المشاهير

فوزي محسون « درويش الأغنية السعودية»

بقلم– رانيا الوجيه
لقب بـ ” سيد الشجن” وهو أحد أعمدة الفن في المملكة العربية السعودية إنه الفنان فوزي محسون، الذي شكل مدرسة فنية مستقلة استقى منها الجيل الغنائي الحالي ثقافته الفني، وأثرى ساحتهم الإبداعية، كما لقبه الموسيقار سراج عمر بـ «سيد درويش الخليج».
النشأة والعمل
ولد فوزي محمد محسون في جدة عام 1347 هجرية الموافق 1925م، بدأ تحصيله العلمي في كتّاب حي الشام بجدة ثم المدرسة الرشيدية التي حصل منها على الإبتدائية، والتحق بمدرسة ليلية وحصل منها على الشهادة الإعدادية، وبدأ حياته العملية في مصلحة بريد جدة التي ظل بها نحو 35 عامًا حتى أحيل إلى التقاعد. وتزوج فوزي ورُزق بـ إبراهيم وخالد وإيهاب بالإضافة إلى ابنتين، وقد حرص الراحل على إكمالهم لدراساتهم جميعًا وكان يجد السعادة في نجاحهم، كما كان شخصًا ودودًا يحرص على إرضاء كل من حوله وبالذات أهل بيته.

كان موظفًا في مصلحة بريد جدة.. وظل بها 35 عامًا حتى التقاعد

قلب مفعم بالحب لجماهيره
امتلك الفنان فوزي محسون ثقافة فنية واسعة جعلته متمكن في المقامات الغنائية والإيقاعات الموزونة المختلفة، التي يندر أن يكون الفنان ملمًا بها كالدانات والمجارير والعدنيات، وكان محبًا لجمهوره ولا يتأخر عن الغناء طوال ساعات الليل ليسعد محبيه وعاشقيه، ولا يمل من ترديد أغانيه التي يلحنها بنفسه لامتاع الحضور في الحفلات بباقات أغاني رائعة قدمت عن طريق الإذاعة والتلفزيون بصورة مشرفة، لأنه صاحب أداء متميز عن غيره من الفنانين وبصمة واضحة جعلته من رواد الغناء الموروث في المملكة.
كان محسون يقضي أوقات ليله يغني ويتمرن ويحفظ من أجل تقديم أغنية متميزة، تمس بالوجدان ولاتمحى من الذاكرة، يستقي اللحن من حياة الناس اليومية، فكانت الأغنية والشعر واللحن أسرية أو شعبية لا يشعر المستمع والمتلقي بنوع من الاغتراب بينه وبينها. يغني بجدية تتخللها ابتسامات وحركات ودودة من قلب مفعم بالحب لجماهيره وعشاق فنه، كان نموذجًا للعطاء فاحترمه الجمهور وسكنت أغانيه القلوب، وكان عام 1380هـ عامًا مثمرًا بالنسبة له، قدم خلاله العديد من الأغاني التي اشتهرت وقدمته كصوت سعودي بارز .
زمن “الاسطوانات”
تمتع فوزي محسون بصوت جميل وأداء متميز. فهو فنان ذكي تميز بأداء الدانات والغناء الصنعاني الأصيل، بدأ مشواره الفني في عام 1370هـ ، وغنى عبر الاسطوانات التي كانت تسمى في تلك الفترة (البيكاب)، ونجح نجاحًا منقطع النظير فأقبلت عليه شركات الإنتاج وتهافتت عليه لتقديم أعماله للناس الذين أحبوه وشغفوا به، تسانده ثقافة وخبرة فنية طويلة، برع كملحن وتغنى بألحانه الكثير من الفنانين أمثال؛ طلال مداح ومحمد عبده وعبادي الجوهر وابتسام لطفي وعتاب، كما ساهم في إبراز بعض الصور الشعبية وقدمها في قالب غنائي يختلف عما كانت تقدم به.
رفقة فنية
كون مع الشاعرة ثريا قابل ورفيق دربه صالح جلال ولطفي زيني وطلال مداح رفقة فنية طويلة، وقدموا من خلالها مجموعة من الأغاني التي رسمت للغناء في الحجاز لونا آخر، واستقى من أستاذه السندي الكثير من المعلومات الفنية والثقافة التي أهلته لدخول المضمار بقوة.
ابن الحجاز والتراث النجدي
ورسمت كلمات أغنياته ملامح ابن الحجاز في الأحياء الشعبية، فقد عبر عن مفردات البيئة الحجازية البسيطة، من خلال الكلمات التي كانت تخطها أنامل الكاتبة ثريا قابل، فالجمل التي كانت يغنيها ويهتم بها محسون لم تكن تخرج عن دائرة الشعبية المفهومة للكل، بالإضافة الى صوته الحنون الذي عشقه الجميع . ولم يكتف بذلك بل امتد في عطائه ليعبر عن التراث الغنائي النجدي من خلال السامريات، التي غناها لخالد الفيصل مثل «بشروني عنك». أما أولى ألحانه فكانت للفنان لطفي زيني، الذي قدمه محسون للساحة بأغنية «نور الصباح» التي لحنها وقدمها للإذاعة السعودية.
أعماله الغنائية
أبرز أعماله هي: «عتبي عليك كله عشم، وسبحانه وقدروا عليك، متعدي وعابر سبيل، قديمك نديمك، حاول كده وجرب، تبغى الصراحة، أسرار، يالي انت بكرة مسافر، روح احمد الله، مس ورد الخد، مهما عني تغيب، ماعشقت غيرك، يانايم الليل الطويل، حيارى، شعاع الصباح، ياحبيبي ياحياتي وياعيوني – دويتو مع طلال مداح- .
أبرز ألحانه
«يالي جمالك، كلام البارحة، روح وفكر، مين فتن بيني وبينك، ياماشي الليل فين رايح، عهد الهوى، لا تصدق أو تامل، عيني يا ولهانة، الهوى لو تمنى، من بعد مزج ولعب، بعد ايه ترسل كتاب، لسى برضه، عشقته ولا لي للراحل طلال مداح وكلمات صالح جلال، «زفوا العروسة، لا وربي» لفنان العرب محمد عبده، «ياطير ماذا الصياح» لابتسام لطفي. «جاني الأسمر» لعلي عبد الكريم، وأيضًا غناء عتاب، «بشروني عنك» لعتاب.
سكنت أغنيات فوزي محسون وألحانه وجدان المتلقي السعودي وجمهور الأغنية في الجزيرة العربية، سواء تلك التي شدا بها بحنجرته الدافئة، أو تلك الأغنيات التي شدا بها كبار الفنانين مثل الراحل طلال مداح وفنان العرب محمد عبده. .
علاقته مع عبد الله ومداح
غنى له العديد من الفنانين مجموعة من أغانيه التي لاقت استحسان الجميع ومنهم الفنان عبدالمجيد عبد الله، الذي قدم له ألبومًا غنائيًا كاملًا، ورسخت هذا الأعمال في ذاكرة الناس وأحبوا عبدالمجيد كثيرًا من خلالها، وكلف إنتاج هذه العمل 16 ألف ريال فقط، وجنت منه الشركة الفنية التي أنتجته أرباحًا طائلة فاقت المليون ونصف المليون ريال، وذلك لما تتمتع به أغانيه من عمق في التعبير افتقدته الأغنية في الوقت الحالي.
أما علاقته بالفنان الراحل طلال مداح، فكانت تربطه به علاقة مميزة، وقدما معًا مجموعة من الأعمال الفنية المتميزة، وكان يمده بجديده دائمًا ، ولهما العديد من الأغاني التي تعد من روائع المكتبة الغنائية.

أغانيه عبرت عن ابن الحجاز في الأحياء الشعبية وعن التراث الغنائي النجدي

 

قالوا عنه
توفي الفنان فوزي محسون عام 1988م.
قال عنه سراج عمر: كان فنانًا كبيرًا ويعتبر سيد الأغنية السعودية، وأول من تغنى بألحانه الفنان طلال مداح، والذي قدم مشوارًا كبيرًا جدًا، وساهمت في بروزه “من بعد ما صار حبك”، إنه أحد العلامات البارزة في الأغنية السعودية.
وقال عنه رفيق دربه صالح جلال: احبه كل الناس لما يتمتع به من خلق وتحلي بالصبر وإحساس بمسؤولية هوايته وفنه، لا يغني مجسًا أو موالًا أو كلامًا هابط المستوى مهما كانت الاغراءات.
وقال عنه جلال أبو زيد: إنه لم يكن فنانًا عاديًا، لقب بسيد الشجن فهو من أعمدة الفن في المملكة ومدرسة مستقلة استقى منها الجيل الحالي العديد من الثقافات التي أثرت ساحاتهم الإبداعية، وكذلك الكبار أمثال طلال مداح وعبادي الجوهر ومحمد عبده وعبدالمجيد عبدالله .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *