المملكة

سعودية جديدة يقودها ملك حكيم

جدة – أقرأ

تهلُّ علينا هذه الأيام الذكرى الرابعة لبيعة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، حيث انعقدت البيعة لجلالته في الثالث من ربيع الثاني عام 1436 الموافق الـ 23 من يناير عام 2015، وبانقضاء هذه السنوات القليلة في عمر الزمن، تسطع شمس مسيرة ظافرة حافلة بالإنجازات والتغيرات الإيجابية الكبرى؛ عبر قرارات وخطوات حاسمة سواء فيما يتعلق بالسياسة الخارجية للمملكة أو بالشأن الداخلي، بحيث يمكن القول أن نهجًا جديدًا في كل أوجه الحياة على أرض المملكة بدأ يترسخ، ويرتب الأسس المتينة لـ” سعودية جديدة يقودها حكيم العرب” أكثر توافقًا مع التحديات الداخلية والإقليمية والدولية، وأكثر استجابة للتغيرات ومتطلبات العصر، إدراكًا بأن المعالجات والطرق التقليدية لم تعد الأكثر صلاحية لمواجهة التحديات التي تواجهها المملكة في الداخل والخارج.
نجح خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز في تسريع قطار التحولات في استراتيجيات المملكة، وإحداث طفرة حقيقية في أركان البلاد، تحدث عنها القاصي والداني بكل الإشادة والإعجاب، وذلك في خطوات تؤهل البلاد لتكون لتكون أكثر قوة وتقدمًا وازدهارًا في المستقبل القريب، بفضل سياسات جلالته الحكيمة التي اتبعها ـ يحفظه الله ـ منذ مبايعته ملكًا للبلاد.

معايير حاكمة

لبيان التحولات الكبرى والإصلاحات الهائلة والإنجازات الضخمة والاستشراف الثاقب لتحديات وطموحات المستقبل، منذ تولى خادم الحرمين الشريفين المسؤولية لا يكفي “فقط” سرد أرقام صماء عن “مثلًا” عدد المدارس أو المستشفيات أو المساكن أو غير ذلك من المشروعات في مختلف القطاعات – مع عدم التقليل من أهمية كل ذلك-، التي شيدت في عهد جلالته؛ إذ ما أهمية منشآت ومؤسسات في وطن يكتنف الغموض السياسي حاضره أو مستقبله، وما أهمية الإنشاءات في أرض يكمن الأعداء على تخومها، ويتربصون ببشرها وترابها، وما فائدة المباني والبشر يتطلعون إلى متطلبات اجتماعية وثقافية تلبي احتياجاتهم الإنسانية؛ لكل ذلك قبل اللجوء للغة الأرقام “رغم عدم إغفال أهميتها”، ينبغي الاهتمام أولًا بمعايير حاكمة أكثر دلالة وتبيانًا لحجم التحولات والإصلاحات والإنجازات والتوجهات، التي عمل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز على توطيد دعائمها على أرض مملكة الخير، ومن أبرز هذه المعايير؛ الانتقال السلس للسلطة، وحماية الوطني السعودي والأمن القومي العربي، والعودة للوسطية الدينية والاجتماعية والثقافية، وتعزيز دور ومكانة المرأة في المجتمع، ومؤشرات التقدم الاقتصادي وعلاج الاختلالات في الهياكل الاقتصادية، وسنتناول بإيجاز استعراض لمحات لتلك النقاط في المساحة التالية:

الانتقال السلس للسلطة لجيل جديد

لا شك أن المملكة تميزت وتفردت طوال تاريخها بنظام سلس لانتقال السلطة، وفق “نظام البيعة” أبرز الأنظمة ذات العلاقة بانتقال السلطة بين قادة البلاد، وساعد على هذه المرونة أن السلطة بعد جلالة الملك عبد العزيز آل سعود – يرحمه الله- كانت تنتقل في اتجاه واحد هو أبناء الملك المؤسس، إلا أن بعض مراكز الأبحاث ألمحت إلى احتمالية أن تكون عملية انتقال السلطة من جيل أبناء الملك المؤسس إلى جيل الأحفاد مسألة أكثر حساسية من ذي قبل؛ بسبب اتساع دائرة الاختيار في أكثر من اتجاة، بحيث بات ترتيب الانتقال المنظم والسلس للسلطة في المملكة أمرًا بالغ الأهمية للبلاد وللمنطقة والعالم، في ظل التقلبات السياسية الخطيرة والاضطرابات غير المسبوقة التي تعصف بالشرق الأوسط.، وبالنظر إلى الدور الكبير والمؤثر للمملكة عربيًا وإقليميًا وإسلاميًا ودوليًا.
وجاء اختيار صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان وليًا للعهد، وموافقة هيئة البيعة على طلب الأمير محمد بن نايف إعفاءه من منصبه نظرًا لظروفه الخاصة بـ31 صوتًا من أصل 34 صوتًا من أعضاء هيئة البيعة؛ حدثًا تاريخيًا يوفر انتقالًا منظمًا وسلسًا للسلطة لجيل جديد من الأمراء الشباب، وليبرهن مجددًا على الاستقرار السياسي في المملكة وعلى تماسك الأسرة الحاكمة، بما يوفر الوضوح الكافي لمستقبل البلاد، وضمان لاستمرار السياسات القوية التي أطلقها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز – حفظه الله-.
وأشارت دراسات عديدة إلى أن الأمير محمد بن سلمان يمثل المستقبل الشاب للمملكة العربية السعودية، وأن ولاية العهد ستعزز جهود سموه في تحقيق خطوات واسعة على مسارات خدمة بلاده في رؤيتها الوطنية الطموحة.
لقد أضاف الملك سلمان إضافة كبيرة للتاريخ الناصع لتسلسل الحكم في السعودية بانسيابية أكدت مشاركة جميع الأطراف في تقديم مصلحة الوطن قبل كل شيئ.
بالإضافة إلى ذلك قدمت السعودية الشابة نفسها للعالم كدولة فتية تتحرك على كل المسارات بتوازن وثقة واعتدال؛ حيث تواصل مكافحتها ودحرها للإرهاب بشتى صوره، وتتبنى رسالة رائعة لصورة الاعتدال والوسطية في الإسلام كنموذج مبهر لتنشره في العالم، وكذلك تضطلع بدور ريادي في قيادة الأمتين العربية والإسلامية.
نجح خادم الحرمين الشريفين في إنجار ملف من أهم ملفات ضمان أمن واستقرار المملكة والمنطقة وربما العالم، بتحقيق الانتقال المنظم والسلس للسلطة، وضخ دماءًا شابة في نظام حكم المملكة، في وقت تتصاعد فيه التحديات الداخلية والخارجية بالوطن العربي والعالم بأكمله، وقدّم السياسة السعودية بشكل لم تعرفه من قبل، وهو أمر اقتضته حكمة المرحلة والأحداث المحيطة ومتطلبات المستقبل وفق رؤية 2030، خاصة أن صانع ومهندس الرؤية هو الأمير محمد بن سلمان ولي العهد.

حماية الأمن الوطني والقومي

في المملكة ببدايات عام 2015؛ كانت الجماعات الإرهابية” داعش والقاعدة وغيرها”، تمثل قلقًا أمنيًا كبيرًا، وكانت التحديات لا تزال قائمة في المنطقة الشرقية، ولم يتورع نظام طهران الطائفي عن التحريض وزعزعة الأمن هناك، وبعد تولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، الحكم بفترة يسيرة، كانت طهران قد طوقت السعودية وكل منطقة الخليج العربي من كل الجهات تقريبًا؛ طهران موجودة في اليمن عبر الحوثيين، وفي العراق منذ سنوات، وصارت اللاعب الأهم هناك،

الوسطية الدينية والاجتماعية والثقافية

دينيًا؛ تسعي المملكة للتعبير عن وسطية وسماحة الإسلام بنموذج حضاري ينشر الصورة الحقيقية للدين الحنيف، حيث أن للمملكة مكانة روحية خاصة عند قرابة مليار ونصف المليار مسلم، باعتبارها مهبط الوحي ومقر الرسالة الخاتمة وموطن خير البشر والصحابة والتابعين الكرام، وتبذل المملكة جهودًا متواصلة لتحقيق التوازن بين الطبيعة الخاصة للبلاد المستندة على الالتزام بالشرع الإسلامي، وبين رعاية الحقوق والحريات الشخصية وخصوصيات الناس؛ لذلك جاءت خطوات عديدة لتحقيق ذلك مثل التوعية بخطر التطرف، ونشر قيم الاعتدال والسلام، وخدمة قضايا المسلمين والإنسانية في أرجاء المعمورة، والدعوة للسلام العالمي وحوار أتباع الحضارات والديانات، كما جاءت خطوة تطوير”الهيئة”، لإعادة ضبط الاختصاصات وتحديد الصلاحيات والمسؤوليات، خاصة أن التدين مسألة داخلية وسلوك شخصي، أكثر من كونه مظاهر أو ادعاءات قد لا تكون حقيقية، وأنه لا يمكن إجبار الناس على التدين، لكن يجب إجبارهم على التقيد بالقوانين والأنظمة، وقد لاقت إجراءات تطوير”الهيئة” استحسانًا شعبيًا، بما حققته من ضبط للتجاوزات وحماية للحقوق والحريات.
واجتماعيًا؛ تتوالى المبادرات لتعزيز المسؤولية المجتمعية بالنسبة للقطاع الحكومي والخاص على السواء، والباب مفتوح لمزيد من المشاركات للمواطنين في الإدارة والأنشطة في المجالات كافة، والتوجهات واضحة بتصعيد الشباب والمرأة السعودية لتولي أكبر المناصب والمسؤوليات، والدعم ظاهر ومتوال لفتح المسارات كافة أمام إبداع وابتكار السعوديين، خاصة الشباب والنساء، وهناك مبادرات عديدة لرعاية ودعم كبار السن والأرامل وذوي الاحتياجات الخاصة والفئات الأكثر احتياجًا، وفق حزمة من أنظمة الضمان والدعم والرعاية، ويمكن القول باطمئنان أن عهد سلمان أزهى عصور النهوض الاجتماعي والتكافل والتعاضد المجتمعي.
وثقافيًا؛ شهد عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، في المجال الثقافي عددًا من الإنجازات والتطورات كان منها إنشاء مجمع خادم الحرمين للحديث النبوي، والانفتاح الثقافي على ثقافة الآخر واحترامها من خلال امتداد مشروع هذه البلاد في الحوار المتبادل بين أتباع الأديان والحضارات، كما جرى منح تراخيص لدور سينما، وتشهد الحركة المسرحية والفنية عمومًا حراكًا متزايدًا، في إطار قيم وضوابط المجتمع، ولأول مرة تشعر الأسر السعودية بإمكانية الحصول على متطلباتها من الثقافة والترفيه داخل المملكة.

المرأة

كانت المرأة السعودية تستطيع الابتعاث والتواجد في الخارج عدة سنوات، وحضور كل الفعاليات الرياضية والفنية هناك، لكنها لا تستطيع حضور مباراة رياضية في المملكة، وكانت تستطيع استقدام سائقين وعاملين لديها من مختلف دول العالم، لكنها لا تملك قيادة سيارتها، فضلًا عن تجاوزات”الوصاية” عليها أحيانًا، وعديد من التجاوزات الأخرى.
الآن؛ تدور عجلات الإصلاح والتغيير بوتيرة متسارعة، ويضم مجلس الشورى السعودي 30 امرأة بين أعضائه، واستطاعت المرأة بالمملكة الحصول على ثقة الناخبين بالانتخابات البلدية، وتقلدت مناصب كبرى في القطاعين العام والخاص، وتحصل المرأة السعودية يومًا بعد يوم على المزيد من الحقوق؛ تستطيع القيادة وحضور الفعاليات المختلفة، والمجالات الجديدة تفتح أبوابها لها، وأثبتت نجاحها في مجالات متعددة من خلال تنوع وتوافر الكثير من الفرص الوظيفية مثل العمل في محلات بيع الألبسة النسائية والعمل عن بعد والعمل المنزلي ضمن برامج الأسر المنتجة وغيرها، كما كرمت المملكة عددًا من الرائدات السعوديات لتميزهن في عدد من المجالات الطبية والإعلامية والاقتصادية ومن ذوي الاحتياجات الخاصة، وظهرت أعداد من المبتكرات والمخترعات والمبدعات السعوديات اللواتي شاركن في فعاليات عالمية باسم الوطن ويمثلنها بكل اعتزاز، والأمثلة كثيرة على القرارات والخطوات التي خطتها المملكة في جانب تعزيز مكانة المرأة ، في إطار اهتمام القيادة بكل ما يسهم في بناء وتطوير المجتمع والعناية بكافة أفراده على حد سواء، والمستقبل واعد لتنال المرأة السعودية كل ما تتمناه وتتطلع إليه، في ظل قيادة رشيدة تؤمن بدور المرأة في نهضة الوطن وتقدمه.

مؤشرات اقتصادية

تسعى المملكة إلى زيادة الإنفاق في ميزانية العام المقبل 2019 بمعدل 7% ليصل إلى 1.106 تريليون ريال، مقابل تحقيق 978 مليار ريال إيرادات بنمو 11% عن 2018، ليبلغ عجز الميزانية 128 مليار ريال فقط، بدلًا عن 195 مليار ريال تتوقعه للعام الحالي، بانخفاض 34%، بحسب البيان التمهيدي للميزانية العامة للسنة المالية 2019، والذي نشرته الوزارة على موقعها الإلكتروني مؤخرًا.
وتأتي زيادة الإنفاق في إطار السعي إلى تحقيق مستهدفات النمو الاقتصادي وتشجيع القطاع الخاص، في ضوء ارتفاع باب نفقات التمويل والإعانات والمنافع الاجتماعية والمصروفات الأخرى، كحزم تحفيزية للاقتصاد ودعم للمواطنين، إضافة إلى زيادة في النفقات الاستثمارية الرأسمالية من أجل تعزيز ورفع النمو الاقتصادي.
وتهدف استراتيجية المالية العامة إلى خفض معدلات العجز ودعم استدامة المالية العامة والنمو الاقتصادي على المدى المتوسط، على أن يتواصل نمو الإيرادات لتصـل إلـى 1045 مليـار ريـال فـي العـام 2021 بمتوسـط نمـو سـنوي يبلـغ 6%.
كما أن عجز الميزانية بالمملكة انخفض بنحو 31 مليار ريال في النصف الأول من العام الحالي 2018، ليبلغ 41.7 مليار ريال، رغم نمو النفقات بمعدل 26%، وزيادة حجم الإنفاق في ميزانية 2019، سيترجم إلى ارتفاع في معدلات النمو، وهذا يعني زيادة فرض العمل، وارتفاع مستوى الدخل.
وتراجع معدلات التضخم إلى 2.3% خلال عام 2019 من 2.8% في 2018، بحسب البيان التمهيدي لميزانية السعودية، يظهر عدم نية الحكومة خلال العام القادم فرض مزيد من الضرائب أو رفع أسعار الطاقة بشكل كبير، مما سيخفف العبء عن كاهل المواطن السعودي.
وتلتزم حكومة السعودية باستمرار تطبيق المبادرات والبرامج والمشاريع وفقاً لـ “رؤية المملكة 2030″، التي تستهدف تنويع الاقتصاد، وتمكين القطاع الخاص من تحقيق دوره في النمو الاقتصادي، واستدامة المالية العامة، وتحقيق التوازن المالي بحلول العام 2023، أي معادلة المصروفات للنفقات، من خلال زيادة الإيرادات غير النفطية، ورفع كفاءة الإنفاق، واستمرار التقدم في إصلاح إدارة المالية العامة وضبطها.

خلاصة

خلال 4 سنوات من حكمه الرشيد، استطاع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، حماية الأمن الوطني السعودي والقومي العربي، وحاصر تمدد المشروع الإيراني الفارسي ونزع أنيابه ومخاطره، وباتت المملكة في وضع القدرة والفعل وليس الدفاع ورد الفعل، وقطعت البلاد أشواطًا كبيرة في طريق العودة للوسطية الدينية والاجتماعية والثقافية، وأصبحت الأسر السعودية ولأول مرة تشعر بإمكانية الحصول على متطلباتها من الثقافة والترفيه داخل المملكة، وتحصل المرأة السعودية يومًا بعد يوم على المزيد من الحقوق، والمستقبل واعد لتنال كل ما تتمناه وتتطلع إليه، في ظل قيادة حكيمة تؤمن بدور المرأة في نهضة الوطن وتقدمه، والمؤشرات اقتصادية تدلل على تحسن الاقتصاد، وأن السنوات المقبلة ستشهد مزيدًا من التقدم؛ بما يعزز تحسين جودة الحياة ورفاهية المواطن السعودي، في إطار تنويع مصادر الدخل والاتجاه لاقتصاد الاستثمار والتنمية المستدامة، بدلًا من الاقتصاد الريعي، والفرص مواتية لتصبح السعودية قوة كبرى كتفًا بكتف مع القوى العالمية العظمى.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *