لم يكن العام 2017 عادياً في تاريخ المملكة لتشهد أشهره الـ12 خطوات حازمة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود “حفظه الله” وولي عهده الأمير محمد بن سلمان تجاه عدة ملفات محلية وإقليمية، بحسب ما رصدته “اقرأ” على مدار العام الذي يشرف على الانتهاء.
فمنذ بداية العام في يناير انطلقت الخطة الإصلاحية في المملكة لتؤتي ثمارها في الـ23 من ابريل بانشاء مركز الأمن الوطني التابع للديوان الملكي.
ليصدر خادم الحرمين حزمة من الأوامر الملكية التي قضت بتعيين محمد بن صالح الغفيلي مستشاراً للأمن الوطني في الديوان الملكي ليرأس المركز، إلى جانب إعفاء وزراء من مناصبهم وتعيين جدد، وإحالة وزير الخدمة المدنية إلى التحقيق. وفي مايو استضافت مدينة الرياض 3 قمم عقدت بين 20 و 21 مايو بمناسبة زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى المملكة، في أول رحلة خارجية له منذ توليه منصبه، وتضمنت القمة اجتماعا ثنائيا بين الولايات المتحدة والمملكة واجتماعين آخرين، أحدهما مع دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية والآخر مع الدول العربية والإسلامية.
وحققت القمم الـ3 نتائجاً تخطت إيجابياتها حدود المملكة للمنطقة والعالم، حيث دشن خلالها المركز العالمي لمكافحة الفكر المتطرف (اعتدال) الذي تستضيفه مدينة الرياض كأحد أبرز ثمار جهود خادم الحرمين الشريفين وقادة دول العالم في التعاون المشترك من أجل التصدي لظاهرة الإرهاب من خلال مواجهة فكره المتطرف عبر طرق حديثة أجمع المختصون على قوة فاعليتها الإيجابية.
ولم تتوقف جهود المملكة الهادفة للمحافظة على السلام والاستقرار الدوليين، لتشارك بقوة في التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب، والذي أسفرت جهوده في القضاء على تنظيم “داعش” الإرهابي في الموصل بالعراق ومحاصرته في سوريا.
بيد أن الأمر لم يتوقف كذلك عند محاربة التنظيمات الإرهابية التي تعد تمظهراً لسياسة وفكر يتبعهما الداعمون، لتعلن المملكة والإمارات ومصر والبحرين في الـ5 من يوينو تدشين مرحلة جديدة في مكافحة الإرهاب، عبر قطع الطريق أمام مموليه في قطر التي تستضيف عاصمتها أكثر من جماعة إرهابية.
ليمثل إعلان قطع العلاقات مع الدوحة، أحد أكثر القرارات الشجاعة في قطع الطريق أمام أموال “تنظيم الحمدين” الحاكم في قطر والحيلولة دون وصولها للجماعة الإرهابية وامتدت جهود مكافحة الإرهاب إلى داخل لتستأصل كذلك الخلايا الإرهابية التي تستهدف أمن المنطقة، لتعلن وزارة الداخلية في الـ19 من سبتمبر تفكيك 3 خلايا مرتبطة بتنظيم “داعش” وتوقيف 17 شخصا بينهم امرأة، كانوا يخططون لهجمات تستهدف علماء ورجال أمن ومنشآت أمنية واقتصادية.
ثم ان الاقتصاد السعودي يتأهب لعام 2018 بخارطة طريق جديدة أشادت بها مؤسسات المال الدولية تعتمد على تنويع الإيرادات في مجالات مختلفة إلى جوار عائدات النفط، كما تفسح مجالاً أوسع للقطاع الخاص في التنمية وكثفت المملكة من الإصلاحات الاقتصادية في 2017، تنفيذاً لبرامج “رؤية 2030” فقد تم خلال العام الجاري الإعلان عن مشاريع عملاقة غير تقليدية هي الأولى من نوعها في تاريخ المملكة مثل مشروع البحر الأحمر السياحي ومشروع القدية الترفيهي، ومشروع مدينة نيوم الأضخم من بين هذه المشاريع.
وكان العام الجاري 2017، أحد أكثر الأعوام الذي يظهر عزم المملكة على توطين الوظائف في القطاعين العام والخاص، عبر إجراءات داخل أسواق العمل.
وسعياً لزيادة فرص عمل، أعلنت وزارة العمل عن توطين العديد من القطاعات في أسواق التجزئة، وأكد خالد أبا الخيل المتحدث الرسمي للوزارة أن عدد السعوديين والسعوديات الذين دخلوا سوق العمل خلال 2017، حتى منتصف الشهر الجاري، بلغ 121.766 ألفاً.
كذلك، من شأن الرسوم المفروضة على العمالة الوافدة التي ستطبق مطلع 2018، ومرافقيهم التي طبقت في يوليو الماضي، أن تخفض من أعداد العمالة الوافدة في المملكة.
ورفعت المملكة من وتيرة سعودة عديد القطاعات الاقتصادية، بهدف إحلال السعوديين مكان العمالة الوافدة.
ومن المتوقع بحسب الوزارة، انخفاض معدل البطالة بين السعوديين في 2018، مقارنة بالعام السابق إلى 12% ثم 10.6% بحلول 2020.
ويعد حساب المواطن أحد برامج التوازن المالي في المملكة لمواجهة آثار الإصلاح الاقتصادي، و يستهدف الفئات متوسطة وقليلة الدخل .
بموجب البرنامج، يحصل المسجلون على مبالغ مالية لمواجهة الارتفاعات المرتقبة في أسعار الوقود والكهرباء والمياه، وحزمة من الضرائب والرسوم على السلع والخدمات.
أودعت الحكومة الأسبوع الماضي، أول دفعة للمواطنين ضمن البرنامج، بقيمة إجمالية ملياري ريال (533 مليون دولار).
وستكون المملكة على موعد مع صعود في إيراداتها غير النفطية، خلال 2018، بفعل تطبيق ضريبة القيمة المضافة، والرسوم المفروضة على العمالة الوافدة، واستمرار تحصيل الرسوم على مرافقي العمالة الوافدة.
وأعلنت وزارة المالية في وقت سابق من هذا الاسبوع تطبيق رسوم على العمالة الوافدة، في المؤسسات العاملة وتبدأ الرسوم من 300 – 400 ريال (80 – 106 دولارات) شهريا، وتصعد تدريجياً بشكل سنوي حتى 2020، لتصل إلى 800 ريال (207 دولارات).
وبدأت المملكة في يونيو الماضي، تطبيق الضريبة الانتقائية بنسب تتراوح بين 50 – 100% على مشروبات الطاقة والمشروبات الغازية والتبغ.
ويدخل تطبيق ضريبة القيمة المضافة حيز التطبيق مطلع يناير المقبل، بنسبة 5%، وفي تقرير وزارة المالية الأسبوع الماضي، تزامناً مع إعلان موازنة 2018، توقعت الحكومة تحصيل 60 مليار ريال (16 مليار دولار) من ضريبتي الانتقائية والقيمة المضافة، ورسوم العمالة الأجنبية في 2018.
وكان مجلس الوزراء برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، قد اقر ميزانية المملكة للعام 2018 وقال خادم الحرمين إن الميزانية تعتبر الأكبر في تاريخ المملكة بأسعار نفط متدنية، والتي تضمن استمرار نمو الاقتصاد عبر تنويع القاعدة الاقتصادية.
وكشف خادم الحرمين أنه سيتم إطلاق 12 برنامجا لتحقيق أهداف رؤية 2030، وتمكين القطاع الخاص، بالإضافة إلى تحقيق كفاءة الإنفاق، وتخفيف العبء عن المواطنين.
وقال خادم الحرمين “نشيد بما تحقق من خفض العجز في 2017، مع استهداف خفض العجز ليكون أقل من 8% في العام المقبل”.
وبحسب ما أعلنته وزارة المالية فان الميزانية الجديدة للعام المقبل 2018، سيبلغ حجم الإنفاق التاريخي بنحو 978 مليار ريال، أي بزيادة 5.6% عن العام 2017 الذي تم خلاله إنفاق 926 مليار ريال.
ومن المتوقع أن تصل العوائد خلال العام المقبل إلى 783 مليار ريال، مقابل إيرادات بـ696 في العام 2017، بارتفاع نسبته 12.5%، من ضمنها 291 مليار ريال إيرادات غير نفطية بارتفاع 13%.
فيما يخطط صندوق الاستثمارات العامة لانفاق 83 مليار ريال (22.1 مليار دولار) خلال العام القادم وفي الماقبل تدرس المملة توطين العديد من الصناعات، وأهمها الصناعات العسكرية وصناعة السيارات، ضمن رؤية المملكة 2030.
ولم يكن للدور الريادي الذي أدته المملكة في محيطها الإقليمي والعالمي أن ينعكس على الأوضاع داخلها إلا مزيداً من التنمية والاستقرار، لتعلن في أواخر أكتوبر مشروع “نيوم” أحد أكبر المشاريع الاقتصادية في الشرق الأوسط بقيمة 500 مليار دولار ليضع اللبنات الأولى لتحول نموذجي في المنطقة.
وسيتم تطوير المشروع الذي أعلنه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في الـ24 من أكتوبر، على مساحة 26500 كيلومتر مربع على طول 468 كلم من الخط الساحلي على طول البحر الأحمر وخليج العقبة، بدعم من الحكومة وصندوق الاستثمارات العامة، على أن يمتد إلى الأردن ومصر ليربط المملكة ومصر بطريق عبر البحر الأحمر.
وابتدر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز الشهر قبل الأخير للعام 2017 بقرارات حازمة ضد الفساد والمفسدين، عبر تشكيل اللجنة العليا لمكافحة الفساد برئاسة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وعضوية رئيس هيئة الرقابة والتحقيق، ورئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، ورئيس ديوان المراقبة العامة، والنائب العام، ورئيس أمن الدولة.
وشكل شهر نوفمبر هو الآخر نقلة كبيرة للدور السعودي الريادي في العالم الإسلامي، حيث انعقدت في الرياض بمشاركة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في الـ26 من نوفمبر، فعاليات الاجتماع الأول لمجلس وزراء دفاع التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب تحت شعار “متحالفون ضد الإرهاب”.
وناقش الاجتماع الذي شارك فيه وزراء دفاع 41 دولة ووفود دولية وبعثات رسمية، الاستراتيجية العامة للتحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب ونشاطاته ومبادراته.
وفي 13 نوفمبر أتت زيارة البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي للرياض في أول زيارة رسمية لبطريركٍ ماروني إلى المملكة وثاني زيارة لرجل دين مسيحي منذ نحو 40 سنة لتؤكد الدور الإقليمي الرائد الذي تؤديه المملكة.