الحوار

الغواص خالد الدهلوي: حادث غرق غير مسار حياتي

حوار – آمال رتيب
من دراسة نظم المعلومات إلى غواص يهتم بذوي الاحتياجات الخاصة؛ ليؤكد أن من حقهم التمتع بأعماق البحار٬ معاناة خاصة جعلت من تجربة الغواص” خالد الدهلوي” منحة تغير مسار حياته وحياة آخرين. نتعرف على تفاصيل تجربته في الحوار التالي.
انتقال
خالد الدهلوي ولد في مكة المكرمة ونشأ وتعلم في مدارس الثغر النموذجية بمدينه جدة٬ تخرج من جامعه روجر وليامز الأمريكية بكالوريوس نظم معلومات٬ وعمل في أحد البنوك المحلية٬ ثم استقال وقرر العمل في مجال شغفه وهو التصوير والسياحة البيئية.
منحة

يقول عن تجربته مع الغوص: شغفي بأعماق البحر٬ أحد روافد السياحة البيئية كان نابعًا من خوف٬ فبعد حالة الغرق التي تعرضت لها تعلمت السباحة، وبعد مشاهدة فيلم “”Airport 77 والدور البطولي الذي لعبه الغواصين في رفع الطائرة الغارقة وإنقاذ الركاب، ثم مساهمتي في إنقاذ ابن خالتي الذي تعرض للغرق في شاطئ كان بفرنسا في الثمانينيات؛ كل ذلك ولد لي عشق لأعماق البحر. وبما أنى إنسان ملول أبحث دائمًا لشغل وقتي بكل ما هو مفيد لعقلي وجسدي٬ وصلت إلى مركز غطاس البحر الأحمر في مدينة جدة، فكانت بداية رحلتي مع غوص “السكوبا” في عام 1990 على يد المدرب علاء إلياس، وحصلت على رخصه مرشد غوص عام 2011 على يد المدربة أمل أبو حمود.
انكسار

ويضيف: في عام 2014حصل لي ظرف صحي تركني شبه عاجز عن الحركة ونزل وزني أكثر من 20 كيلو في غضون أيام. شعرت بالخوف والتردد في قدرتي على الغوص بأمان مرة أخرى. قررت كسر حاجز الخوف بتطوير معلوماتي ومهاراتي في غوص السكوب؛ فالتحقت بدورة عقدت في الغردقة لإعداد المدربين٬ وحصلت على رخصة مدرب غوص سكوبا من منظمه الغوص الدولية “SDI” في عام 2016، على يد المدرب المصري أحمد جبر صاحب أعمق غطسة في تاريخ البشرية والمسجلة في موسوعة جينيس للأرقام القياسية.
أنواع

ويوضح الدهلوي الفرق بين أنواع الغوص بأن: الغوص الحر يعتبر رياضة٬ أما الغوص الترفيهي بمعدات التنفس تحت الماء (سكوبا) سواء الرياضي أو التقني فيعتبر نشاط ترفيهي.
ذوي الهمم
في ذاك الوقت كان هدف الدهلوي تدريب ذوي الاحتياجات الخاصة؛ فهذا قراره الذي اتخذه٬ وبذل جهدًا ليصل إلى تحقيقه٬ يقول عن هذا التخطيط: لم يكن هذا كافيًا كي أتمكن من تدريب ذوي الاحتياجات الخاصة٬ وكان لابد أن ألتحق بدورة تؤهلني للغوص٬ أولًا كزميل لذوي الهمم٬ وبعد اجتيازها كان لابد أن التحق بدورة أخرى تؤهلني بأن أكون مدرب غوص لهم. لم أجد في منطقه الشرق الأوسط مدرب متخصص قادر على تعليمي وتأهيلي كمدرب غوص لذوي الاحتياجات الخاصة. لكن بعد وصول المدرب الألماني يورجن هيتسلير المتخصص في هذا المجال إلى الغردقة انتهزت الفرصة والتحقت بالدورتين٬ وحصلت على رخصة مدرب سكوبيليتي من منظمة الغوص الدولية “SDI” في عام 2017 مع اثنين من زملائي في مصر.
سكوبا

وتطلبت المرحلة الجديدة٬ تغيرًا يقول عنه: كمدرب غوص سكوبا لذوي الاحتياجات الخاصة كان لابد أن أغير طريقة تفكيري من ناحية؛ فهم المتطلبات الشخصية للمتدربين من ذوي الاحتياجات الخاصة، وأيضًا الاعتبارات اللوجستية والمعدات المطلوبة قد تكون مختلفة تمامًا عن طريقه الغوص السائدة.
ويضيف: بدأت بالفعل٬ فكان لي شرف تدريب وتوجيه عدة فئات من ذوي الاحتياجات الخاصة منهم من لديه شلل دماغي وشلل نصفي سفلي، واتطلع لتدريب من لديهم بتر أطراف واضطراب سمع وضمور عضلات وضعف بصر وغيرها من الحالات الأخرى.
مبادرة
وللوصول إلى هدفه كان لابد من مبادرة تعريفية لما ينوي تقديمه٬ يقول: من أفضل الطرق لنشر المبادرة هو مشاركة مجتمعنا لقصص حقيقية ناجحة٬ تخطى فيها “ذوي الهمم” الصعاب عن طريق الإعلام بجميع أنواعه٬ ومن خلال الجمعيات الاجتماعية والهيئات ذات العلاقة في السعودية.
ويؤكد بأن: من لديه الرغبة أن يعيش نمط حياة مختلف وإيجابي سيبحث وسيستجيب لكل ما هو مفيد للجسد والعقل. فالغوص بجميع أنواعه غوص حر وترفيهي رياضي وتقني يحقق ذلك.
دمج
ويتوقع الدهلوي أن تلقى مبادرته استجابة واسعة؛ ويرجع ذلك بما يمتاز به أفراد مجتمعنا السعودي والمقيمين بالتعاون وتقديم يد المساعدة للآخرين. ويقول: لكننا نطمح بدمج جميع فئات ذوي الاحتياجات الخاصة في كل الأنشطة الرياضية المقدمة؛ وذلك بإزالة جميع المعوقات التي تحول بينهم وبين الاستفادة والاستمتاع بجميع الأنشطة بأمان وأريحية٬ معتمدين على أنفسهم قدر الاستطاعة في ذلك. وحتى الآن لا توجد مراكز غوص أو منتجعات سياحية مؤهلة لاستقبال ذوي الاحتياجات الخاصة.
إرث ومستقبل

ويؤكد الدهلوي أن المملكة تستحق أن تكون من أفضل مناطق الغوص عالميًا٬ ويقول عن ذلك: لقد أنعم الله على السعودية بأن تملك أطول ساحل على البحر الأحمر٬ الذي يعتبر البحر الوحيد الاستوائي شمال خط الاستواء. ولنحافظ على هذا الإرث المعتدل مناخه طوال العام٬ وبالتالي يشكل أفضل بيئة لتكاثر الشعاب المرجانية المستقطبة لكثير من الكائنات البحرية.
ويتابع: لزمن طويل كان نشاط الغوص تحت مظلة حرس الحدود، ثم تحت تبعية وزارة الزراعة والمياه والثروة السمكية٬ والذي تغير اسمها لاحقًا إلى وزارة البيئة والمياه والزراعة. وأعتقد أن عدم تطور هذا النشاط بالشكل المطلوب يرجع إلى أن نشاط الغوص ليس من اختصاص حرس الحدود أو وزارة البيئة بشكل مباشر، لكنهما قطاعين مهمين في دعم رياضة الغوص.
محميات
أما عن كيفية تنمية رياضة الغوص٬ يقول الغواص خالد الدهلوي: يمكن تنمية رياضة الغوص وسياحة غوص السكوبا؛ بعمل محميات على امتداد ساحل وداخل البحر الأحمر وخليجي العقبة والعربي ومراقبتها بفعالية٬ وتطوير القوانين التي تحكمها٬ ومعاقبة المخالفين من مشغلين سياحيين ومراكز غوص٬ وكل من تسول له نفسه المساس وتخريب مكتسباتنا الطبيعية. وأيضًا عمل مسابقات يحضرها جميع أطياف المجتمع تخص الغوص الحر، وبذلك نكون قد ساهمنا في تحقيق رؤية المملكة 2030. وأتطلع أن تكون المملكة السعودية قبلة الغواصين من مختلف دول العالم وهي مؤهلة لذلك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *