تحقيق

«التخبيب» أسرع طرق تدمير الحياة الزوجية

بقلم– ليلى باعطية
255 ألف قضية تقريبًا؛ عدد قضايا الأحوال الشخصية في أروقة المحاكم السعودية منذ بداية عام 2018 حتى الآن، وتصدرت محاكم الرياض قائمة أكثر المحاكم احتواءً لهذه القضايا تليها منطقة مكة المكرمة، ويعد”التخبيب” بين الزوجين من أكثر أسباب الطلاق وقضايا الأحوال الشخصية، في هذا التحقيق نتناول تعريف التخبيب وشهادات لحالات واقعية تعرضت له، وعقوبته وطرق إثباته والرأي الشرعي فيه، والإجراءات التي يمكن اللجوء لها لمعاقبة المخبب، والعوامل التي قد يستغلها البعض لإفساد الحياة الأسرية بين الزوجين، والطرق الكفيلة بضمان استمرار الحياة الزوجية بينهما وسد الثغرات أمام كل محاولات التخبيب.
تعريف التخبيب
التخبيب هو إفساد الحياه الزوجية، بقلب المرأة على زوجها، والصورة النمطية له هي تودد شخص أجنبي للزوجة وتقربه منها حتى يعكر حياتها الزوجية ويدفعها للطلاق، بغرض الزواج منها أو نكاية أو حقدًا أو لهدف آخر، لكن التخبيب لا يحدث بالضرورة بين رجل وامرأة، فقد ترتكب التخبيب امرأة وتفسد حياة أخرى مثل؛ الحماة التي تفسد حياة ابنها لتزوجه أخرى، أو أم الزوجة التي تفسد حياة ابنتها لتزوجها آخر، أو الصديقة التي تفسد زيجة صديقتها لأي غرض وغير ذلك من الحالات.
شهادة بـ”أم العين”
تقول رقية عبدالمجيد: رأيت المأساة بأم عيني تتمثل في صديقتي التي خسرت كل شيئ بسبب انصياعها خلف “الوهم”، فصديقتي متزوجة ولديها 3 أطفال وتعرفت على رجل بداعي الصداقة وتطور الأمر بينهما ليتفقا بأن تنفصل عن زوجها ليتزوجا، بعد أن لمست فيه الحنان والحب الذي بحد قولها لم تجده في زوجها، فبدأت في افتعال المشاكل مع زوجها وتأجيجها إلى أن وصلت لمبتغاها وقام بتطليقها، وكسب قضية حضانة الأبناء بإثباته إهمالها للأبناء وبيت الزوجية، لتتزوج بعد 8 أشهر بالذي وعدها بالحياة الرغيدة، لتصدم بالواقع المرير وتكتشف بأنها عاشت الوهم وخسرت حياتها الكريمة، واستبدلتها بحياةٍ مع رجل يفتقر للرجولة والأخلاق.
الصديقة الشيطانة
وحكت إحدى السيدات عن تجربة حقيقية حدثت معها من أقرب الصديقات قائلة: “بدأت صديقتي في تحريضي على زوجي والتهويل من أي مشكلة تحدث بيني وبينه، إلى أن ازدادت المشاكل بيننا، ووصلت إلى حد الطلاق، وكنت أستجيب لها ولحديثها باعتبارها الأقرب إلى قلبي؛ بَيْد أني فوجئت بعد فترة بزوجي يُخبرني أن صديقة عمري على اتصال دائم معه، وتقوم بالدور نفسه الذي قامت به معي، وشاهدتُ رسائلها وحديثها معه على “الواتساب”، وأدركت الخطأ الكبير الذي وقعتُ فيه؛ مما جعلني أفضحها في المجلس النسائي، وأبتعد عنها نهائيًا”.

صاحبة تجربة: صديقتي كانت تحرضني على زوجي وتقوم بالدور نفسه معه

أمي خربت بيتي

واعترفت إحدى المطلقات بأن والدتها كانت السبب في طلاقها، وقالت: “إنها دائمًا كانت تُكَرّهُني في زوجي، وتقارن بينه وزوج أختي وما يقدمه لها من هدايا؛ مما جعلني أشعر بنوع من الكراهية والرفض الداخلي له، ومن وقتها والمشاكل بدأت تزداد بيننا، إلى أن انتهت بالطلاق وبطفل لم يتعدَّ أعوامه الأولى”.
رأي الشرع

الشيخ أحمد قاسم الغامدي: التخبيب من المحرمات وكبائر الذنوب

يقول الشيخ أحمد قاسم الغامدي مدير عام هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في منطقة مكة المكرمة سابقًا، ومستشار “مركز علوم القرآن والسُّنَّة”: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ليس منا من خبّب امرأة على زوجها، أو عبدًا على سيده”. ويؤكد الغامدي أن التخبيب يقع فيه الرجل والمرأة؛ سواء كان القصد التفريق بينهما لتشتيت الأسرة لهدف مادي أو اجتماعي، أو بقصد الزواج بإحدهما؛ بَيْدَ أن أكثر مَن يقع فيه هم النساء؛ وحكمه في الشرع يُعَدّ من المحرمات ومن كبائر الذنوب؛ مُحذّرًا من انتشار تلك الظواهر السلبية، التي بموجبها ينتشر التحاسد والكراهية والتباغض بين أفراد المجتمع. ورأى أن التخبيب يؤثر على نظام الأسرة ويُسقط أمانها، وقد يصل الأمر إلى انعزال الأسرة وخوفها من التواصل الاجتماعي مع الآخرين.
عقوبة تعزيرية

المحامي ريّان بن محمد: العقوبة تعزيرية.. واستخدام وسائل إلكترونية يضيف جريمة معلوماتية

يقول المحامي ريّان بن محمد إن وضع المرأة القاسي مع زوجها ليس مبررًا لأن تنساق وراء التخبيب، ولها حق التقاضي في حال كانت غير مرتاحة وتعاني من الزوج، حيث أن التخبيب يعد من الكبائر وصاحبه لا يناله التوفيق أبدًا، والزواج الذي يتم بعد ذلك يكون زواجًا صحيحًا لكن غير موفقًا، ولا يمكن أن تترتب عليه الذرية الصالحة لكونه يعد من الكبائر الكبيرة، وللقاضي تجاه ذلك إيقاع العقوبة التعزيرية المناسبة على الحالة، وتشديدها عند حدوث الانفصال بين الزوجين بسبب تخبيب شخص آخر.
وأيضًا.. جريمة معلوماتية
ويضيف أن استخدام المخبب وسائل إلكترونية لإفساد حياةٍ زوجية قائمة يعد أيضًا جريمة معلوماتية، يتم تطبيق النظام تجاهها حيث تقضي العقوبة بالسجن والغرامة، وفي حال تم إثبات الاتفاق بين الطرفين (الزوجة والمخبب) فإن العقوبة المترتبة على كلاهما تكون عقوبة تعزيرية؛ يحددها القاضي على حسب الضرر الذي نتج عنه، والعقوبة تكون ما بين التعهد إلى السجن والجلد والغرامة.
صعوبة الإثبات
ويشير بن محمد إلى أن “التخبيب” يعد من القضايا صعبة الإثبات، وتختلف القرائن من حالة إلى أخرى بحسب الزمان والمكان، وذلك إما عن طريق الرسائل أو المكالمات أو الوعد بالزواج كإيجاد ورقة بذلك أو هدية ، وقد يكون هناك شهود فتصبح القرائن على ذلك قوية.

مُحرم شرعًا ومجرم قانونًا.. وهدام للحياة الأسرية والعلاقات المجتمعية

امرأة ضعيفة

المستشار الأسري سامي الأنصاري: الحوار والتفاهم يغلق كل الثغرات

وفي هذا الشأن يقول المستشار الأسري سامي الأنصاري إن المرأة الضعيفة هي التي تستجيب للتخبيب، حيث أن الكثير من الزوجات يعانين من أمورٍ عدة مع أزواجهن؛ منها افتقاد الاستماع سواءً لهمومها أو لآرائها أو حتى لما يجري لها خلال يومها، لذلك عندما تجد من يستمع لها تبدأ في الارتياح إليه.
ويردف أن المرأة تستجيب للتخبيب وتنصاع لأسباب كثيرة، تتمثل أول هذه الأسباب في ضعف الوازع الديني، ثم عدم تكافؤ الزواج، وأنها لم تجد ضالتها في هذا الرجل، وعدم مبادلته العواطف والمشاعر والأحاسيس معها، فتذهب للبحث عنها مع شخص آخر، وحتى في حال لم تبحث؛ عندما تجد جزء من هذه المشاعر لدى شخص آخر تبدأ بالانجراف نحوه.
طرق للوقاية
ويشير الأنصاري إلى الأمور التي يريدها كلاً الشريكين من الآخر؛ فالرجل يريد من المرأة الاهتمام، والمرأة تريد من الرجل الاحترام والأمان، وفي حال وُجدت هذه المتطلبات بين الرجل والمرأة سيحيون حياةً سعيدة وجميلة، لذلك يجب على المرأة ألا تنصاع وراء ظاهر الحديث من أي رجل، وعليها أن تقرر بينها وبين نفسها بالذي تريده وتحدد سعادتها وماهيتها وكيفيتها، فهي من يصنع السعادة والحياة الجميلة والراقية بفعل تفكيرها؛ لذلك يجب عليها عدم انتظار السعادة من شخص آخر غير زوحها، وعليها فتح حوار دائم مع شريك حياتها ومناقشة المشاكل أولًا بأول، في جو من الهدوء والتفاهم وتقدير ظروف الطرف الآخر؛ كفيل بمنع تدخل الغير في شؤونهما.

  • ما_جزاء_الزوج_الظالم
  • الخلافات الزوجية
  • الخلافات الزوجية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *