بقلم– آمال رتيب
هناك عدد من الإصدارات التي تهم هواة القراءة ومحبي الثقافة٬ بين الرواية والأبحاث والاتجاهات الفكرية٬ ننقل لكم بعضا من هذه الإصدارات التي بلا شك تثري الفكر والمعرفة وتضيف إلى قائمة مكتباتكم..
(اكذوبة الطاقة).. تقييم التنمية البشرية بمنظور إسلامي
عن مؤسسة شمس للنشر والإعلام بالقاهرة؛ صدر كتاب «أكذوبة الطاقة» للكاتبة السورية المقيمة في المملكة العربية السعودية ” ناهد طليمات “.
الكتاب يقع في 112 صفحة من القطع المتوسط، ويتناول من منظور إسلامي فلسفات ومفاهيم “التنمية البشرية” وفروعها، مثل: الطاقة والبرمجة اللغوية العصبية وتطوير الذات والتأمل التجاوزي، ويستعرض آراء كل من الداعمين والرافضين لهذه المفاهيم، حيث أن معظمها لا تعدو أن تكون مجرد فرضيات أو نظريات غير مرتبطة بأدلة علمية، ولم تثبت صحتها في المعاهد والجامعات العلمية المعروفة دوليًا، وتستخدم أساليب وشعارات برَّاقة جذابة مما جعلها تلاقي رواجًا كبيرًا في كافة أنحاء العالم.
وتناقش المؤلفة بشيء من التفصيل أفكار وأساليب وممارسات فروع التنمية البشرية، في محاولة للوصول بالأدلة والبراهين إلى مدى توافقها أو تعارضها مع مبادئ الشريعة الإسلامية.
(تاريخ القراءة).. البحث عن الذات في متون الكتب
في يونيو 2015، تهيّأ المؤلِّف الموسوعيّ ألبرتو مانغويل لمغادرة منزله الريفي القديم في وادي اللوار بفرنسا، ليستقرّ في شقة صغيرة بمانهاتن، وأثناء نقْل مكتبته الشخصية الضخمة، واختياره الكتب التي سيستبقيها أو يخزّنها أو يستبعدها، وجد مانغويل نفسه في حلم يقظة عميق حول طبيعة العلاقات بين الكتب والقرّاء، والكتب وجامعيها، والنظام والفوضى، والذاكرة والقراءة.
وفي إعادة تقييم شخصية لحياته بوصفه قارئًا، يضيء المؤلِّف فنَّ القراءة البالغ الخصوصية، مؤكّدًا الدور الحيويّ للمكتبات العمومية.
إنّ تأملات مانغويل واسعة النطاق، تمتدّ من التأملات الممتعة في مزايا عشّاق الكتب إلى تحليلات المعمَّقة لحوادث الكتب التاريخية والكارثية، ومن ضمنها إحراق مكتبة الإسكندرية القديمة والنهب المعاصر للمكتبات.
بشغف وبصيرة، يشدّد المؤلف على المركزية الكونية للكتب، وأهميتها الفريدة من أجل مجتمع ملتزم ومتحضّر وديموقراطي.
يذكر أن ألبرتو مانغويل مشهود له عالميًا ومترجم وكاتب مقالات وروائي، حازت كتبه جوائز عدة وكانت الأكثر مبيعًا، من إصداراته عن دار الساقي: “تاريخ القراءة”، “مع بورخيس”، “المكتبة في الليل”، “يوميات القراءة”، “الفضول”، وفي الرواية: “عودة” و”كل الناس كاذبون”.
(الأرجوحة) بين الماغوط وبدرية البشر
” الأرجوحة” ليست جديدة كعنوان لرواية عربية٬ فقبل سنوات فتح الكاتب السوري محمد الماغوط مسرحيته المسماة” الأرجوحة” لينقل ذبذبات تقلبات عالمنا العربي في جنون الواقع أو واقع الجنون٬ متنقلا بين السيرة الذاتية والقراءة التحليلية لواقع محفوف بالتأرجح بين هذا وذاك٬ يتأرجح بين الأحدث التي تجعلك مُضطرِبًا٬ تُبكيكْ وما تلبثْ أن تجعلك تُقهقِه عالياً ثُم تعود لتُبكيكْ رُغماً عن أنفِك بلغة شفافة كالشعر وحبكة آسرة، تعيد إلى الأذهان وبقدرة معهودة ومميزة، على رسم الشخصيات، وإبداع متعدد المستويات في بناء الحوار، ينقلك الماغوط من الفيء إلى دارة الضوء الشديد ويمنح حنجرتك صوتًا وقلبك الجسارة التي لطالما خفق لها.،شبه سيرة ذاتية لكاتبها والعديد من القراء٬ تحكي واقِع مرير بطريقة ساخِرة وساخِطة أيضًا.
ومن الدائرة الكبيرة لأرجوحة الماغوط إلى الدائرة الأصغر لأرجوحة الكاتبة السعودية بدرية البشر٬ التي تري عالم النساء متأرجحًا بين حرية منشودة وتقاليد جاذبة٬ الرواية صادرة قبل 8 سنوات٬ في 160 صفحة٬ تحكي قصة 3 سيدات جمعتهن مدينة جنيف لكل منهن قصتها ومعاناتها٬ مريم تقصد جنيف بحثًا عن زوجها الذي تركها في الرياض مع ولدين، وسلوى تلحق بزوجها السابق بعد أن أجبرها أهلها على الطلاق منه، عناب تقرّر أن تعيش لذّاتها في جنيف بعد الاعتداء عليها ومن ثم تزويجها بسائق لم يلبث أن يهجرها، تجمعهن جنيف ببرودتها القارسة وبؤس الحياة الزوجية وبرودتها التي عاشتها كل منهن بطريقتها والبحث عن سعادة محتملة.
في أرجوحة بدرية البشر نشهد ونعيش محاولات البحث عن الحرية ومحاولات اقتناصها، 3 بطلات يعكسن مفهوم الهروب كأحد الحلول لإيجاد الحرية التي ينشدونها، حيث يغادرن بلدنهن السعودية إلى سويسرا، ويجد القارئ للرواية طرحًا لمفهوم الحرية بالنسبة للرجل والمرأة، وما الذي وصلت إليه المرأة في سعيها للتحرر من التقاليد البالية والنظرة الدونية من الكثيرين، وما هو مفهومها للحرية لا سيما أن بعض النساء حاولن تقليد الرجل فيما نظرن إليه على أنه الحرية؛ فالنساء الثلاث تركن موطنهن الأساسي في السعودية واتجهن إلى سويسرا للبحث عن أزواجهن الذين تركوهنّ يقبعن في ظلام الوحدة والبؤس من أجل غايات مختلفة.
أرادت الكاتبة تعميق فكرة تأرجح المرأة العربية في مجتمع ذكوري يمنحها سعادة واهمة في بداية العلاقة ومن ثمّ يتركها تكتب وحدها قصّة معاناة دائمة تتجلّى في حكاية البحث عن الحلم المفقود، وتتكشف شخوص الأبطال الذكورية التي يصور لها أنها نالت الحرية الشخصية، ليتضح بأنها عاجزة عن التصرف بحرية لأن المجتمع بأكمله يفرض قيودًا اجتماعية وتقليدية خانقة.
(الثقافة العربية أمام تحديات التغيير)
المسألة التي تشكل هاجس هذا الكتاب لمؤلفه تركي الحمد هي: كيف يندمج العرب في العصر الحديث ويكون لهم دور إيجابي فيه؟
البداية، كما يرى المؤلف، تكون على مستوى الثقافة وذلك من خلال نسق مختلف للمعرفة يستوعب الجديد ولا يرفض القديم من دون أن يغرق فيه أو يسجن نفسه داخله.
والمسألة مطروحة على قطاعات النخبة العربية كلها كي تقدم رؤاها وفق نظرة منفتحة ليست أسيرة أي دوجما، فالنخبة حين توازن بين الحلم والواقع، وتنتج الأمل انطلاقًا من الألم، تكون جديرة بمسؤولية شق الطريق المرجوّ إلى الخلاص العام.
(أبناء ودماء).. الحقيقة تضل طريقها بسراديب التقاليد
في رصد لواقع عربي ما زال رازحًا تحت مفاهيم الثأر والتخلص من الضحية عوضًا عن مساندتها والتحقق من براءتها٬ فالقتل هو الطريق الأسهل في عقيدة من ينتهجونه لعلاج مشاكلهم٬ وفي 223 صفحة تقع رواية” أبناء ودماء” للشابة السعودية لمياء بنت ماجد بن سعود٬ تبدأ روايتها بجثّة منال التي وُجدت هامدة بعد اغتصابها، وحفاظًا على سمعة العائلة، اتّفق كبارها على الإدعاء أن الوفاة جاءت نتيجة ارتطام رأسها بأحد الأحجار.
أبوها يعرف أنها قُتلت، لكنه يعضّ على الجرح، ويلوذ بالصمت. يعتزل الناس، ويصبح أسير غرفته، ينحت تماثيل تجسّد ابنته الراحلة.
شقيقتها التوأم ليال، ساورتها الشكوك، فقرّرت كشف ملابسات الجريمة ومعرفة الحقيقة، وكانت المفاجأة صاعقةً عندما فتح البستانيّ العجوز قلبه، وحكى ما رآه ليلة مصرع الفتاة البريئة.
لمياء بنت ماجد آل سعود حازت بكالوريوس في التسويق الإعلاني والعلاقات العامة والصحافة من جامعة مصر الدولية بالقاهرة عام 2001، أسّست وأدارت شركة “صدى العرب للنشر”، أصدرت 3 مطبوعات باللغتين العربية والإنجليزية، نشرت مقالات في صحف ومجلات عربية عدّة.