وُلد بأحد أحياء جنوب مدينة الرياض عام 1992، وهو الابن الأكبر بين 7 أولاد و 3 بنات، استطاع أن يختم حفظ القرآن كاملًا في عمر 12عامًا. تفوق في دراسته وتميز فيها ورأى نفسه منذ الصغر مرتديًا المعطف الأبيض، لاقيًا التشجيع من والديه وحظي بدعم أساتذته، وبالفعل نجح في الالتحاق بكلية الطب في جامعة الفيصل بالرياض عام 2010، وتخرج منها عام 2016 طبيبًا في الصحة العامة والطب الوقائي، وهو حاليًا أحد قادة مبادرة سلام للتواصل الحضاري.
الانفتاح على العالم
يحكي د. نواف البالي الطبيب المقيم بالطب الوقائي تفاصيل تجربته بجامعة الفيصل قائلًا: كانت التجربة مختلفة ورائعة، فالمعروف عن مجتمع جامعة الفيصل أن معظمه من ذوي وضع اجتماعي أفضل خاصة لكونها جامعة أهلية تهتم بالمعدلات المرتفعة، وطلابها ينتمون لأكثر من 20 دولة حول العالم، وكنت قادمًا في ذلك الوقت من أحد الأحياء الشعبية بالرياض إلى مجتمع جديد ومختلف، وبالتالي كبرت الفقاعة التي كنت أعيش فيها، خرجت بعيدًا عن حدود الدائرة الضيقة من حولي، وساعدتني التجربة في الانفتاح على العالم وتقبل الثقافات الأخرى المختلفة.
الشغف بالتخصص
كما يعتبر أن بداية معرفته بتخصص “الصحة العامة” واختياره للتعمق فيه كانت من خلال تجربة العمل مع إحدى الشركات الاستشارية الكبرى بالرياض، ويذكر: طبيعة العمل كانت تتطلب التعامل مع القطاعات الصحية بالدولة، ولم أكن أعرف شيئًا عن الإدارة الصحية، وهذا ما ولّد لدي الرغبة بالمعرفة والدراية أكثر بالتخصص.
ويلخص مفهوم “الصحة العامة” بكونها كل ما يُعنى بتحسين جودة حياة المواطنين ويساعد على رفع معدلات العمر والارتقاء بالصحة، من خلال الجهود المنظمة والمبذولة من قبل المنظمات والأفراد والمجتمع، مؤكدًا على أن التخصص واسع وتخصصاته الدقيقة أوسع.
الصحة العامة ورؤية 2030
ويستكمل د. البالي عن تخصص “الصحة العامة والطب الوقائي”: التخصص اليوم يمثل واحدة من أهم الركائز التي تقوم عليها رؤية 2030، ويظهر ذلك من خلال استحداث برنامج التحول الوطني في القطاع الصحي وهو أحد البرامج التنفيذية لتحقيق الرؤية؛ يهدف إلى 1) رفع جودة وكفاءة الرعاية الصحية في المملكة بتضافر جهود كافة منسوبي القطاعات الصحية، 2) ورفع معدلات الأعمار من 74 إلى 80عامًا 3) وتقليل معدلات الإصابة بالسمنة والتدخين وتعزيز السلامة المرورية.
تحد كبير
برنامج التحول الوطني في القطاع الصحي يهدف لرفع الجودة بتضافر جهود كافة منسوبي القطاعات الصحية
كما يصف تجربة العمل التي دامت لمدة عام و 9 أشهر مع مكتب تحقيق الرؤية بوزارة الصحة بـ”الثرية والممتعة”، ويضيف: من خلال تجربتي وضحت لي أهمية التخصص وكونه ركيزة أساسية من منطلقات رؤية المملكة 2030.
ويستطرد: نموذج الرعاية الصحية يجعلنا اليوم نحاول أن نستبق المرض قبل حدوثه، ونركز على مسببات الأمراض على الشخص السليم، ونعمل على تحويل العملية الطبية من علاجية إلى وقائية، وبكل تأكيد التحدي أمامنا كبير ولكن الطموح عالي من أجل تحقيقه.
دعم وزارة الصحة
وبحسب د. البالي، وزارة الصحة تدعم وتشجع الإقبال على تخصص الصحة العامة والطب الوقائي، وتسخر الكثير من الجهود في سبيل الانتفاع به؛ من أجل تحقيق أهم مستهدفات برنامج التحول الوطني في القطاع الصحي.
ويؤكد على أهمية الصحة العامة دون الانتقاص أو التقليل من شأن التخصصات الأخرى قائلًا: إن طبيب الصحة العامة تركيزه يشمل كل فئات المواطنين بالمجتمع، بعكس الأطباء في التخصصات الطبية الأخرى؛ فغالبًا ما يكون تركيزهم منصب على فئة معينة.
الأعداد قليلة والطموح كبير
كما يفسر سبب قلة أعداد المقبلين على التخصص لكونه أحد التخصصات الحديثة، التي بدأت من خلال برنامج التدريب المشترك لطب المجتمع بجدة عام 2009 وتحول لمسمى “الطب الوقائي” في 2017.
ويضيف: إن الأعداد قليلة ولكن طموحنا عالي ومتفائلين جدًا بزيادة معدل الإقبال على التخصص في ظل رؤية المملكة 2030 التي ستتطلب توسعًا أكثر، وستحتاج إلى مزيد من الجهد والتشجيع منّا، خاصة وأننا لا زلنا في مرحلة البداية.
وفيما يخص الفرص المتاحة للعمل في مجال التخصص يذكرها على سبيل المثال لا الحصر: وزارة الصحة، المجلس الصحي السعودي، المركز الوطني لمكافحة الأمراض والوقاية منها، مديريات الشؤون الصحية بالمناطق ومجلس الصحة لدول مجلس التعاون.
سلام للتواصل الحضاري
وفيما يخص كونه أحد قادة مبادرة “سلام للتواصل الحضاري” يقول د. البالي عنها: هي إحدى المبادرات التابعة للجنة الوطنية لمتابعة مبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود – رحمه الله – للحوار بين أتباع الأديان والثقافات.
تعمل المبادرة على عدة مشروعات منها إطلاق مبادرة “سلام للتواصل الحضاري”؛ ومن أحد مشاريعها مشروع تأهيل القيادات الشابة للتواصل العالمي، الذي يستهدف سنويًا 60 شاب وشابة من الكفاءات الموجودة بالمملكة، يجهزونهم ويدربونهم على التواصل من خلال تطوير مهاراتهم ويعلمونهم كيفية الرد على الشبهات والقضايا المثارة حول المملكة، ليكونوا مجهزين لتمثيل المملكة العربية السعودية في كافة المحافل الدولية، وكل هذا من منطلق استخدام القوى الناعمة ومهارات الإتيكيت وفنون المحاورة الجيدة، لتكون موائمة لرؤية المملكة والتطور والتحسن الكبيران فيها.
كما يوضح: لتكون أحد قادة مبادرة سلام للتواصل الحضاري؛ لابد من اقتراح وتنفيذ المبادرات التي تعمل على تحسين صورة المملكة داخليًا وإقليميًا وعالميًا.