تحقيق

الأكل العاطفي .. معاناة نفسية ومشاكل صحية

طعامك المتبقي سيركض خلفك عبارة سببت بدانة أطفالنا

جدة – ليلى باعطية
(أنهي طعامك وإلا ستركض خلفك يوم القيامة) ؛ عبارة ترددت على مسامع معظمنا ونحن صغار ، كان الأهل خاصة الأمهات ، يستخدمونها لإجبارنا على تناول كل الطعام المقدم لنا ، حتى لو شبعنا وامتلأت بطوننا، ورغم أن أمهاتنا كن حسنات النية ، يرغبن في تمتعنا بأجساد قوية ، وفي تربيتنا على تجنب الاسراف والتبذير ، إلا أن هذه الطريقة ربما خلفت معاناة نفسية لبعضنا، وسببت البدانة ومشاكل صحية للبعض الآخر،
“البلاد” استطلعت آراء وذكريات قرائها عن العبارة الشهيرة ، وتأثيرها عليهم، ومدى استخدامهم لها مع أبنائهم ، كما طرحت التساؤلات على مختصة تغذية ، وأجمع المستطلعة آراؤهم على أن العبارة مازالت أصدائها تتردد في وجدانهم ، وأنهم كثيراً ما تناولوا طعاماً فوق طاقتهم خوفاً من تحقق التحذير ؛ وملاحقة الطعام لهم يوم القيامة، بينما أكدت مختص التغذية أنه أسلوب خاطئ يخلف أضراراً صحية ، ونصحت بتجنبه خاصة مع المراهقين ، وإلى التفاصيل.

صنعت طفولة خائفة

عمر خالد 27 سنة ، يقول إنه ظل وقتاً طويلاُ في طفولته يخاف من هذه العبارة، لذلك كان يُنهي جميع محتوىات أطباق طعامه، حتى بعد شبعه خوفاً من ركض المتبقي من الطعام خلفه يوم القيامة ، كما كانت تخبره والدته.

متوارثة من الآباء للأبناء

ولكون “أم أصيل” 30 سنة ، نشأت منذ الصغر على صدى هذه العبارة من والدتها، تعترف أنها توارثتها، ولازالت إلى الآن تستعين بها تجاه أبنائها ليُنهوا أطباق طعامهم.
وأشارت ماريا الحسن 33 سنة ضاحكة ، إلى أن السؤال كان كفيلاً بارجعها لذكريات الطفولة المضحكة المليئة بالعديد من الخرافات، التي من أبرزها ماتقوله لها والدتها حين امتناعها عن إنهاء طبقها، وتضيف أن أمها كانت تعاني كثيراُ منها واخوتها تجاه الأكل، فكان الترهيب بهذه الطريقة كفيلاً بأن يجعلهم يتسابقون لإنهاء أطباقهم خوفاً من ملاحقتها لهم ، رغم الشبع أحيانا.

الأكل العاطفي

أخصائية التغذية فاطمة الشمسان أكدت لـ”البلاد” أن هذه الظاهرة قديمة ، ولا زالت منتشرة في مجتمعنا وتسمى بـ (الأكل العاطفي)؛ وهي إصرار الأهل على أطفالهم أو حتى البالغين لإتمام أكلهم، وما في أطباقهم ، ظنا منهم أن ذلك ظاهره صحية، وأنهم بذلك يسهمون في المحافظة على الطعام ويمنعون الاسراف والتبذير.

ظاهرة خاطئة

وتؤكد الشمسان أن ترهيب الأطفال لتناول مزيد من الطعام ظاهرة خاطئة؛ فرغم عدم دعوتنا للاسراف والتبذير ، لكن من الناحية الصحيه تطبيق ذلك بالترهيب غير سليم، حيث من المفترض أن تضع الأم في الأطباق ما يكفي حاجة الأبناء فقط ، وفِي حالة بقاء جزء من الطعام، يجب عدم إجبارهم على متابعة الأكل ، لأن الإجبار يؤدي الى أكل المزيد أكثر من الحاجة، وبالتالي قد يحدث تمدد في المعدة ، ومع مرور الوقت يصاب الطفل أو البالغ بزيادة الوزن والشراهة في الأكل ، و كما يصاب بـ (التخمة) ومشاكل في المعدة ، ويكون لذلك نتائج سلبيه على الصحة.

إجبار المراهقين .. مشكلة

وأوضحت الشمسان أن الحل يكمن في عدم إجبار الأبناء على تناول الطعام بكميات فوق طاقتهم، والاكتفاء بوضع ما يكفي حاجتهم ، خاصة الأصناف ذات السعرات العالية ، وتختتم أخصائية التغذية بنصح الأهل بعدم إجبار المراهقين خاصة ، على تناول الأكل المتبقي؛ وتقديم الأصناف التي يرغبون بها إليهم ، لأنهم في مرحلة إثبات الشخصية وتحدي الجميع ، والإجبار قد يأتي بمشاكل ونتائج عكسية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *