الفنان الذي اتفق على حبه الجميع
جدة: أميمة الفردان
طلال مداح ليس اسماً مر من هنا فقط! بل هو كما قال عنه الأمير بدر بن عبد المحسن “اسم طلال في كل قلب وعلى كل شفاه. وتجاوز الفن الغنائي السعودي بفضل صوته حدود الوطن ليصل للعالم العربي كله. طلال مداح فنان متميّز.
ومدرسة مختلفة عن ما سبقتها. وقد مر طلال بمراحل ارتفع فيها رصيد نجاحه وتناقص. ولكن ظل تميزه وتفرّده ليس فقط في صوته اللين الدافئ القوي. إنما في شخصيته البسيطة الطيبة. وأفكاره وفلسفته الخاصة للأشياء وعنها”.
عاش طلال مداح في مكة المكرمة فترة ليست بالقصيرة؛ قبل أن ينتقل إلى مدينة الطائف ليدرس في مدارسها؛ والتي انطلق منها مرتلاً للقرآن في الحفلات المدرسية لحلاوة صوته ونقاءه؛ فيما لعب زميل دراسته عبد الرحمن خوندنة دوراً في تلك المرحلة لدخول عالم الفن؛ وذلك كونه من هواة الموسيقى وعازفاً على آلة العود؛ التي أاتمن وجوده عند طلال بسبب حرمانية الموسيقى التي كانت سائدة عند بعض العائلات؛ الأمر الذي حمل طلال على التدرب على العزف على أوتاره؛ وبعد محاولات عدة أخطأ في كثير منها؛ إلا أن اصراره؛ مكنّه فيما بعد على اتقان مهارات العزف عليه؛ ولم تكن تلك البداية لطلال بل سبقتها مرحلة في مكة عندما كان محمد رجب زميلاً لطلال وكان يلقنه أغنيات محمد عبد الوهاب التي كان يرددها رجب؛ فيما كان لعشق والد طلال العزف على آلة المردوف والسمسمية الأثر الكبير في حب زارع الورد للفن.
خطوات طلال الفنية مهدت لها فترة الستينات؛ التي جعلته محط الأنظار عند كتّاب الكلمة في السعودية؛ خاصة بعد أن تمت إذاعة اغنيته الشهيرة حينها “وردك يا زارع الورد” التي كانت تصنف حينها تحت بند الأغنية العاطفية؛ ولاقت قبولاً جماهيرياً كبيراً؛ فيما بدأ في ذلك الوقت في غناء المفردة الحجازية من خلال كتّابها من أمثال الراحل لطفي زيني وخالد زارع وابراهيم خفاجي؛ إلى أن بدأ مرحلة انتقالية في حياة طلال الفنية عبر تعاونه مع محمد العبدالله الفيصل وبدر بن عبد المحسن بالإضافة لخالد الفيصل.
لتبدأ سلسلة من روائع زارع الورد التي عملت على انتشار الأغنية خارج حدود السعودية؛ مثل “اغراب” و “زمان الصمت”؛ و”مقادير” التي تغنت بها كثير من مطربات العالم العربي مثل ورد الجزائرية وفنانين آخرين؛ في تلك الفترة شهد طلال رحلات فنية خارج السعودية ربما كانت أبرز المحطات القاهرة وبيروت ولندن التي احيى فيها حفلات لاقت نجاحاً وصدى عند الجمهور.
«اغراب» و«زمان الصمت» و»مقادير» التي تغنت بها كثير من مطربات العالم العربي
أما على مستوى التلحين يبدو أن طلال الوحيد الذي جمع الرباعي الذهبي وهو الذي انعكس ايجاباً على مسيرته الفنية التي امتدت لأكثر من أربعين عاماً؛ وذلك من خلال محمد العبدالله الفيصل وسراج عمر وبدر بن عبد المحسن؛ دون أن ننسى أنه الوحيد الذي تعامل مع كافة ألوان الطيف اللحني ومبدعي الكلمة السعودية؛ على امتداد الخارطة الوطنية؛ الأمر الذي جعل منه الحصان الرابح دوماً في جميع المناسبات الوطنية؛ لتتصدر أغنياته قائمة الأغاني الخالدة سواء على مستوى حب الوطن عبر رائعته “وطني الحبيب” التي لازالت الجماهير ترددها وتسمع صداها في كل مناسبة.
لم يكتف زارع الورد بوجود شتلاته على امتداد جغرافيا الوطن؛ بل تجاوزها عندما كان اول من غنى القصيدة ليسجل حضوراً وتميزاً عبر ألحان محمد عبد الوهاب؛ من خلال أغنيتي “ماذا أقول”، و “منك يا هاجر دائي”؛ بالإضافة لتعاونه مع العبقري بليغ حمدي وجمال سلامة وغيرهم كثيرين.
ويعد زارع الورد الذي غادرنا من على خشبة المسرح؛ وهو يردد “الله يرد خطاك لدروب خلانك/ لعيون ما تنساك لو طال هجرانك”؛ أول مطرب سعودي تم تسجيله في جمعية المؤلفين والموسيقيين في فرنسا، بالإضافة لكونه أول فنان خليجي تترجم له أغنية على التليفزيون الفرنسي وهي أغنية “وعد”.