تحقيق

اقرأ قائمة المستفيدين!

بقلم: أميمة الفردان
ما أن يبدأ العام الدراسي؛ حتى تبدأ المعلمات في جدولة الـ ٧٠٠٠ ريال سعودي، هو متوسط الراتب الشهري. لتحديد قائمة المستفيدين منه على مدار العام؛ وفي أحيان كثيرة على مدى الحياة المقدرة لهن، في سلك التعليم العام.
قصة ام غسّان.
يبدو أن قائمة من يقتات على راتب المعلمات؛ تتجاوز متطلبات الحياة اليومية؛ لتلقي بظلال سوداوية؛ على حياة المعلمات؛ عندما يصبح دفع الأتاوة؛ للآباء أو الأزواج امراً ملزماً للمعلمات؛ وثمناً للتعبير عن الحق في الوجود والعيش بشكل طبيعي؛ وهو ما تعانيه أم غسّان الزوجة والأم لخمسة أبناء؛ والتي تنوعت أساليب زوجها لإستغلالها مادياً.
بدءاً بالتسوق في الأعياد والمناسبات وحدها؛ “ليضمن عدم دفع قرش واحد لقائمة المشتريات؛ سواءً ما يتعلق بملابس الأبناء أو مستلزمات المنزل”. ناهيك عن أن مسألة تأثيث المنزل، أو تغيير الأثاث القديم أمر لا يروق للزوج؛ كون الموجود “جيد وجميل” إذا تعلق الأمر بالدفع من جيبه الخاص!
“المناصفة والمشاركة” كلمتين لا تعرف أم غسّان المعنى الحقيقي، لهما في حياتها؛ وهو الأمر الذي يلعب الزوج على حبائلهما؛ ففي رحلات الصيف؛ تجد أم غسّان نفسها تتحمل النفقات بالكامل؛ وهو ما يشكّل لديها هاجساً؛ كلما فكرت في تملك بيت؛ لأن الزوج لا يتوانى عن ترديد أسطوانة المشاركة المشروخة؛ والتي تعرف أم غسّان نهايتها “سأتحمل نفقات البناء بالكامل لوحدي”.
وفيما يبدو أن زوج أم غسّان يتمتع بكثير من السلطة؛ أتاحه له مجتمع القبيلة؛ مغلفاً بإستغلال الضعف الكامل لزوجته؛ كل ما حاولت إنتقاد عدم دفعه لراتب الخادمة معللاً الأمر؛ بعدم طلبه لها ترك المنزل؛ بإعتباره وظيفتها الأساسية؛ والذهاب للعمل خارج البيت.
إلا أن الأمر لم يقف عند هذا الحد؛ بل تجاوزه لمرحلة وصلت حد عدم قدرتها على الإستثمار؛ في حال تقدمها لطلب تقاعد مبكر؛ لإعتبارات قبلية تمنعها من الإستثمار؛ حتى لو أرادت ذلك؛ دون علمه؛ خوفاً من الطلاق؛ الذي يعد أمر غير مرحب به في قبيلتها؛ كونها ستتحمل تبعة أبنائها الخمسة.
عندما تكون المعلمة single Independent

فيما يبدو أن العيش على راتب المعلمة؛ لا يميز بين المتزوجة من غيرها؛ كون الأخيرة ليس عليها تبعة مسئوليات الزوجة والأم؛ إلا أن الأمر ليس بالسهولة ذاتها؛ بل هو أكثر سوءً. فايزة
نجار المعلمة بالمرحلة الثانوية؛ إعتادت منذ ما يقارب العشر سنوات؛ هي عمرها المهني؛ على عمل خريطة ذهنية؛ يتوزع فيها الراتب؛ بين أقساط السيارة؛ وراتب سائقها الذي قد يتخطى في أوقات كثيرة حاجز الـ١٢٠٠ريال؛ لدى كثيرات حسب العرض والطلب.
فيما تأتي الخادمة؛ التي لم تعد ترفيهاً لكثير من المعلمات؛ بسبب العمل المرهق للمعلمة ومتطلباته الكثيرة التي تستهلك الـ٢٤ ساعة؛ بالإضافة لدفع فواتير الهاتف الثابت والنقال والإنترنت؛ فيما يظل البنك أكبر من يقتات على كعكة الراتب المسكين! “يستقطع البنك ربع الراتب؛ بسبب قرض اقترضته؛ لترميم المنزل”.
الصرف على المدرسة!

لا يقف أمر جدولة الراتب؛ عند مسئوليات البيت التي لا تنتهي؛ بل إن الأفق دائماً ما يحمل للمعلمات الشيء الكثير؛ كونهن أكثر من يتمتع بالأمن الوظيفي؛ حتى لمن هن في أدنى السلم؛ الأمر الذي يتم إستغلاله من المدرسة نفسها! فتُعاد الجدولة وفق إحتياجات المدرسة التي لم تخرج عن (٢٠٠) ريال لمدخلة البيانات كل فصل دراسي، ونصفها للخالة التي تم إحضارها بمعرفة المعلمات؛ لتنظيف غرف المعلمات.
في حين لا يحق لهن تسليمها الراتب؛ إلا بمعرفة الإدارة؛ وهو “ما أحدث مشكلة عندما استملت الخالة مبلغ الألف ريال”؛ كون ذلك يتعارض مع أجندة إدارة المدرسة الساعية؛ “لدفع نصف الألف والنصف الباقي تشرك فيه بقية العاملات في المدرسة”. ما يطرح سؤالاً عن ميزانية المدرسة؟ والمسئول عن أجرة العاملات المعينات من قبل إدارة التعليم؟
وفيما تتفاوت حظوظ المعلمات؛ كل بحسب اختصاصها ومتطلباته؛ كما أوضحت نجار أجرة تصوير أوراق العمل؛ لمتوسط عدد طالبات لا يتجاوز الـ١٣٠ طالبه؛ لتقف عند حاجز الـ(٥٠) ريالاً أسبوعياً. وتتأرجح بين الـ (٢٠-٢٥) للإختبارات الدورية. في حين يتم إستئجار طابعة فترة تصوير الإختبارات النهائية، بقيمة ٣٠٠٠ريال لمدة يوم واحد؛ تخصم من جيوب المعلمات المثقوبة.
ويبدو أن مغارات علي بابا المملوكة للمعلمات؛ دون غيرهن؛ فتحت شهية بعض مديرات المدارس لإستغلالهن في تسديد نفقات الصيانه للحمامات من باب “إذا اردتم تصليح الحمامات؛ إدفعوا” !؛ وهو ما ينطبق على صيانة التكييف. ناهيك عن المساهمة في تغطية بعض نفقات الأنشطة المدرسية والحفل الختامي لها؛ كون ” ميزانية الرئاسة لا تكفي”!
ما يطرح تساؤلاً وعلامة تعجب كبيرة؛ حول موردين ماليين بالمدرسة، هما المقصف المدرسي الذي يدر عشر الآف ريال والقرطاسية؛ التي توفر كثير من إحتياجات؛ الطالبات والمعلمات على السواء؟! امام كل تلك الأموال المصروفة؛ من قبل سخرة العصر الجديد؛ لم يبقى سوي باب أعمال الخير والإحسان؛ وهو ما تعمل بعض المدارس بجد؛ في الترويج له بين المعلمات؛ وعقد إجتماعات لتفعيله.
كما أوضحت بعض المعلمات “يحدث أن يطلب منا التبرع لصالح معلمات؛ لديهن مشاكل مالية؛ إلا أن الواقع كانت حينما طُلب منا التبرع لإحدي الخالات؛ لإجراءعملية طفل أنابيب؛ هي نفسها لم تكن تعلم بأنه يتم جمع مبلغ مالي لها؛ قُدر بـ ٥٠٠٠ ريال”. فيما يظل سؤال عالق في أذهان المعلمات: “أين إدارة التعليم من كل ما يحدث؟ وهل للرقابة الإدارية دور فيما تمارسه بعض مديرات المدارس؟”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *