تحقيق

الزواج بلا شوفه «اكشط واربح» وآراء : غير كافية للقرار المصيري

الشوفة بين العادات وعصر الانفتاح

جده – رانيا الوجيه
النظرة الشرعية أو بالعامية ” الشوفة” أولى الخطوات التي يسلكها المقدمون على الزواج ، تتحدد بعدها بصلة الطريق؛ إما مواصلة المسيرة بخطوبة ثم زواج، أو التقهقر للخلف والبحث في اتجاه آخر،” اقرأ” استطلعت الآراء حول مفهوم النظرة المباحة “الشوفة” ؛ هل هي مهمة ؟، هل تغيرت مع تطور الأجيال ومرور الأزمان والانفتاح ووسائل التواصل؟، هل تحقق المطلوب؟، كافية أم غير كافية لاتخاذ القرار المصيري؟، غالبية المستطلعة آراؤهم ،
أجمعوا على أهميتها ؛ لأن الزواج قبلها ودونها كان “اكشط واربح”، وأحيانا كان الطرفان يرضخان للأمر الواقع ويعيشان الحياة باعتبار الأمر “نصيب”، وأنها أصبحت متاحة ويسيرة في ظل وسائل التواصل والاتصال الحديقة، وبينما يفجر “إعلامي” مفاجأة بأن بعض العائلات في جنوب المملكة لهم عادات لا تمت للدين بصلة، وإلى الآن يتم الزواج دون أن يرى الطرفين بعضهما البعض ، يرى البعض أن “الشوفة” لا تفي بالغرض، لأنها تحكم على الشكل لا المضمون، بينما الأهم ؛ التعرف على الطباع والأخلاق والخلفية الاجتماعية، بدورها أكدت أستاذ في علم الاجتماع أن النظرة الشرعية وحدها غير كافية، وغير منطقي الحكم على حياة كاملة من مجرد (نظرة) ، وأن فشل أغلب الزيجات ، يعود إلى الطريقة التقليدية الخاطئة في الاختيار، وإليكم التفاصيل.

مفهوم الشوفة لم يتغير

يقول الكاتب الصحفي حاتم العطرجي إن كثير من العائلات مازالت تختار عروس للابن من خلال المناسبات والأفراح ، وهذا أمر طبيعي جداً بالنسبة للأم عندما تختار لابنها زوجة ذات خلق وجمال ، والعكس صحيح عندما يختار الأب عريس ذو خلق وعلم لابنته ، وفق العادات والتقاليد ، لكن القرار أولا وأخيرًا يعود للعريس والعروس، ومفهوم الرؤية الشرعية( الشوفة) لم يتغير ابداً ، وكما يعلم الجميع هناك قواعد وأسس لها – الشوفة – ، وهي بداية للمعرفة وتعطي الانطباع الأول للطرفين.

الزواج سابقا « اكشط واربح»

وبحسب عادل بابكير، كان العريس في السابق لا يرى عروسته إلا في ليلة الدخلة ، بسبب أن أغلب العائلات كانت ترى النظرة الشرعية عيباً اجتماعيا ، وتسبب الكثير من الحرج ، فكان العريس يكتفي بصورة للعروس، أو بنقل أوصافها له من والدته أو اخته ، ونستطيع القول أن الزواج كان بالعامية “اكشط و اربح”، ومع مرور الزمن أصبح الشاب بعد الحاح يرى مخطوبته للحظات لتتم النظرة الشرعية ، بينما الآن أصبحت النظرة الشرعية حقا اجتماعيا مكتسبا للعريس ، ليتسنى له أن يحدد إذا كانت العروس تصلح شريكة لحياته أم لا، وأيضا تستطيع الفتاة من خلالها تحديد مدى قبولها للطرف الآخر ، والنظرة الشرعية في النهاية باب للراحة والقبول بين الطرفين ، رغم أنها دقائق وكلها خوف وربكة، لكنها تبقى مهمة.

وسائل التواصل سهلت الأمر

ويضيف بابكير أنه في الماضي كان البحث عن عروسة أمر يكاد يكون مستحيلاً، ولم يكن متاح لوالدة أو اخت العريس البحث إلا في أماكن محددة ؛ كالزيارات أو الأفراح ، أما حاليا في ظل وسائل التواصل الاجتماعي والاتصالات الحديثة وتعليم وتوظيف الفتيات ، أصبح سهلاً للعريس العثور على عروس مناسبة ، وبالنسبة للفتاة غير العاملة ، يمكن للطرفين التعرف على بعضهما البعض بصورة أكثر فعالية ، خلال فترة الخطوبة ، كما يمكن لأهل العروس السؤال عن العريس بين أقرانه وزملائه في العمل ، أو سؤال جيرانه أو رواد مسجد الحي القريب من منزله ، للتأكد من حسن أخلاقه وتعاملاته.

مهمة. لكن الطباع أهم

ويرى الإعلامي والمذيع طراد باسنبل أنه يجب بداية التفريق بين العادات والتقاليد والحلال والحرام ؛ في المسند وسنن الترمذي عن المغيرة بن شعبة قال: خطبت امرأة، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنظرت إليها؟ ، قلت: لا، فقال: أنظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما، ويردف باسنبل : لذلك مبدأ الشوفة أو النظرة الشرعية أمر مهم للطرفين، لكن هناك بعض العائلات في مناطق بجنوب المملكة لهم عادات لا تمت للدين بصلة، وإلى الآن يتزوج الرجل دون أن يرى العروس ، و لايمكننا تعميم نجاح أو فشل الزيجات التي تمت بعد سابق معرفة، أو الأخرى التي تمت بشكل تقليدي عن طريق الأهل ، وفي كلا الحالتين توجد السلبيات والإيجابيات، وبالتالي لم تعد “النظرة المسبقة” هي النظرة التي تحدد المصير ، إما بالموافقة أو الرفض، بل لابد أن يدرس كل طرف الطرف الآخر، والتعرف أكثر على الطباع والأخلاق والخلفية الاجتماعية.

بدونها نرضخ للواقع باعتباره “نصيب”

تتفق جواهر العتيبي مع الآراء التي تشدد على أهمية الشوفة ، وتؤكد أن أكثر أسباب الطلاق تكون ناتجة من البداية ، حيث يتم تزويج الشاب بفتاة لم يراها ، وتبدأ الصدمة عندما لا يتقبل شكلها ، أو تتزوج فتاة دون أن تتعرف على العريس ، ولا يتحقق لديها القبول، وترضخ للواقع وتعيش حياتها باعتبار الأمر “نصيب”، وتكون النتيجة أن كل طرف لا يتقبل الآخر، ويخيم شبح الطلاق عليهما لأتفه الأسباب ، وتشير العتيبي إلى أنه على الصعيد الشخصي والعائلي ، توجد لديهم النظرة الشرعية، ويضعون العريس تحت المجهر ، الشكل لا يهم ، لكن لابد أن تتقبله ، بمعنى أن يكون مقبول الشكل، طيب السيرة وحسن الخلق ، يخاف الله ونظيف المظهر والجسد ، أما بالنسبة لـ”المادة” تكون آخر اهتماماتها؛ لأنها أرزاق يقسمها الله.

«القناعة». الفرق بين الماضي والحاضر

ووفقاً لـ” تغريد العلكمي”، مفهوم الشوفة لم يتغير كثيراً عن الماضي سوى بـ”القناعة”، وتوضح أنه في الماضي كان الطرفان يقتنعان باختيار الآخرون لهما، وتصبح النظرة الشرعية أمر شكلي لا أكثر، أما الآن فالنظرة تعني أن يقتنع كلا منهما بالآخر أولا ، وهذا شيء جيد نسبيا، أيضا وسائل التواصل خففت من حدة الحرج الاجتماعي الذي يقع فيه الطرفان ؛ ربما يراها وتراه قبل النظرة بشكل سري ، عبر هذه الوسائل ، فتصبح النظرة الشرعية للحصول على المزيد من القناعة.

موافقه على الشكل لا المضمون

تقول شيرين قربان إنه من وجهة نظرها الشوفة الشرعية بين العريس والعروس اختلفت عن السابق كثيراً، ولم يصبح الموضوع مقنن كما في السابق ، وتنوعت الطرق والوسائل، ومع ظهور وسائل التواصل الاجتماعي أصبح لدى المجتمع وعي أكبر ، ويفضل الكثيرين لقاء الطرفين قبل أي رسميات، وتلفت قربان إلى أن هناك من يشعر بحرج كبير أثناء الشوفة الشرعية ، ويضطر الى الموافقة على العروسة ، حتى لا يتسبب بجرحها ، مما يؤدي إلى مشاكل وربما انفصال فيما بعد، وغالبا ما تكون” النظرة ” للموافقة على الشكل وليس المضمون، والجميل الآن أن أغلب الشباب والمقبلون على الزواج ، قد تعلموا من أخطاء السابقين ، وأصبح لديهم فكر أوضح في التفريق بين الاعجاب بالشكل الخارجي ، والتوافق في الشخصيات والأفكار والطباع المختلفة.

مختصة : غير كافية

وتشدد دكتورة حنان شعشعوع الشهري أستاذ علم الاجتماع ، على أن اختيار الزوج أو الزوجة ، تحكمه عدة معايير ؛ ثقافية ونفسية وفكرية ، خاصة في عصرنا اليوم ، بعد الانفتاح والعولمة واجتياح وسائل التواصل الاجتماعي ، وطريقة الزواج التقليدية والنظرة الشرعية وحدها غير كافية، لاتخاذ القرار الكبير بالارتباط، بل تعتبر ظالمة للطرفين ؛ فمن غير المنطقي الحكم على حياة كاملة من مجرد (نظرة) ، وفشل أغلب الزيجات وزيادة نسب الطلاق في مجتمعنا ، يعود إلى الطريقة التقليدية الخاطئة في الاختيار ، وجهل الطرفين ببعضهما البعض.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *