بعد أن سحبت وسائل التواصل الإجتماعي البساط من تحت أقدام صاحبة الجلالة الصحافة بكل أشكالها الكلاسيكية؛ لتغطية المناسبات والأحداث الهامة في مجتمعنا؛ الأمر الذي القى بظلاله السوداء على العاملين في قواعدها؛ بسبب تسجيل السوشيل ميديا لحضور طاغي وسريع؛ من خلال التصوير المباشر للحدث بالصوت والصورة؛
كما أنه أوجد أرضاً خصبة لآخرين لا علاقة لهم من قريب أو بعيد ببروتوكولات صاحبة الجلالة؛ ما عمل على تغيير مفهوم الإعلام الجماهيري؛ وبالتالي تغيرت معه معايير تقييم الإعلامي من قبل شركات العلاقات العامة؛ ناهيك عن إطلاق كلمة اعلامي على أصحاب الكعوب العالية في وسائل التواصل الإجتماعي من خلال عدد المتابعين ومدى فاعليته وحضوره على منصات التواصل الإجتماعي.
حقق ثروة من خلال منصات التواصل الإجتماعي.
أتاحت منصات التواصل الإجتماعي للبعض فرص لم يكن يحلم بها؛ وقضى على بطالة الجالسين في منازلهم؛ ليجدوا لهم مصدر دخل من منازلهم؛ كما أوضحت نوف بن عمر الممثلة والإعلامية “عملي في السوشيل ميديا هو مصدر دخلي الوحيد؛ وبدأت هذا المجال بعد ظهوري كممثلة من خلال برامج اليوتيوب؛ التي أتاحت لي فرصة الظهور الإعلامي؛ منذ سنتين”.
تجربة بن عمر التي وصفتها نوف بقولها “هي تجربة ناجحة على الرغم من بعض الصعوبات؛ التي اعتبرها طبيعية؛ كوننا في مجتمع محافظ؛ لكن أسوأ ما فيها هو استغلال شركات العلاقات العامة وغيرها من الشركات بالإضافة للمنظمين؛ لإفتتاحات أو الإعلان عن بعض المنتجات؛ لنا لتغطية تلك المناسبات؛ دون أن يكون هناك أي عقود تحفظ لنا حقوقنا المادية؛ مكتفين بالدعوات الشخصية؛ التي غالباً ما يتم إرسالها على منصة الواتس اب؛ مستفيدين من عدد المتابعين لنا”!
نوف التي اعتمدت مؤخراً وجود مدير أعمال لها؛ ليتولى إدارة أعمالها؛ من خلال التنسيق معه؛ وكتابة العقود، ووضع خطط مالية لإعتمادها في الترتيب مع الجهات التي ترغب في التعامل معها لتغطية أيه مناسبة موضحة “اعتمدت جدول يحتوي الخطة الإعلانية ويتم من خلالها للشركة أو الجهة التي ترغب في الإعلان اختيار الباكج المناسب لميزانيتها”.
أما رنا با جودة التي تملك شركة اعلانات وعلاقات عامة؛ ولأنها كما قالت “لأنني عانيت من الإستغلال؛ اعتمدت في الشركة خطة اعلانية تتناسب مع العاملين في السوشيل ميديا؛ بحيث يكون هناك اتفاق مسبق مع من يتم اختياره للتغطية الإعلامية أو الإعلان؛ عبر تخصيص مبلغ مالي معين مع اعتماد الدعوات الخاصة وهدية عينية كنوع من التقدير للحضور”؛
ويأتي كل ذلك كما أوضحت رنا “يستحق الموضوع كل هذا العناء؛ لأن بعض مشاهير السوشيل ميديا، ليس معني فقط بتغطية اعلامية على حسابه الخاص؛ بل بعضهم مرتبط بتغطية لقروبات خصوصاً على السناب؛ الأمر الذي يتطلب جهد ووقت ليس مجاني على الإطلاق”.
من جهته أبان سعود كاتب أستاذ الإعلام الجديد بجامعة الملك عبد العزيز بجدة “انستجرام وسناب شات خلق فرص وظيفية؛ رغم عدم وجود إحصائيات؛ إلا أن كثير حقق ثروات من خلال تواجده على هذه المنصات من خلال الإعلان”
ضريبة الدخل هاجس يقض مضجع اعلام السوشيل ميديا.
مع انتشار موضوع اعتماد الحكومة لضريبة الدخل؛ يبدو أن مشاهير السوشيل ميديا؛ لن يكونوا استثناءً؛ الأمر الذي قبله البعض بصدر رحب فيما أكثرية رأت فيه إن تم تطبيقه ظلم كبير كما أبانت نوف بن عمر “أنا لست مع الضريب؛ لأنها مصدر دخلي الوحيد؛ كما أنني لست من المبالغين في الرقم الذي اطلبه للتغطية الإعلامية أو الإعلان!”؛ من جهتها أوضحت رنا باجودة أن “لابد من تقنين موضوع الضريبة؛ بعد فلترة العاملين في هذا المجال؛ وأن يكون هناك استثناءات”.
من جهته أوضح كاتب “الفلترة أمر صعب للغاية؛ على الرغم من وجود تجاوزات أخلاقية في حسابات البعض؛ تتضمن بعض الإيحاءات الجنسية؛ ناهيك عن كون هذه الحسابات تقدم أي محتوى جيد يحترم العقول؛ بالتالي من الصعب السيطرة على الموضوع بشكل عام؛ إلا أن ما يتم تقديمه في السوشيل ميديا والسناب بشكل خاص؛ يدخل في اطار السلع وبالتالي تدخل ضمن ضريبة الدخل”.
في بلاط صاحبة الجلالة .. جنازة المحتضر الذي لا زال يتنفس!
يبدو أن الإعلام الجديد لم يحل محل الإعلام الكلاسيكي؛ إلا أنه أصبح منافساً لها؛ من ناحية جذبه للمستخدمين؛ ومن المؤكد أنه أثر عليه اقتصادياً تأثيراً كبيراً؛ الأمر الذي جعل كثير من الصحف تستغني عن الصحافيين المهنيين؛ بسبب عدم وجود الإمكانيات وتأثرت بذلك المهنية والموضوعية والمصداقية للعمل الصحافي؛ وأصبحت خسارة الإعلام التقليدي خسارتين مادية بسبب انخفاض التوزيع وضعف الإعلان وخسارة على المستوى المهني!
وعلى الرغم من أن الطريق مشرعة لأن يحل الإعلام الجديد محل الإعلام التقليدي؛ الأمر الذي حمل كثير من الإعلاميين على تقمص شخصية السوشيل ميديا كما أبان كاتب؛ التي تأتي على حساب المصداقية والمهنية والموضوعية؛ التي هي ركائز أساسية في الإعلام أياً كان شكله؛ وهو أمر لا تجده كثيراً في الإعلام الجديد!