بقلم: السعد المنهالي
نحتاج إلى الكثير من الأجوبة، على أسئلة لا نملك أساساً تصوراً حول الطريقة التي يجب أن تُطرح بها!
هل بدت لكم العبارة أعلاه ذات جدوى؟! البعض يرى في ذلك فلسفة لا حاجة لنا بها، وهدراً للكثير من الجهد والوقت والمال لن يؤدي بنا لأي شيء.
أما أنا فقد وجدت فيها البداية والجذوة الأولى لأغلب المشاريع العملاقة التي استطاع الإنسان تحقيقها، منذ أن بدأ في بناء حضارته التي تمتد الآن بالشكل الذي ننعم فيه.
لقد تحققت كل المنجزات الفكرية والمادية على أرض الواقع، لأن من أنجزها وتسبب في تحققها أمامنا كان في الأساس يبحث عن أجوبة، ولم يكن يملك أسئلة تجاهها؛ غير أنه بعد أن تخبط كثيراً تمكن من طرح أسئلة اعتقد البعض أن لا معنى لها، كان منها الأسئلة المناسبة التي وجدت إجابات أفضت إلى نتائج.
نتعامل (أغلبنا) بذهنية عادية مع كل المنجزات التي خلفها السابقون على الأرض في شكلها المادي الأخير؛ فنجردها كأنها حقائق وجدت في قالبها النهائي فجأة، بينما الحقيقة أن إعصاراً من الأسئلة كان قد سكن أصحابها فأشقاهم حتى تكونت في صيغات ذات جدوى.
ومنذ بدأ الإنسان في بناء الأهرام وحتى صعد إلى القمر، لم تكن الإجابات حاضرة بل كانت الأسئلة مُلحة وثقيلة ومربكة، ولهذا كان المنجز على قدر التيه.
في كثير من المشاريع التي تمر علينا – وعلى كل المستويات – نصطدم أحياناً بعدم وضوح الرؤيا لدى القائمين عليها، ورغم ما لهذه الحقيقة من واقع مربك، إلا أنه في مقابل ذلك طبيعي جداً، وخصوصاً إذا كان هذا المشروع رائداً، ولا يوجد له حالة مشابهة يمكن القياس عليها.
ونتيجة لذلك سيتحتم على القائمين عليه البحث عن إجابات لأسئلة غير محددة. وعندما تبدأ الأسئلة في الوضوح تصبح بعدها الإجابات تحصيلا حاصلا.
في الوقت الحالي، توجد الكثير من المؤسسات والإدارات المعنية بالاستراتيجيات ودراسات الجدوى والابتكار التي تقدم الأجوبة لمشاريعنا، إلا أنها في رأيي تبقى إجابات مقولبة في جداول وبيانات، لا تحفزنا على طرح أسئلة وهذا ما نفتقده.
إن الشقاء الذي يسكن الإنسان أثناء رحلة بحثه عن إجابات لكل ما هو حوله، هو سر الإنجاز الأعظم، وهو ما يعطي القيمة الأبدية لأي إجابة ونجاح يتحقق. فكل الإنجازات المتحققة على وجه الأرض بدأت بأسئلة اعتقد من سمعها للمرة الأولى أنها تافهة، بينما الحقيقة أنها كانت الجذوات التي حركت أصحابها لتحقيق ما كان يُعتقد أنه مستحيل.