تحقيق

حروب بعد الطلاق لا تنتهي والعفش آخرها

تحقيق- آمال رتيب:
الخلافات بين الزوجين قد لا تنتهي عند أبواب المحاكم٬ أو بالجلوس إلى مستشار أسري لإصلاح ذات البين٬ وبين النفقة وحضانة الأولاد تدور جلسات ما بعد الطلاق أو الخلع أو فسخ عقد الزواج٬ ولكن ما استجد على المجتمع هو الخلاف حول “الأثاث”٬ وأصبحت المحاكم السعودية تشهد هذا النوع من القضايا التي تدعي فيها الزوجة “المطلقة” أحقيتها في الأثاث الذي قد تكون جددته أو شاركت من مالها في شرائه٬ لتضاف إلى حروب ما بعد الطلاق حربا جديدة على “العفش”..
في البداية أوضح الدكتور عبدالله البيومي عضو مجلس إدارة جمعية المودة٬ والمستشار السابق بإصلاح ذات البين أن الخلافات بعد الطلاق عادة ما تدور حول حضانة الأولاد والنفقة٬ وغيرها مما تم التعارف عليه مجتمعيا٬ وقال: أما الخلاف أثاث المنزل وما يحتويه من متعلقات وأجهزة فهو أمر مستحدث لم يعرفه المجتمع السعودي من قبل.
من جهته، ربط المستشار القانوني عبدالرحمن عبداللطيف، بين “حق الزوجة في استرداد الأغراض التي شاركت بها في تأثيث منزل الزوجية” و “الاتفاق قبل الزواج على مبدأ المشاركة بين الزوجين”. واعتبر أن من حق المرأة المطلقة استرداد الأغراض التي شاركت بها في تأثيث المنزل إلا إذا كانت قامت بتغيير الأثاث من باب التبرع سواءً أعلَمَتْ الزوج بذلك أم لم تعلِمه.
وحدد عبداللطيف 3 وسائل لإثبات حق المطلقة في العفش، وهي: الأوراق التي تثبت قيمة المدفوعات، أو اليمين في حال إنكار الزوج، أو إقرار من الزوج نفسه وهذا هو سيد الأدلة. أما الحكم فيكون إما باسترداد الأغراض أو إلزام الزوج بتسديد قيمتها إلى المطلقة.
وأقر عبداللطيف بأن هذا النوع من القضايا يثير استهجان قطاع واسع من المجتمع٬ إلا أن ذلك لا يحول دون وجوده.
مكايدة
استهجان المجتمع لا ينكر وجودها
المستشارة القانونية حنان الوجيه تقول :توجد قضايا كثيرة عند الطلاق٬ منها أن يختلف الزوجان لانهما انفصلا٬ فتريد بعض الزوجات حقها من مقتنيات وأثاث باهظ الثمن قامت بشرائه لتحسين منزل الزوجية فيرفض الزوج معتلا بأنه اتفاق بينهما٬ أو عند رفض الزوج اعطائها ما قامت بشرائه والعكس صحيح٬ فيتحول الأمر إلى المكايدة بين الزوجين لأنهما انفصلا.
إصلاح بينهما
وتؤكد دعاء زهران – مستشارة أسرة – أن الامتثال لأحكام الشريعة أمر لا جدل ولا نقاش فيه٬ قال تعالى((يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ ۖ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ ۚ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ ۚ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ )) وتقول: أوضح الله سبحانه وتعالى حق كل من الزوجين في حال الطلاق٬ وفصل ديننا الحنيف والسنة النبوية كيفية التعامل من بداية ارتباط الزوجين الى اخر مرحلة في الحياة الزوجية فقال تعالى: (( ۚ وَلَا تَنسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ)).
وتوضح زهران: لكن خلال الخمس سنوات الماضية تقريبا تغيرت عِدّة بنود بمحكمة الأحوال الشخصية وأصبحت تساند المرأة وحضانتها لأطفالها بشكل كبير وملاحظ عن السابق٬ أما ما يخص العفش والمسكن فقانونياً للمطلقة التي تقوم بحضانة أبناءها حق المسكن والعفش٬ فواجب الرجل تأمين المسكن والعفش ومستلزماته٬ ولكن في حال طلاق المرأة وليس لديها أبناء فلا يحق لها المسكن ولا العفش٬ إلا برضى واتفاق فيما بينهما٬ فوجود 1000 حالة تقريبا في المحاكم هي نسبة ضعيفة جدا بالنسبة لعدد حالات الطلاق والخلع وفسخ النكاح٬ وفي حالة الطلاق يحق للمرأة المطالبة ولكن في حال الخلع فهي من يقوم باسترجاع المهر والتنازل عن المؤخر٬ وهناك في بعض الحالات يطلب الرجل مبالغ تم انفاقها على الزوجة في سنوات الزواج.
دعاء زهران: 1000 حالة لا تمثل نسبة في قضايا ما بعد الطلاق
وتضيف: أما من جهة اجتماعية فمطالبة المرأة بحقوقها الشرعية أهم من العفش٬ وحقها في حفظ العلاقة السوية المحترمة بينها وبين طليقها ليبقى الود والاحترام أهم بكثير من أمور دنيوية تستطيع تعويضها بأفضل منها٬ وفِي السابق كانت عبارة((الشقة والعفش من حق الزوجة))عبارة نسمعها في مجتمعات أخرى٬ والآن اصبحنا نتداولها وكأنها أمر طبيعي المطالبة به٬ فمطالبة المرأة بالعفش اذا كانت تساند زوجها في مصاريف الحياة فهو من حقها٬ وإن كانت تعول أبناءها فمن حق الزوجة والأبناء ابقاء استقرارهم المعيشي كما كان.
فتش عن الاقتصاد
وتطرح هذه النوعية من القضايا تساؤلا حول دور الحالة الاقتصادية في ظهورها٬ وهو ما تجيب عنه الإعلامية والباحثة الاقتصادية نهى الجديبي فتقول: الشرع فصل في هذه المسألة حين الفسخ٬ والأمانة والصدق والمبادئ مطلوبة لتأدية الحقوق والواجبات بين الطرفين٬ ولكن للأسف البعض بمجرد الانفصال تتحول العلاقات الإنسانية إلى عداوات مما يفاقم المشكلة ويباعد المسافات في تقريب وجهات النظر والتفاهم بين الأطراف٬ وقد يكون للأسف للأوضاع الاقتصادية دور في المسألة ولكن ليست السبب الرئيس٬ فالقيم الاجتماعية والثقافية والأخلاقية والدينية هي المحرك الأساسي لتصرفاتنا٬ فهي تنبع من المبادئ والقيم التي نؤمن بها وتوجه تصرفاتنا وسلوكياتنا.
نهى الجديبي: للأوضاع الاقتصادية دور ولكن ليست السبب الرئيس
أهداف أهم
من جهتها قدمت منى البيومي مدربة التنمية وتطوير الذات نصيحة لتخطى الطرفين خاصة المرأة مرحلة الطلاق بسلام نفسي وتقبل راقٍ٬ أقول لكل مطلقة: “دورك كزوجة هو أحد أدوارك في الحياة٬ وليس كل الحياة٬ تمتعي ببقية أدوارك٬ واصنعي لنفسك أهدافا ورسالة تعيشين لأجلها٬ تقدمينها لمولاك يوم القيام٬ فقيمتك وكيانك لا تتحدد بالزواج٬ قيمي التجربة السابقة بعقلانية ومصداقية وموضوعية٬ لتستفيدي منها٬ ثم أطوِ الصفحة٬ وأكملي الطريق. وإن كان هناك أبناء فأرجو من كلا الوالدين أن يتقوا الله في أولئك الضعفاء الصغار الذين لا حول لهم ولا قوة، وإياكم أن تقحموهم بينكم وتتخذونهم وسيلة للنيل من الآخر٬ ولماذا النيل ولماذا الانتقام؟! اثنان لم يتفقا على الاستمرار٬ فليمض كل منهما في سبيله بهدوء وسلام٬ من الطبيعي أن نختلف٬ ولكن فلنختلف برقي.
منى البيومي: الزواج والطلاق ليس تحديدا لقيمة المرأة ولنتعلم الاختلاف برقي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *