استطلاع

طلاق وكوارث اجتماعية بسبب إعلانات (سناب شات)..

خبراء يطالبون بفرض رسوم ورقابة “الصناعة والتجارة” لصيانة أمن المجتمع
بقلم– رانيا الوجيه
الاقتصاديون والخبراء ( في واد) ؛ يطالبون بترشيد الإنفاق وإعادة ترتيب الأولويات ؛ بالتركيز على الأساسيات والضروريات وتأجيل الكماليات ؛ لعبور مرحلة هبوط أسعار النفط والتحول من اقتصاد الريع إلى الاستثمار والتنمية المستدامة ، بينما مشاهير البرنامج التفاعلي “سناب شات ” وغيره من البرامج المشابهة في (واد آخر)؛ يسخرون شهرتهم ويستغلون حب الجمهور في إعلانات تروج لبضائع وأدوات ومنتجات ،
أغلبها كمالية وغير مهمة ، وجودتها متدنية جداً ، والمؤلم أن الشركات تعلن لتربح من الجمهور ، ومشاهير “سناب شات” يبذلون الجهد لإقناع الجمهور ليربحوا من الشركات المعلنة ، والجمهور ( ضحية) استغلال تفاعلي من الجهتين باختياره، “البلاد” ترصد وتحلل الظاهرة مع مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي والخبراء والمختصين ، الذين طالبوا برقابة وزارتي التجارة والصحة على الإعلانات للتأكد من مصداقيتها ، وبفرض رسوم عليها ، محذرين من خطورة الإعلان عن منتجات طبية وتجميلية قد تسبب أضرار جسيمة ،
ومن الترويج لممنوعات كالمخدرات والخمور، كاشفين ارتفاع نسب حالات الطلاق بسبب الإعلانات عن سلع رفاهية وسفريات وكماليات وماركات عالمية ، مؤكدين أن النزعة الاستهلاكية الترفيّهية لم تعد حكرا على الطبقات العليا، بل طالت حتى ذوي الدخل المحدود ، ربما للتباهي وحب الظهور أو لتعويض النقص والبحث عن “برستيج”اجتماعي أو محاكاة المشاهير.
• «سناب شات « قلب الموازين
تقول كوثر الزهراني إن شركات كبيرة وصغيرة وجدت ضالتها في مشاهير”سناب شات” للترويج لمنتجاتها ، استغلالاً لمتابعة جمهور كبير جداً لهم، في بيع منتجاتهم بالأسعار التي يريدونها ويحققون أرباحاً خيالية جراء ذلك.
وتضيف الزهراني : يجب ألا ننكر أن “سناب شات ” قلب الموازين وكل قواعد المنطق ، وتسبب في شهرة وثراء سريع لـ”مشاهيره”؛ حيث حقق معظمهم في فترة وجيزة ، مالم يحققوه على مدار سنين، بلا شهادة تذكر أو خبرة عملية أو كفاح وجهد ، وأصبح الجيل الحالي أداة سهلة بيد المشاهير ؛ يرفعون بهم قيمتهم السوقية وأسعارهم عند شركات الإعلان ، كما أن المنتجات تكون غالبا قليلة الجودة، والشواهد كثيرة من أشخاص عانوا وتضرروا.
• خطورة المنتجات الطبية والتجميلية
وتشير الزهراني إلى أن الخطر الأكبر هو ظاهرة ترويج المنتجات الطبية و التجميلية، حيث أصبح أي مشهور يدعى الخبرة والفهم في أمور طبية وتجميلية ، بعيدة تماما عن اختصاصه؛ ليحقق متابعة أكبر ، بينما هو غير مؤهل لنصح الجمهور في أمور خطيرة قد تهلك الكثيرين.
• الحل .. رقابة التجارة والصحة
وتؤكد الزهراني أن مطالبة الجمهور بالتوقف عن المتابعة أو الاقتداء بالمشهور أمر مستحيل وغير منطقي ؛ لأن البرامج التفاعيلية ميزتها الحرية في الاستخدام والانفتاح التقني ، لكن يجب أن تكون هناك رقابة من وزارتي التجارة والصحة ، وللوزارتين الصلاحيات في وقف هذا الخطر عبر بيانات وتقارير ، وأيضا توقيف أي شركة طبية أو تجارية ، تُعرض الجمهور لخطر الانجراف وراء منتجات غير مصرح بها أو غير مضمونة.
• الجمهور ضحية الشركات والمشاهير
وتطالب بتنظيم برامج من شأنها رفع درجة الوعي عند الجمهور، في تقييم عناصر السلامة والمنطق فيما يشاهد ويتابع . وتختتم الزهراني بأنه من المؤلم أن الشركة تعلن لتربح من الجمهور ، ومشاهير “سناب شات” يبذلون الجهد لإقناع الجمهور ليربحوا من الشركة المقدمة المعلنة ، والجمهور ( ضحية) استغلال تفاعلي من الجهتين باختياره.
• المراهقون أكثر متابعيهم
وتقول الإعلامية والممثلة شيماء الفضل ، أن المثل العربي يقول ” إسأل مجرب ” ،وبالتالي لكي نجرب أي منتح ، يُفضل أن نسأل الآخرين عنه من أهل الثقة والمصداقية، لكن المشكلة أن هناك الآن أشخاص يعتبرون الإعلانات مصدر رزقهم الوحيد على وسائل التواصل الاجتماعي، وبالتالي أصبح رأيهم غير موضوعي وغير محايد، وتضيف الفضل أن الفئة العمرية التي تتبع مشاهير “السوشيل ميديا”، هم من المراهقين أو الذين لا يملكون الوعي الكاف للتمييز .
• فرض رسوم على المعلنين
وتقترح الفضل ، رقابة وزارة التجارة على المعلنين : لكي تضمن لي جهة مسؤولة مصداقية المنتج والشخص المعلن، وفي المقابل توجيه وإعداد حملات إعلانية مضادة تحمل كلمة ” احذر وانتبه” ، توضح أنه ليس كل ما تراه حقيقه، وأيضا فرض رسوم على المعلنين بتلك الوسائل، حيث أن الإعلانات بالوسائل التقليدية تُخرج المستهلك من بيته للحصول على المنتج ، أما إعلانات وسائل التواصل فهي تقتحم المستهلك داخل بيته وعلى جواله، كما أن الإعلانات أصبحت لا تنتقي الشخص المروج للإعلان ، بل تعتمد على أي شخص يملك عدد كبير من المتابعين، بغض النظر عن مصداقية الشخص وحسن سيرته و سلوكه.
• امتلاكهم الشعبية
وينوه علاء عنبر ، مهندس وناشط على وسائل التواصل الاجتماعي ، إلى أن تطبيق “سناب شات” ،مثله مثل باقي وسائل التواصل الاجتماعي ، مباح ومسموح في حال تم استخدامه الاستخدام الأمثل، وبالتالي أصبحت الإعلانات التجارية تأخذ نصيب الأسد على وسائل التواصل الاجتماعي وبشكل مباشر، ويستعان في تقديمها بمشاهير “سناب شات” ووسائل التواصل الاجتماعي الأخرى ؛ بحكم امتلاكهم شعبية لدى المراهقين والشباب من الجنسين ، مما يدفع الشركات للاستعانة بهم للترويج لبعض المنتجات الاستهلاكية غير النافعة إلى حد كبير.
• طلاق..وكوارث اجتماعية
ويرصد عنبر ، زيادة في نسب الطلاق ، في الآونة الأخيرة ، بسبب الإعلانات عن سلع رفاهية وسفريات وكماليات وماركات عالمية ؛ حيث يتخذ المتابعون مشاهير” السوشيال ميديا” قدوة ، ويحاولون تقليدهم ، مما يزيد الضغوط والشعور بعدم الرضى ، خاصة بعد ظهور موضة تصوير أغلب المشاهير لأسرار البيوت ونشرها للعلن ، مما أدى الى حالات طلاق كثيرة و كوارث اجتماعية.
ويختتم عنبر بأن المال هو الدافع لتقديم الإعلانات، و”سناب شات” متاح لكل من (هب ودب )، وهو وسيلة تواصل مع الآخرين وأصبح وسيلة لعرض الإعلانات أيضا ، واستخدامات وسائل التواصل سلاح ذو حدين ولكل ظاهره نهاية .
• مطلوب ..احترافية وقانونية
وللمذيعه رهام رشاد فراش وجهة نظر مختلفه ترى : الإعلانات عن طريق المؤثرين علم متخصص وفن تسويقي، لكن لابد أن يتم بطريقة احترافية وقانونية، ولا زالت الكثير من الشركات تقع في خطا اختيار المشهور الذي يعلن لها عن منتجاتها أو خدماتها بأن تعتمد في تقييمه على عدد المتابعين ، بينما هناك معايير احترافية متعارف عليها عالميا لقياس مدى تأثير المشهور على مواقع التواصل وتخصص ونوعية المحتوى الذي اشتهر به.
وتضيف فراش: يفترض أخلاقيا ومهنياً أن يصرح المشهور عن الإعلان ويقول انه مدفوع عند قيامة بعمل دعاية معينة لجهة ما، وإلا يفترض انه سيقاضى قانونياً، ويترك للجمهور حرية الاختيار واعتقد ان المجتمع اصبح اكثر وعي وانفتاح وبإمكانه التمييز بين الجيد والرديء ويستطيع التحكم في ميزانيته الشرائية إذا ما رغب في ذلك.
• متاجرة بالمتلقي
ويرصد دكتور فهد الخضيري عالم الأبحاث وعضو مجلس إدارة جمعية حماية المستهلك ، انشغال الناس حالياً بوسائل التواصل الاجتماعي الحديثة وابتعادهم عن التلفاز والصحف ؛ لعدم وجود الوقت الكافي ، أو لأن الصحف والتلفاز لا تعطي المعلومة المختصرة المفيدة ، وتعتمد على الإسهاب والإطالة، فصار ارتباط الناس بوسائل التواصل أكثر وأشد ، لكن للأسف الشديد معظم مشاهير “سناب وغيره”، صاروا يتاجرون بالمتلقي فيفرضًون عليه دعايات معظمهما كاذبة أو غير دقيقة أو فيها مبالغة وتهويل، وفي النهاية يتجرع المتلقي ( المستهلك ) الغصة والخدعة ، ويشترى مالا يحتاج ، أو يشتري السلعة بأثمان أغلى من السعر الحقيقي ؛ بسبب الدعاية الزائفة والتعلق النفسي الخفي بصاحب أو صاحبة السناب أو الانستقرام أو غيرها من وسائل النصب الجديدة ويستفيد المعلن أو البائع بتصريف بضاعته بأعلى الأثمان ، والمتابع لهذه الظاهرة يجد أغلب المخدوعين بتلك الإعلانات الزائفة من البسطاء والجهلة ،ومن ليس له نصيب كاف من العلم والثقافة أو من صغار السن والمراهقين.
• وصل الأمر.. لترويج المخدرات
ويدق الخضيري ناقوس الخطر ، محذراً أن الأمر تعدى استغلال تعلق البسطاء والجهلة بأصحاب الترويج الدعائي بوسائل التواصل الاجتماعي إلى أمور أخرى لا تحمد عقباها ؛ حيث وصل الأمر لترويج المخدرات والخمور، كما شاهدنا خلال الأشهر الماضية .
ويهيب الخضيري بكل ولي أمر وكل من له دور أن يثقف من حوله ، ويخبرهم بأن تلك الدعايات والتسويق إنما هي مصالح مادية بين المعلن وصاحب السناب والضحية هو المتلقي ، ويجب ان يكون للإعلام وللمثقفين دور في التوعية والترشيد.
إعلانات (سناب شات).. تحالف (مشاهير ومعلنين ) لترويج منتجات (كمالية).. والجمهور ضحية الطرفين
• منصات إعلانية مؤثرة
وتقول حنان شعشوع الشهري باحثة دكتوراه في علم الاجتماع بجامعة الملك عبد العزيز: إن النمو السريع لهذه التطبيقات مثل “سناب شات”، وتزايد المبالغ التي تنفقها الشركات على الإعلانات والإيرادات الخيالية التي يحققها المشاهير، أسباب جعلت “سناب” وغيره منصات إعلانية مؤثرة ، بل ومن أكثر وسائل الترويج جاذبية وحضوراً، و أصبحنا اليوم نشاهد ازدحاما لإعلانات السلع والخدمات يقابلها تنوع حاجات ورغبات المستهلك.
• إنفاق بذخي تفاخري (فوضوي)
وتضبف الشهري : إذا ما أردنا تحليل سلوك المستهلك، ينبغي الأخذ بعين الاعتبار العديد من العوامل مثل؛ الوعي المجتمعي والطبقة الاجتماعية والثقافة والعمر والعوامل النفسية إضافة إلى الظروف الاقتصادية، وهذه الأخيرة يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار خاصة إذا انحرف الاستهلاك عن مساره الطبيعي ، وأصبح يهدد استقرار الفرد والنمو الاقتصادي للمجتمع ، وتظهر هذه الحالة على شكل إنفاق بذخي تفاخري (فوضوي)، يكون فيه حجم الإنفاق أكبر من مستوى الدخل ؛ حيث يسعى الفرد جاهدا إلى امتلاك الماركات الغالية والأنواع الفارهة من السلع.
• النزعة الاستهلاكية طالت البسطاء
وتلفت الشهري إلى أن هذه النزعة الاستهلاكية الترفيّهية لم تعد حكرا على الطبقات العليا، بل طالت حتى ذوي الدخل المحدود ، ربما للتباهي وحب الظهور أو لتعويض النقص والبحث عن “برستيج”اجتماعي أو محاكاة المشاهير، الذين يعرضون حياتهم وسفراتهم ومقتنياتهم الجديدة –كل يوم- على حساباتهم ليكسبوا مزيدا من المعجبين، كل ذلك يسبب هدرا للموارد الاقتصادية للمجتمع والتفكك الأسري نتيجة لتعرض البعض للسجن بسبب الديون والقروض وغيرها.
وتختتم باحثة الدكتوراة في علم الاجتماع بالتوصية بضرورة تعميق الوعي المجتمعي وترشيد الاستهلاك من قبل الأسرة والمجتمع ، والحد من أساليب الدعاية والإعلانات التي تعزز الاستهلاك التفاخري.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *