته لاستقبال السياح٬ وتتوفر به أماكن الجلوس المظللة وألعاب الأطفال.
الأودية
وادي عبس: ينحدر من بلاد بني عمرو في السراة ويصب ماؤه في وادي يبة الكبير، الذي يصب بدوره في البحر الأحمر.
وادي ختبة: ينحدر من عدة أودية من أغوار بني التيم في السراة ويصب في وادي يبة أيضًا، ويمتد من ختبة مارًا ببني زهير ومملح مع وادي حرية حتى يصب في وادي خاط.
وادي جبل الضمو: ينحدر من أغوار بني تيم ويصب في وادي يبه مارًا بمدينة المجاردة.
وادي الغيل: يعد هذا الوادي من أخصب أودية تهامة بني شهر بأسرها، وينحدر من أغوار النماص ويسيل في وادي خاط، الذي يصب في وادي يبة.
وادي خاط: ينحدر من وادي الغيل وأودية فرعية صغيرة ويصب في وادي يبة عند جبل ثربان من شماله.
وادي الشرى: ينحدر من بلاد العوامر في السراة ويجتمع مع وادي العرضي في بقرة.
وادي العرضي: ينحدر من وادي اثرب ويسيل في وادي شرى ثم في وادي بقرة، كما ينحدر من عدة أودية تنحدر من عقبة ساقين، شعاف تنومة، ويسيل في وادي حلي بني يعقوب.
وادي نعص: ينحدر من شعاف تنومة ويسيل في وادي حلي.
الأسواق الشعبية
اشتهرت المجاردة في الجانب التجاري بعدد من الأسواق الشعبية٬ حيث يجلب إليها التجار كل ما لديهم من سلع لبيعها، ويأتي إليها الناس لقضاء ما يحتاجون من سلع، سواء كانت من داخل المنطقة أو المناطق والقرى المجاورة٬ خاصة العسل والتمور وأنواع الفاكهة المختلفة٬ وكان السوق يستمر من شروق الشمس حتى غروبها، حيث يلتقي الناس فيتعارفون ويتبادلون الأحاديث ويتناقلون الأخبار، وكانت تُحل فيه المشاكل والخلافات القبلية والقروية.
وكان يتم في السوق نشر البيانات وتوجيه الشكر وإعلان الولاء والأحكام على المحكومين وأوامر الحكومة وتنفيذ الأحكام الشرعية كالقصاص وغيره من جلد ورجم، وما شابه ذلك.
وكان السوق أيضًا مجالًا لإلقاء الأشعار والقصص والروايات الأدبية بأسلوب وفن فطري٬ كما يتم فيه عقد المعاهدات والاتفاقيات بين القبائل.
-سوق الاثنين: نسبة الى يوم الاثنين حيث يعقد فيه السوق، وهو السوق الرئيسي لتهامة بني شهر، ويعد مركزًا تجاريًا مهمًا، وملتقى ثقافيًا وقبليًا لمحافظة المجاردة، حيث أنه يتوسط المحافظة.
وكان مرتادو سوق الاثنين يتجمعون قرب صلاة العصر، بسبب وعورة الطريق وعدم توفر وسائل المواصلات الميسرة التي تنقل الناس إلى السوق.
أما اليوم، فقد تطور سوق الاثنين في محافظة المجاردة تطورًا كبيرًا، بفضل ما هيأته حكومة خادم الحرمين الشريفين للمواطنين ومرتادي السوق من خدمات كثيرة، عبر المجمع القروي لمحافظة المجاردة.
-أسواق أخرى، وهناك عدة أسواق أخرى، أبرزها: سوق خبته ويقام يوم السبت٬ وسوق عبس يوم الأحد٬ وسوق ثلوث المنظر يوم الثلاثاء٬ ويوم الأربعاء يقام سوق بارق٬ ويوم الخميس سوق خاط.
الرعي والزراعة
يعمل بعض أهالي المجاردة في رعي الماشية وتربيتها، ومن ثم تسويقها في الأسواق المحلية بالمنطقة٬ أما الزراعة فتشتهر المدينة بالعديد من المنتجات الزراعية المحلية مثل الحبوب بأنواعها٬ والموز والليمون والأشجار العطرية في أعالي الجبال مثل الريحان والبرك والشيح والنعناع٬ إضافة إلى أشجار البن في قمة جبلي ريمان وبركوك ووادي الغي. وهناك بعض المعالم الحضارية مثل سد بني قيس، الذي تم إنشائه عام 1424هـ، ويعد منتجعًا سياحيًا يرتاده الزوار٬ إضافة إلى دوره في مجالات الزراعة، كما تتميز قرية الرهوة بالمدرجات الزراعية على سفح جبل تهوى والمطلة على وادي خاط.
الأدب
يعتبر الأدب في كل بقعة من بقاع الأرض مرآة تتضح من خلالها معالم وسمات هذه البقعة، وللمجاردة تاريخ طويل مع فنون الأدب المختلفة.
شهدت محافظة المجاردة نهضة أدبية وتطرق الشعراء إلى وصفها، لا سيما وأنها تضم بين أرجائها العديد من المراكز والقرى والهجر، فكان شأنها كغيرها من أرجاء الجزيرة العربية، التي غرد أهلها وتغنوا بها شعرًا ونثرًا ورواية، وقرضًا للفنون المتعددة منها الوجدانية والملحمية والقصصية كالمدح والفخر والغزل العفيف.
لذا أقبل أهل المجاردة على سماع الشعر في أسواقهم ومنتدياتهم الأدبية وحفلاتهم الشعبية بنهم وشوق كبيرين، ولذلك نجد أن أسواق المجاردة كانت حافلة بكل ما تجود به أرضهم من خيرات، وما تجود به قرائحهم وألسنتهم من أشعار وآداب، وكان أهم هذه الألوان عندهم الشعر الشعبي النبطي.
الفنون الشعبية: وأهمها شعر العرضة وشعر الخطوة، وفن المقامات الأدبية والرواية القصصية.
البيوت والحصون
تعتبر المجاردة من المحافظات الغنية بتراثها وآثارها، واكتسبت مكانتها التاريخية لكونها تقع على طريق التجارة القديمة٬ فنجد الكثير من البيوت والقرى التي يزيد عمرها على 150 عامًا، وما زالت باقية حتى يومنا هذا٬ وهذه البيوت والقرى مبنية بأشكال هندسية رائعة، متناسقة في الطول والعرض والارتفاع، والبعض منها مكون من دورين أو 3 أدوار، ومن مميزاتها أيضًا المتانة؛ إذ يصل عرض الجدار فيها إلى حوالي متر تقريبًا، كما تمتاز بضيق فتحاتها الجانبية ويغطي سطحها بأعمدة السدر المتينة، ويوضع عليها سعف النخل ثم تغطي بالطين والتراب.
ومن الآثار الموجودة بمحافظة المجاردة الحصون القديمة وتوجد في مناطق عبس وختبة، ومن مميزات هذه الحصون شدة ارتفاعها وضيق مداخلها وفتحاتها، منها ما يكون على شكل أسطواني، ومنها ما يكون على شكل هندسي؛ وهذا يدلنا على براعة أجدادنا في بناء وتشييد الحصون؛ إذ أنها تفيد في كشف مواقع العدو عن بعد.
ومن الآثار القديمة المقابر المنتشرة في طول وعرض المحافظة، وهذه المقابر دليل على أن المنطقة كانت مأهولة من أزمان بعيدة.
وكانت بيوت المجاردة مبنية من الأحجار الصخرية والطين، وكانت الحصون تستخدم كمخازن للحبوب والبذور وتبنى من الحجر، وكانت تستعمل أثناء الحروب التي تنشب بين القبائل في العصور السابقة.
الألعاب الشعبية
كان من أهم الألعاب التي عرفها أبناء محافظة المجاردة والمراكز التابعة لها: لعبة الدابش والمقاحمة والبعية، وغيرها من الألعاب المسلية الأخرى التي تميز كل قرية عن الأخرى.
المجاردة الآن
المتابع لنواحي المجاردة ومراكزها يجد الفارق الكبير بين ما كانت عليه وما هي عليه الآن٬ هناك الآن البيوت والقصور التي تم تشييدها في عهد الخير والنماء، بعد أن عم الخير الجميع، وقد تمت العناية بهذه المباني من حيث التخطيط والتنظيم وإيصال الخدمات الأساسية لهذه المنازل مثل شبكات الكهرباء والمياه كما في المجاردة بارق وادي الغيل، ختبة، خاط، وباقي ربوع المنطقة، ونظرًا لوعورة هذه المنطقة وتضاريسها المختلفة، هجر كثير من السكان الجبال إلى المناطق السهلية، حيث يسهل البناء والمعمار، وشيدوا لهم بيوتًا جديدة وكونوا أحياءً حديثة، وبعضهم بقي وشقت لهم الطرق إلى أماكنهم مثل وادي الغيل، اثرب، ريمان، بركوك وغيرها.
وأصبحت الحصون والبيوت السابقة آثارًا وأطلالًا من الماضي، بعد أن هيأ الله لنا هذا العهد الزاهر، عهد الأمن والرخاء والاستقرار، وكذلك أصبح الحصول على المياه شيئًا ميسورًا؛ إذ تحفر الآبار بطرق علمية، وباستخدام معدات متطورة وبقروض ميسرة من البنك الزراعي، وغيرها من مظاهر التقدم والحضارة ورغد العيش.