المشاهير

الدكتورة سميرة إسلام: دعم الرجال كان أكثر من النساء لقضية التعليم الجامعي للفتيات

بقلم– رانيا الوجيه

الدكتورة سميرة إسلام مثال للمرأة السعودية التي وضعت بصمة مهمة في المجتمع وبالتحديد في مجال التعليم الجامعي للفتيات، فهي ابنة البلد المعطاءة التي اعتزت ببلادها، وفتحت أبواب الجامعات السعودية للفتيات بعد مثابرة وإصرار، متجاوزة العقبات التي حاول المجتمع من قديم أن يضعها أمامها. إلى أن تحولت المرأة التي كانت كيانًا مستضعفًا مغيبًا إلى كيان صاحب حضور وقوة، يتحلى بالعلم ويرتقى في العمل مع احتفاظه بعراقة الجذور وصلابة النشأة.

تؤمن الدكتورة سميرة إسلام بالدور الأساسي للتعليم والبحث العلمي في تطور الفرد والمجتمع على السواء، ولعل مسيرة حياتها تؤكد بالدليل العملي هذه القناعة الراسخة في وجدانها.

أول دكتوراة

تنتمي الدكتورة سميرة إبراهيم إسلام إلى بيت يضم أمًا وأبًا قالًا لها يومًا إن الإيمان بالحلم هو أساس تغير الشعوب، وأن بالعلم نتغير وتتطور مجتمعاتنا، فانطلقت في رحلة التحصيل العلمي بهمة ونشاط، في فترة زمنية كانت خلالها الفرص معدومة أمام الفتاة السعودية؛ فلم يكن هناك مدارس نظامية ولا جامعات في تلك الفترة تسمح بتعليم الفتيات بالمملكة، ورغم ذلك سكن ذلك الحلم قلبها لتكمل تعليمها ولتكون أول سعودية تحصل على شهادة الدكتوراة على الإطلاق، وذلك من الخارج ثم تبدأ مشوارها في وطنها؛ لتقاتل من أجل أن يسمح للفتاة السعودية بالدخول إلى الكليات الجامعية بشكل منتظم للدراسة حتى تحقق ذلك الحلم.

تجربة الجدة وحفيدتها

ولدت الدكتورة سميرة إبراهيم مصطفى إسلام، رئيس وحدة قياس ومراقبة وأبحاث الأدوية بمركز الملك فهد للبحوث الطبية بجامعة الملك عبد العزيز، في مدينة الهفوف بالمملكة، ووالدتها ولدت في الكويت وهي التي شجعتها في رحلة التعليم, رغم ما واجهته الأم من تجربة قاسية في زمن سابق بـ”الكتاتيب”، تقول دكتورة سميرة إسلام عن ذلك : عانت والدتي من نظام التعليم القاسي في مرحلة الطفولة، حين مرت بتجربة مؤلمة مع إحدى المعلمات في الكتاتيب؛ التي عنفتها بالضرب بالعصا دون سبب واضح إلى أن كرهت والدتي التعليم، وقد تكررت التجربة مع إحدى بناتي بجدة، ولكني تداركت الأمر، وقمت بإرسال ابنتي إلى لندن لاستكمال دراستها، إلى أن أصبحت الدكتورة نغم محمد رمزي درهوس، أخصائية جراحه التجميل في بريطانيا، ومازالت تعيش وتزاول المهنة رسميًا هناك.

أصحاب الفضل

أول سعودية تحصل على الدكتوراة.. وأول بروفيسور في علم الأدوية

من الكتاتيب بين مكة والطائف، انطلقت الصغيرة “سميرة إسلام” في عمرها المبكر، لتتلقى تعليمها الأول بالإسكندرية في مصر؛ ومن هذا المحيط التعليمي بدأ العالم يتفتح بداخلها لتأخذ الحياة بقلب مفتوح وطموح كبير قادها إلى أن تتحول إلى عالمة، وتصبح أول بروفيسور سعودية على الإطلاق وأول بروفيسور في علم الأدوية بين جميع السعوديين نساءً و رجالًا، تقول دكتورة سميرة إسلام : الفضل الأكبر في حياتي بعد توفيق الله, يعود لتربية والداي اللذان زرعا في ذهننا (حب) طلب العلم؛ باعتبار العلم مفتاح تحقيق أي هدف نطمح إليه, ثم الطاعة والانقياد للتعليمات بصدر رحب ورضا نفس. مما أدى إلى نجاحي في الدراسة ابتداءً من الإبتدائي إلى أن حصلت على الدكتوراة. وهناك آخرون ممن لهم الفضل بعد الله ثم الوالدين؛ فعندما كنا ندرس في الإسكندرية ويصدف وجود الملك فيصل –رحمه الله- في مصر، كان يستقبلنا ويقول لنا: (أنا أبوكم لاتروحوا لأبوكم إبراهيم ولا لعمكم صالح، تعالوا لي أنا أبوكم ».

حلم الأب

وتضيف الدكتورة سميرة إسلام: عندما وفقني ربي وسخرني لأكون أول سعودية تحصل على درجة الدكتوراة ولم يكن هناك أي سعودية قبلي حاصلة على درجة دكتوراة في أي تخصص؛ كانت فرحة والدي لا توصف وكان ذلك هدف والداي. وأذكر موقف مؤثر جدًا بعد حصولي على الدكتوراة من الخارج فى شهر سبتمبر 1970وعودتي للوطن فى الشهر التالي أكتوبر, وخلال لقاء صحفي مع والدي سألوه عن شعوره بعدما أصبحت ابنته أول حاصلة على دكتوراة على الإطلاق على كافة السعوديات قال :(الآن أستطيع استقبال الموت بصدر رحب)، وبعد عدة أشهر بسيطة توفى والدي فى شهر يناير 1971، فشعرت بانكسار كبير؛ حيث كان لي السند والداعم.

وتتابع: وفي العزاء بعدما اسودت الدنيا بوجهي، جاءت لتعزيني المغفور لها بإذن الله سمو الأميرة الجوهرة بنت سعود الكبير، وضمتني وقالت لي (حققي ما كان يتمناه والدك).

محاضر بأثر رجعي

حين أرادت تحقيق هدف والدها الشيخ إبراهيم مصطفى إسلام بعد فترة العزاء، اتجهت بالتواصل مع جامعة الملك عبدالعزيز، وتحدثت مع وكيل الجامعة وقتها الدكتور أحمد محمد علي، وطلبت الالتحاق بالعمل في الجامعة بشكل تطوعي وكان لها ذلك.

تقول: لم أسع يومًا لنيل المناصب بل كان هدفي خدمة الوطن والمساهمة في بناء المجتمع. وحين أردت الالتحاق بالعمل كانت الرغبة الأولى هي العمل في الجامعة متطوعة في قسم السكرتارية، لإرسال المذكرات للطالبات في المدن المختلفة منها المدينة المنورة والطائف وغيرها، واستمريت فى ذلك العمل لفترة، ومن ثم أصدر الدكتور أحمد محمد علي قرارًا بتعييني على وظيفة محاضر بالجامعة بأثر رجعي منذ استلامي العمل .مما أكسبني ثقة.

دعم الرجال والقرار المهم

وتشير الدكتورة سميرة إسلام إلى أن: دعم الرجال الذين كانوا في أماكن صنع القرار؛ سهل لي التواصل والمشاورة ومنحني الصلاحيات، التي مكنتني من تحقيق الكثيرعلى سبيل المثال:

الحصول على الموافقة بإلحاق الطالبات بالدراسة النظامية بكافة جامعات المملكة, (الجامعات آنذاك كانت جامعة الملك سعود والملك عبد العزيز والملك فيصل )بعد أن كانت الفتيات يدرسن عن طريق المنازل أو الإنتساب، ويأتين نهاية العام للاختبار. وبالمناسبة كان دعم الرجال لي أكثر من النساء، ولذلك أتمنى أن أرى نساء يدعمن زميلاتهن أو طالبتهن من الفتيات.

مناصب وإنجازات

نجاح المرأة يحتاج الثقة والإصرار والصبر والدقة في العمل

حصلت الدكتورة سميرة إسلام على بكالوريوس في الصيدلة والكيمياء الصيدلية من جامعة الإسكندرية، وماجستير في الصيدلة في تخصص” التحليل الكيميائي الحيوي والتحاليل والمعايرات الاحيائية للأدوية من جامعة الإسكندرية”، كما حصلت على

درجة دكتوراة الفلسفة في العلوم الصيدلية (فارماكولوجي علم الأدوية). في شهر نوفمبر عام 1983.

منذ عام 1401 هـ (1981م) تعمل رئيسة لوحدة قياس ومراقبة وأبحاث الأدوية بمركز الملك فهد للبحوث الطبية جامعة الملك عبد العزيز.

كما أسست وعملت وكيلة لكلية العلوم للطالبات في فرعى الجامعة في مكة وجدة، وتعد أول سيدة تمنح لقب وكيلة كلية بالجامعات السعودية، وهي من مؤسسي كلية الطب ابتداءً من اختيار الهيئة التدريسية والإدارية إلى كامل منشآتها، كما تولت إنشاء وتأسيس برنامج التمريض بكلية الطب والعلوم الطبية.كما عملت مستشارة إقليمية لمنظمة الصحة العالمية.

التقديرات

دكتورة سميرة إسلام تسعى دائمًا لتحقيق أهدافها فهي صاحبة رسالة لمصلحة بنات الوطن ومن أجل الوطن، إلا أنها للأسف لم تنل حقها في التكريم والتقدير بشكل يتناسب مع ما قدمته، وذلك من خلال الاعتراف بدورها في التعليم على مستويات مختلفة؛ من الناحية الشخصية هي مجاهدة وشخصية التي لاتقبل أنصاف الحلول، وربما ذلك ما أثرعليها وعلى فرصها، على الرغم من كونها «تاريخ» وتستحق الكثير.

وصية

تقول دكتوره سميرة إسلام: لأول مره اكتشف تأثير الاستفسار أو السؤال عن المرضى؛ من حيث رفع معنويات المريض وتخفيف ألم المرض عليه، وهناك أحاديث عدة تثبت ذلك. وهذه أول توصية أوصي بها الآخرين؛ السؤال الدائم عن صحة المرضى والاطمئنان عليهم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *