الفن

سناء جميل المتألقة في كل الوجوه

القاهرة – امال رتيب
هي فضة المعداوي٬ ونفيسة أخت الضابط٬ وحفيظة زوجة العمدة٬ وابنة الباشاوات وهي سناء جميل٬ ولكنها لم تكن أي من هؤلاء٬ حتى اسمها الذي عاشت به لم يكن نفسه الاسم الذي ولدت به٬ ولكن ما لا يختلف عليه أنها علامة فارقة من علامات السينما المصرية والعربية
ولدت ثريا يوسف عطا الله المعروفة باسم سناء جميل في ١٢ يوليو ١٩٣٠ من أسرة صعيدية عريقة٬ حيث كان والدها يشتغل محاميا في المحاكم المختلطة التي ألغيت قديما بينما كانت والدتها من خريجي كلية البنات الأمريكية بمحافظة أسيوط٬ وما لا يعرفه الكثيرون أن لها شقيقة توأم.
ابنة الباشوات وخريجة المدارس الفرنسية
الفنانة الجميلة والمتألقة “سناء جميل” التي قدمت عشرات الأعمال الفنية التي مازالت راسخة لحد الساعة بين أدوار كوميدية وأخرى درامية وجادة٬ سناء جميل وبالرغم من مشوارها الفني الكبير إلا أنها عاشت حياة قاسية منذ الطفولة حتى توفيت.
بداية تعاسة الفنانة الراحلة سناء جميل بدأت قبيل الحرب العالمية الثانية وانتقال والديها للعيش بالعاصمة القاهرة وتركها بمدرسة المير دى دييه الداخلية الفرنسية آنذاك وهي تبلغ 7 سنوات فقط من العمر٬ لتكون الصدمة الكبرى لها حين اختفاء والديها مع شقيقتها التوأم وتركها في المدرسة الداخلية محرومة من حنان الأسرة ولم يظهرا بعد ذلك ولم يعرف لحد الساعة سبب اختفائهما الغريب وهل مازالا على قيد الحياة أم لا بحسب ما يرويه زوجها الكاتب الصحفي لويس جريس.
من جهة أخرى عاشت الفنانة سناء جميل حياتها كلها وهي تنتظر تلك اللحظة التي تلتقي فيها مجددا مع أسرتها الصغيرة وترى شقيقتها التوأم دون أن يتحقق حلمها هذا.
والمفاجأة الكبرى الأخرى أن الفنانة سناء جميل لم تدفن إلا بعد مرور أربعة أيام كاملة على وفاتها ولم يعرف الكثيرون السبب وراء ذلك حتى كشفه زوجها الذي قال إنه قرر عدم دفن جثة زوجته سناء جميل عسى أن يظهر أحد من أسرتها حيث قام بعمل إعلانات كثيرة على جرائد مختلفة إلا أنه لم يسأل فيها أحد لتدفن وحيدة عن عمر يناهز 72 سنة في 27 أبريل 2002بعد إصابتها بالسرطان.
التقت بزوجها لويس جريس عن طريق زميلة صحفية سودانية اسمها خديجة، كانت تدرس الصحافة في مصر، وكانت مبهورة بتجربة «روز اليوسف»، التي كان لويس يعمل بها صحفيًا، وقبل عودتها إلى الخرطوم، أقامت حفلاً كبيرًا لتوديع أصدقائها في منزل سناء جميل، وكان لويس جريس أحد المدعوين للحفل،
وهناك كان لقاؤه الأول بالفنانة سناء جميل، وعندما قرر لويس جريس الخروج من منزلها، سألته سناء جميل مازحة: «يا لويس معاك تلاتة تعريفة؟»، فرد عليها: «معايا قرشين صاغ»، فردت قائلة: «طيب عال خالص، أنا هستنى تليفونك بكرة الساعة 12 الصبح»، وكانت بداية قصة حب سناء جميل ولويس جريس.
ظل الصحفي الشاب لويس جريس لفترة طويلة، يكتم حبه لسناء جميل، إذ كان يعتقد خطئًا أنها مسلمة، خاصة وأنها كانت كثيرًا ما تردد عبارات مثل «والنبي» و «والله العظيم»، ولكنه قرر أن يصارحها في إحدى المرات معاتبًا القدر قائلًا: «لو مكنتيش بس انتي مسلمة وأنا مسيحي كنت طلبتك للجواز»، فابتسمت «سناء» قائلة: «أنا مسيحية يا لويس وموافقة»، وأوضحت له لاحقًا أنها تعلمت تلك العبارات من صديقاتها زهرة العلا وسميحة أيوب.
صفعة عمر الشريف افقدتها حاسة السمع وأحمد زكي حقق لها أمنيتها
ولم يكن زواج الفنانة العملاقة من الصحفي المغمور مباركا من الجميع؛ فقد توقع البعض فشل تلك الزيجة وحرص البعض على إشعال الغيرة والمشاعر السلبية بين سناء جميل ولويس جريس، ولكن العلاقة القوية التي ربطتهما حالت دون ذلك. تفهُم جريس موهبة سناء ومعايشتها لفنها كواقع حقيقي كان العامل الأهم لنجاح تلك الزيجة، وكثيرًا ما شهد تقمصها للأدوار التي كانت تجسدها على الشاشة الفضية والتليفزيون.
ومن الأدوار التي لها مواقف طريفة مع الزوجين دور المعلِمة «فضّة المعداوي» في «الراية البيضا»؛ ففيه تحولت سناء من المرأة الارستقراطية المثقفة إلى امرأة شعبية متسلطة ديكتاتورية تصارع من أجل أطماعها المادية غير المشروعة.
وذات يوم كانت الفنانة المصرية مع زوجها في الإسكندرية، قبيل تصوير المسلسل، ففوجئ لويس بزوجته دمثة الخلق ذات التعليم الفرنسي وهي تتصرف بعدائية شديدة، وتتعامل بلغة حادة لم يعهدها طوال فترة ارتباطهما الطويلة معًا.
وقتها أدرك على الفور أنها في حالة معايشة لدور «فضّة»، فآثر ألا يبدي أي ردود فعل تجاه ذلك كي لا يفسد عليها تلك الحالة، والتي قدمت لنا أقوى أدوارها التليفزيونية على الإطلاق، فتحمل بذلك في الواقع ما لم يستطع جميل راتب تحمله منها أمام الكاميرا.
ومن أعظم الأدوار التي جسدتها الفنانة الراحلة سناء جميل على شاشة السينما، كان دور الفتاة الفقيرة التي تضحي بمستقبلها وكرامتها من أجل عائلتها وشقيقها الانتهازي، الذي جسده النجم العالمي عمر الشريف.
ويُعد فيلم «بداية ونهاية» واحدًا من أفضل 100 فيلم في تاريخ السينما المصرية، وذلك بإجماع كثير من النقاد الذين أشادوا خاصة بدور «نفيسة» وبأنه كان نقلة فنية كبيرة في مشوار سناء جميل السينمائي.
ولكن إتقان الأدوار لم يكن أمرًا سهلًا عليها، بل تطلب منها العديد من التضحيات، حتى أنها عانت من ضعف حاسة السمع حتى رحيلها؛ بعد «لطمة» قوية تلقتها من عمر الشريف في نهاية الفيلم٬ الذي اندمج كعادته في تقديم دور الشقيق المصدوم في حقيقة شقيقته وبأنها كانت تنفق عليه من عملها كـ «فتاة ليل»، فصفعها بشكل قاس فقدت على إثره حساسة السمع بإحدى أذنيها.
حصلت سناء جميل على وسام العلوم والفنون في عام 1967، كما تم تكريمها في مهرجان الأفلام الروائية في عام 1998، بالإضافة إلى مجموعة من جوائز وزارتي الثقافة والإعلام، والعديد من أوسمة التكريم على مدار مشوارها الفني الطويل في الفترة ما بين 1950 وحتى 1998.
الممثل الوحيد الذي طلبت منه الفنانة الراحلة سناء جميل التمثيل معه كان الفنان أحمد زكى، الذي حادثته هاتفيًّا، وقالت له: «عايزه أمثّل معاك قبل ما أموت»، فاستجاب الفنان أحمد زكى وتعاونا معًا في فيلمين، هما «سواق الهانم»، و«اضحك الصورة تطلع حلوة».

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *