تحقيق

المسيار الكترونياً …سجل واختار !

المسيار زواج بظروف خاصة أم سوق للمتعة بغطاء شرعي

جدة: أميمة الفردان
المسيار زواج تتخلى فيه الزوجة عن حقوقها في النفقة والسكن و ومبيت الزوج، أو وجوده بجانبها معظم الوقت، وفي الغالبية العظمى من حالاته يتفق الطرفان على عدم الانجاب، وتعتبر العلاقة الجسدية أبرز مطالب الزوجان في المسيار ، لكن هناك بعض السيدات يعانين من ظروف صعبة أبرزها الوحدة والبحث عن «ونس» أو التعويض عن تجربة زواج فاشلة ، أو الحلم بالأمومة ؛ وكلها أسباب تجعل المسيار مستساغاً بقدر ما.

تلجأ إليه مطلقات وعاملات ويفضله الرجال للمتعة بلا التزامات

أسباب الظاهرة
تعود أسباب ظهور المسيار وانتشاره إلى ؛ غلاء المهور وكثرة العوانس وازدياد حالات الطلاق، ورغبة الرجل في المتعة بأكثر من امرأة، ورغبة المرأة في علاقة جسدية «شرعية» دون حقوقها الأخرى ، وعدم رغبة الزوجة الأولى في زواج زوجها عليها .
أضراره
وأضراره أنه يحول العلاقة الزوجية إلى سوق للمتعة؛ بحيث ينتقل الرجل من امرأة إلى أخرى، وكذلك الأمر مع المرأة، مما يرتب الإخلال بالمفهوم الحقيقي للزواج والأسرة التي يجب أن تكون قائمةً على المودة والرحمة بين الزوجين، مع توفر السكن الدائم لهما، وأيضا يؤدي إلى عدم قوامة الرجل في المنزل؛ الذي يغير سلوك المرأة إلى سلوكيات سيئة تضر بها وبالمجتمع.
صحيح أم مكره أم «عيب»
من الناحية الشكلية يعد زواج المسيار صحيحاً بوجود طرفين لا يوجد لديهما موانع شرعية تمنع صحة العقد ؛ وقبول وتراضي وشاهدا عدل , لكن يقع الاختلاف في زواج المسيار من الناحية الموضوعية ؛ حيث تتخلى فيه المرأة عن حقوقها ، ولا يحقق أهداف بناء الأسرة ؛ لذلك كرهه بعض أهل العلم ، كان المسيار «عيباً» اجتماعياً ، خاصة بالنسبة للمرأة ، لكن في الآونة الأخيرة زاد اللجوء إلية ، والقبول الاجتماعي له ، وانتشرت مواقع إلكترونية تروجه وتسهله ، والجديد في الأمر ؛ رغبة كثير من النساء في هذا الزواج لأسباب نحاول التعرف عليها من خلال هذا التحقيق الذي أجرته «اقرأ»؛ في محاولة لرصد التحولات الفكرية والاجتماعية التي غيرت قناعات سابقة كانت أشبه بالمسلمات؛ خاصة بالنسبة للنساء.
المسيار «إلكترونياً»
لم يعد الارتباط صعباً اليوم؛ فما بالك إن كان « مسياراً وإلكترونياً»!، كل ما على الرجل أو المرأة؛ التوجه لشاشة الكمبيوتر والبحث في محرك البحث عن موقع المسيار اون لاين أو غيره من المواقع؛ وإنشاء حساب إلكتروني في الموقع، والبدء في البحث عن الشريك أو الشريكة المناسبة ومن البلد أو المدينة المختارة ؛ واستعراض النتائج لاختيار شريك أو شريكة المسيار!.

النساء أصبحن أكثر قبولاً له ومواقع تواصل تروج للأمر

الباحثات عن المسيار
قد يسيئ البعض الظن بالنساء الباحثات عن المسيار ، ويعتقد انهن باحثات عن المتعة ، وهذا غير صحيح أو منصف بالمطلق أو في كل الحالات ، مع ملاحظة أن الرجل في هذا الزواج يبحث عن «متعة إضافية» تدل على شره واضح ، ورغم ذلك يلوم المجتمع المرأة المتزوجة مسياراً ، ويتجاهل تماماً الرجل في كيل واضح بمكيالين وانحياز للأفكار الذكورية ، الباحثات عن المسيار كثيراً منهن لهن ظروف قاسية ، بعضهن يبحثن عن دواء بعد طلاق وضع نهاية لحياة زوجية استمرت سنوات طويلة ، وبعضهن يبحثن عن حل للوحدة القاتلة، واخريات يحلمن بالأمومة ، نعرض نماذج للباحثات عن زواج المسيار والظروف التي دفعتهن للتفكير به.
دواء لانفصال بعد 25عاماً
بعد أكثر من 25 عاماً قررت «وفاء. ن» وزوجها الانفصال؛ لتنضم اليها آخر بناتها بعدما اختار باقي ابنائها «بنت وولدين» الزواج بمحض اختيارهم؛ فيما بقيت آخر العنقود معها؛ إلا أن ظروف الحياة ومسؤولياتها ، جعلتها تفكر في الزواج مرة أخرى؛ لكن تقف أمامها نظرة المجتمع لها كمطلقة ومسؤولة عن ابنتها؛ بالإضافة لعرف عائلي يقضي على كل أمل لها بالزواج؛ ناهيك عن الخوف الكبير من نظرة ابنتها التي ترفض أن ترى شريك آخر لوالدتها غير والدها، كل ذلك جعل المسيار خيارها الوحيد!، إلا أن الأمر ليس بهذه السهولة كما تصورت وفاء في ظل «محيط اجتماعي لا يرحم»؛ كما أبانت.
حل للوحدة القاتلة
« نهى طلال» سيدة في منتصف الخمسينات لم يسبق لها الزواج، تقول :»لم افكر في الزواج يوماً ، البيئة التي نشأت فيها تقوم على ثقافة العيب حتى في الحلال، لم أكن قادرة على كلمة نعم أولا ، في كل ما يخص حياتي ومستقبلي، كان البت بيد من تولوا أمري ، والدتي توفيت منذ 5 سنوات وكانت تخاف علي كثيراً؛ الأمر الذي ساهم في بقائي دون زواج! ، وقبلها اخوالي جميعهم توفوا وبقيت أنا وحيدة؛ فكرت في الزواج الآن ، لكن في هذا العمر الأمر بالنسبة لي ليس سوى وجود شخص بجانبي بدل الوحدة القاتلة «.
حلم الأمومة
«رحاب. ع» أربعينية خياراتها في الحياة كثيرة كما تقول : «الحياة لا تقف عند رجل يتحكم في حياتي، أنا قادرة على إدارة حياتي، لدي وظيفتي وحياتي كاملة لا ينقصها شيء، ولي كامل الحرية في اتخاذ أي قرار يخصني، بالتالي موضوع الزواج بالنسبة لي امراً ثانوياً باستثناء الشعور بحاجتي للأمومة بين فترة وأخرى، وهو أمر لا يتم إلا عبر بوابة الزواج، فكرت بالتبني لكن وجدت صعوبة في الموضوع ، بالإضافة إلى أنني لم استسيغ الفكرة بمجملها ، أريد طفلاً يحمل من جيناتي، وزواج المسيار قد يكون حل في حال وافق الطرف الآخر على فكرة الإنجاب، مع استعدادي التام لتحمل مسئولية وتكاليف الطفل بالكامل؛ كل ما أريده كنية يحملها ابني أو ابنتي».
خال من الالتزامات
تقول المستشارة النفسية فاطمة كعكي إن هناك عوامل كثيرة ساهمت في قبول المرأة للمسيار في الوقت الراهن منها ؛ رفض المرأة لفكرة التعدد التي هي أساس الزواج الشرعي؛ بالإضافة لكثرة عدد الفتيات نسبة إلى عدد الرجال؛ رغم تشريع التعدد الذي هو الحل الشرعي الأمثل!، وتضيف كعكي أن أنانية الرجل ورغبته في الحصول على المتعة الجسدية؛
بدون أي التزام ؛ أهم الأسباب التي ادت إلى انتشار المسيار ، ولم تخف كعكي قلقها من تغير الخارطة النفسية للمرأة التي بات موضوع زواج المسيار أمراً ليس مقبولاً فقط لديها ؛ بل هو ما تبحث عنه بعضهن؛ من باب عدم التقيد بأي واجبات والتخلص من أي التزامات تجاه الرجل ، ناهيك عن العبء النفسي والاجتماعي تجاه الزوج وأهله!، خاصة كون المجتمع السعودي أصبحت فيه النساء العاملات تشكل نسبة كبيرة؛ وبالتالي تعتبر مسألة أنفاق الرجل لا تؤرق الكثيرات ، كما أن ظروف بعض السيدات ممن يرعين ابائهن أو ابنائهن ، جعلتهن يفضلن هذا النوع من الزواج ؛ كونه يتيح لهن القيام بمسئولياتهن تجاه الوالدين أو الأبناء دون أي ضغوطات من قبل الزوج!.
وبلا أعباء اقتصادية
وتواصل كعكي أنه بسبب ارتفاع تكاليف الزواج ، والمبالغ المالية الطائلة التي يتم صرفها على حفلات الزواج ، والتي تشكل عبئاً اقتصادياً كبيراً على كاهل الرجل؛ تحول المسيار إلى خيار مثالي للرجل، خاصة أنه يعفيه من الإنفاق على «زوجة المسيار» ، وكل ما عليه تلبية الحاجات «الجسدية» لها، والحصول على متعة إضافية في الوقت نفسه.
تحايل على «الشرع»
وتشير كعكي إلى أن زواج المسيار يخدم مصلحة الرجل وتحقيق المتعة الجسدية له ؛ دون أي مراعاة لحقوق المرأة التي شرعها الإسلام؛ ويأتي رأي كعكي بناءً على كم المشاكل التي تعالجها من خلال عملها؛ وما يسببه «المسيار» من مشاكل أثرت على المرأة بشكل سلبي وغيّرت من طبيعتها التي فطرها الله عليها ، حتى أن بعض السيدات باتت يعقدن عدة «عقود مسيار» في فترة زمنية قليلة ، وأصبحن يغيرن أزواجهن ، كأنهن يغيرن أزيائهن ، والأمر لا يختلف كثيراُ بالنسبة للرجال ، وإذا كان المسيار يخدم مصلحة بعض السيدات المطلقات اللواتي يخشين فقدان حضانة أولادهن؛ إلا أنه أيضاً يعد حيلة للتحايل على حكم شرعي يقضي بإسقاط الحضانة عن المرأة المتزوجة»! ، وبالتالي اعتبرت كعكي أن المسيار لا يخدم أياً من الرجل أو المرأة في زمن باتت فيه الأخلاقيات أمراً ثانوياً.
الطلاق .. نتيجة وسبباً
وتؤكد كعكي على أن كثير من الأسر ترفض لبناتها هذا الشكل من الزواج؛ بسبب التراكم الثقافي الذي يضعه في زاوية «العيب»؛ كون الفكرة السائدة عنه أنه وسيلة للمتعة الجسدية ، التي هي في الحياة الزوجية بشكلها الطبيعي وفق الشريعة الإسلامية جزء من العلاقة الزوجية ، بكل ما تتضمنه من شروط أخرى كالنفقة والإعلان والإشهار للزواج ، وما يترتب على هذه الشروط من تكوين الأسرة ورعاية الأبناء من قبل الزوجين؛ وهو أمر لا يتفق مع زواج المسيار الذي تنتفي فيه صفة الإشهار «الكامل» الذي هو أساس وعماد الزواج، ناهيك عن موضوع النفقة المسقط من الحسبة! ، وبالتالي يأتي موضوع الإنجاب وهو أمر غير مسموح به في المسيار، وكل ذلك تترتب عليه مشكلات نفسية واجتماعية واقتصادية كبيرة ، تحاول كعكي علاجها في «العيادة» للحالات التي تتردد عليها .
وتختتم المستشارة النفسية فاطمة كعكي بأن ارتفاع نسبة الطلاق في الآونة الأخيرة نتيجة حتمية لإباحة المسيار الخالي من أي التزامات، كما أن زيادة حالات الطلاق تدفع بعض النساء لقبول زواج المسيار ، خاصة العاملات منهن.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *