الفنان جميل محمود أحد رموز زمن الفن الجميل، تميز بإبداعات متنوعة في اللحن والكلمة والصوت، واتسمت أعماله الغنائية بومضات الموهبة الأصيلة المتدفقة والطموح الفني، أعطى من خلال ألحانه وأشعاره وأدائه دليلًا واضحًا على تطور الفن الغنائي، حتى أن المستمع يجد نفسه في نغماته وكلماته وأدائه الجميل، ووصل إلى القمة في عديد من الأغاني منها سمراء وسمار وغيرهما.
ويعتبر”محمود” واحدًا من أهم الأسماء الفنية الرائدة التي تعدّ مرجعًا للفنون الموسيقية السعودية، واشتهرت ألحانه من خلال صوت نجمة الغناء اللبنانية هيام يونس، إلى درجة أصبح بعض العرب ممن أحبها في هذه الألوان يصنّفها بمطربة سعودية. وهو
أول فنان سعودي يظهر في تلفزيون المملكة (أرامكو) عام 1959 ، ثم قدم برنامجًا تلفزيونيًا ناجحًا باسم «وتر وسمر» في التلفزيون السعودي «القناة الأولى حاليًا» استمر لأكثر من 6 سنوات.
نشأته و تعليمه
ولد عملاق الاغنية السعودية جميل محمود في عام 1359هـ / 1940م بحي المسفلة في مكة المكرمة، ودرس في كُتَّاب صَبريه وكُتَّاب حُمصانيه، ثم في مسجد سيدي حمزة بالمسفلة علي يد الشيخ السيد حمود .
بينما التحق بالمرحلة الابتدائية في مدرسة العزيزية وعمره 5 سنوات وكان مقرئ المدرسة، ومن زملاء الدارسة محمد عبد الله سراج وعمر سعيد العامودي وعبد الوهاب عطـار وأحمد أبو ناصف وسعيد بن عمران وغيرهم, ثم التحق بمدرسة تحضير البعثات التي تغير اسمها إلى المدرسة العزيزية الثانوية في حي الزاهر وكان مقرئها كذلك .
وبعدها تلقى دراسته العسكرية في كلية الشرطة بمصر وتخرج منها عام 1377هـ / 1957م برتبة ملازم ثاني، ثم ابتعث إلى الولايات المتحدة الأمريكية ودرس بأكاديمية الشرطة العالمية، ونال من خلالها عدة دبلومات في الرماية ومكافحة الشغب والقيادة والإشراف.
ونال شهادة تعادل درجة الماجستير في مجالات عمله، وعمل في معظم مجالات الأمن العام في أقسام الشرطة وشُعَبْ السجـون والحقوق المدنية والتحقيقات الجنائية والضبط الجنائي والعلاقات العامة, ومن المناصب التي تولاها مدير مرور منطقة الرياض ومدير مرور المنطقة الشرقية ومدير مرور المدينة المنورة ومساعد شرطة منطقة الرياض.
وتقاعد في نهاية عام 1400هـ / 1980م وعمره 40 عامًا برتبة عقيد.
وله من الابناء (سهيل ونزار وعبد الرحيم ومازن الذي توفى إثر حادث مروري وخالد وحازم وتامر ومحمد، وله أيضًا ابنتان.)
الشغف بالفن
شغف جميل محمود بالفن بدأ منذ نعومة أظافره، وكانت فُسح الدراسة فرصة لممارسة هوايته ” الفن”، وقد عُوقب على ذلك كثيرًا بالعصى، ولكن حب الفن قد ملك إحساسه وملأ حياته فسار في الدرب المنشود، فهو يمتلك الصوت والأداء والتلحين بأسلوب متميز سواء في اختيار الكلمات وطريقة معالجتها أو اللحن أو توزيع النغمات، حيث كلها تشترك في إعطاء الجماليات التي تشدك لسماع أغنيته وتتأثر بها.
كان يؤمن بأن الفرصة الحقيقية تأتي لأصحاب الكفاءة، وكان أقوى من أن تعترضه العقبات، فاقتحم مجال الفن بكل عزم وإيمان وثقة بالنفس ليجد لموهبته المكانة اللائقة به بين عمالقة الفن في الوطن العربي. وانطلق كالشهاب ولايزال صدى حنجرته في كل حفل من حفلات أصدقائه. واتصف بجمال الصوت والأداء، وجميل العمق والتصوير، وكان أيضًا محمود الخصال والشيم .
550 لحنًا ونصًا
ولأنه كان يهوى الفن كان يستمع إلى الكثير من الفنانين في تلك الفترة منهم محمد عبد الوهاب وأم كلثوم وصالح عبد الحي وغيرهم، وكان يستمع إلى أغنية أم كلثوم مساء الخميس الأول من كل شهر ويغنيها كاملة في اليوم التالي, وتعلم العزف على آلة العود في القاهرة عام 1378هـ/ 1958م على يد مدرس خصوصي من أصل فلسطيني اسمه محمد عليوه, وتعلم قراءة وكتابة النوتة الموسيقية, ثم تركها لإيمانه أنه أتخذ من الفن هواية لا مهنة. فقد لحن ما يقارب على 500 لحنًا وكتب ما يزيد عن 50 نصًا، ولديه من الأعمال التي لم ترى النور حتى الآن ضعف ما ذُكِرْ . كذلك لحن أغاني للأطفال وللأفراح , كما لحن عدد من الأغاني الوصفية لبعض مناطق المملكة العربية السعودية .
موهبة الشعر
خلال فترة عمله ووجوده في المنطقة الشرقية, اكتشف جميل محمود موهبته الشعرية، فكتب في الفترة بين 1379 – 1381هـ /1959- 1961م مجموعه من الأعمال الغنائية منها : “احترت أنا في الحب، حبيبي الأسمر، أبكي على قلبي، حبيبي أوعدني، ليه خنتني في العهد، مظلوم بهجرك ليه، أول نظره، وبنيت أملي معاك” .