المشاهير

حسين نجار صوت شجي رخيم محفور بذاكرة السعوديين

جده – رانيا الوجيه
طالما كان صوته الجهوري الرخيم ؛ دليل دخول وقت الإفطار في شهر رمضان، ودعاء السفر بـ”صوته” الذي تبثه الخطوط السعودية على متن رحلات طائراتها ، رسالة أمان وطمأنينة للمسافرين ، ويبقي تعليقه في التلفزيون السعودي على أحداث دخول “جهيمان” للحرم المكي ؛ عالقاً بأذهان كل من عاصروا الأحداث ؛ إنه الدكتور حسين محمد يعقوب نجار، من أوائل الإعلاميين والمذيعين ، والشخصية المحبوبة في أوساط السعوديين، بعدما أمضوا عقودا يترنمون بجميل الكلمات المنسابة بعذوبة صوته الشجي عبر الأثير، كان وما زال ” نجار “قادرا على لفت الانتباه , دون ان يبذل جهدا كبيرا , أو يصيب الملل سامعيه .
• من مكة لـ «ميزوري»
ولد حسين نجار في مدينة مكة المكرمة عام 1944، تلقى تعليمه الأولي في مدارسها ، وبعد سنة واحدة فقط في المرحلة المتوسطة عمل كأستاذ لمادة اللغة العربية في المدرسة والتحق بمعهد المعلمين في مكة ؛ وبذلك أصبح معلما نهارا وتلميذا ليلا، ثم أكمل تعليمه الثانوي والجامعي حتى تخرج في جامعة الملك عبدالعزيز بجدة في تخصص إدارة أعمال، ليواصل مسيرته التعليمية في جامعة “ميزوري” بالولايات المتحدة الأمريكية ويحصل على الماجستير والدكتوراة.
• لقاء «قدسي» غير حياته
بدأ حسين نجار العمل الإعلامي منذ كان طالبا في المرحلة الابتدائية؛ حيث أدرج اسمه كمقدم للحفلات الختامية السنوية التي جرت العادة على تنظيمها في نهاية العام الدراسي، حتى جاء التحول الكبير في حياته بنهاية عام 1964 حين قدم بعض الفقرات في حفل رياضي في مكة احتفالا بفوز النادي الأهلي، وكان بين الحاضرين المعلق الرياضي الشهير “زاهد قدسي” الذي حرص على ضم “نجار” إلى فريق الإذاعة، وبالفعل بدأ العمل بدايات عام 1965 ببرنامج منوعات بعنوان «حدائق منوعة»، عبر إذاعة البرنامج الثاني ، وتوالت البرامج خلال سنين عمله وتنوعت بين الثقافية والعلمية والاجتماعية.
ورغم تقاعد “نجار “عن العمل الإداري عام 2001، إلا أنه استمر في العمل الإعلامي ومحاضرا متعاونا مع معهد الإدارة العامة في جدة، وكذلك مع قسم الإعلام بجامعة الملك عبدالعزيز، والمركز العربي للتدريب الإذاعي والتلفزيوني في دمشق، و إذاعة وتلفزيون الخليج.
• ملامح شخصية
تربى “دكتور النجار” على الأخلاق لدرجة أنه كان يخجل بالجلوس في غرفة مدرسيه , بعدما تخرج من معهد اعداد المعلمين , وأصبح بحكم النظام والمهنة زميلا لهم , فكان يجلس مع الطلاب ، ويتناول الشاي بعد أن يدخل المدرسون الى فصولهم .
ولم يهمز أو يلمز في حق المسئولين أو زملائه الإذاعيين الذين وقفوا في طريق حياته العملية ونجاحاته الإعلامية , لدرجة أنه لم يذكر اسم المسؤول الذي منع ظهور صوته على الهواء , وحوله من مذيع إلى كاتب صادر ووارد، وتميز بشخصية قنوعه راضيه بما أتاه الله لكنه طموح في اشباع جوعه المعرفي، كما أنه انه من جيل الصابرين والعصاميين ؛ حيث تحمل مسؤولية إعالة أسرته بعد وفاة والده , ونال الشهادة الثانوية من المدرسة الليلية , وتخرج من الجامعة وهو موظف وليس متفرغا للدراسة.
• التجويد والاعتراف بالخطأ
و يقول “دكتور النجار” إنه بدأ العمل كمذيع ربط وكان في بدايات عمله يسهب في المقدمات و الديباجة للبرامج التي يقدمها، لكنه اكتشف أن هذا الإسهاب يحرق البرامج، ويشغل المستمع عن المضمون، ومن ثم صار يقدم البرامج بعبارات موجزة بعيدة عن التكلف، مطالباً الطلاب بالاقتداء به في هذا الأمر.
• نقطة تحول بحياته الإعلامية
أهم ما جعل صوته راسخا في أذهان الناس؛ أنه كان المعلق الرئيسي في التلفزيون السعودي على أحداث الحرم المكي عام 1400 هـ عند دخول جهيمان للحرم، وقد صرح دكتور النجار خلال لقاء له مع طلاب قسم الإعلام في جامعة «أم القرى»، عرض فيه جانباً من تجاربه الإعلامية ، أن تغطيته لأحداث جهيمان مرحلة مفصلية في حياته، مشيراً إلى أن اختياره للتغطية لم يكن بسبب وجوده ضمن مجموعة لا تستطيع القيام بالمهمة، وإنما بتوفيق من الله.
وأضاف أنه تمنى خلال أزمة جهيمان أن يكون ضمن شهداء الحرم، لافتاً إلى أن تعرفه على جهيمان كان بمحض الصدفة، إذ طلب منه مدير التلفزيون السعودي حينها، محمد نور كتابة تعليق على صورة ستظهر لجهيمان على التلفزيون بكلمات قليلة ومقتضبة، فما كان منه إلا أن نطق بذلك التعليق الذي ظل محفوراً في ذاكرة المكيين لفترة طويلة، وهو «هذا هو الطاغوت»، وأنه جرى عقب تطهير الحرم من جهيمان وجماعته تنسيقاً بين التلفزيون والجهات الأمنية لنقل الأحداث مباشرة من الحرم؛ لطمئنة تخوف الجمهور على الكعبة الشريفة ، مؤكداً أن وقوفه بجوار مقام إبراهيم لطمأنتهم على سلامة الكعبة كان من أميز محطاته الإعلامية.
• مواقف صعبة
تعرض “دكتور النجار” لبعض التجارب المحرجة في حياته من أبرزها؛ تعرضه للتهديد بالسلاح في أوغندا، وكان وقتها في صحبة الملك فيصل، وكان يريد التوجه إلى مالي عبر مطار أوغندا، لكن عسكريين أوقفوه وأشهروا السلاح في وجهه، وكادوا أن يقتلوه ظناً منهم أنه أحد فلول الفدائيين الفلسطينيين الذين اختطفوا الطائرة الإسرائيلية في المطار نفسه، لكن بعد اتصالات أجراها أحد قادتهم تبين له خلالها أنه ضمن وفد رسمي وتم الإفراج عنه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *