بقلم- نوره العمودي
في ظل الإعلام الجديد وعصر السوشيال ميديا، تداخلت على الناس المفاهيم واختلطت المصطلحات وعمت الفوضى المجال الإعلامي؛ وبات كل من “هب ودب” يطلق على نفسه لقب إعلامي”، حتى تصور للكثيرين أن كل نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي اليوم هم الإعلاميون.
وأصبح تعريف من هو الإعلامي؟ يُطرح نفسه اليوم ليثير ضجة عارمة من حوله، وتبقى الإجابات والتعريفات محل جدل كبير؛ لذا نقف اليوم لنستعرض ونناقش أهم وجهات نظر ممارسي الإعلام وناشطي مواقع التواصل الاجتماعي في التالي: من هو الإعلامي؟.. وما يميزه عن الناشط على مواقع التواصل الاجتماعي؟.. ومن الأغنى بينهما والأكثر فائدة للمجتمع؟.. وما هو المستقبل الإعلامي لهما؟.. وكيف يرى بعض نشطاء التواصل الاجتماعي أنفسهم وأدوارهم؟
من هو الإعلامي؟
كمال عبدالقادر: الحس الصحفي وامتلاك قضية.. أساسيان للإعلامي
يُعرف المستشار الإعلامي كمال عبدالقادر”الإعلامي” بأنه من يمتلك ركنين أساسيين لا يكون إلا بهما وهما: العامل الفني (الحس الصحفي) كالقدرة على الكتابة الصحفية والظهور على الشاشة، وثانيهما امتلاك القضية؛ لأن الإعلامي بلا قضية أجوف.
جمال بنون:الناشط ليس إعلاميًا.. و»المنصات» متاحة للجميع
ويرى الكاتب والصحفي الاقتصادي جمال بنون “الإعلامي” بأنه الممارس لكافة العمليات الإعلامية من صحافة وراديو وتلفزيون بمختلف منتجاتها، أي قد يكون المذيع أو الصحافي أو المصور للمادة.
سارة العتيبي:90% من نجوم التواصل الاجتماعي أساليبهم تهريجية
وتُعرف مشرفة النشر الإلكتروني بصحيفة عكاظ سارة العتيبي “الإعلامي” بأنه في الأساس خريج أحد فروع كلية الإعلام، أو قد يكون من أحد العلوم الأخرى واستهوى الشأن الإعلامي وهموم الناس ونبض الشارع، ورأى في نفسه القدرة على خدمة الوطن وحمل الرسالة.
د. ناهد باشطح:المستقبل للأقوى و «لا يصح إلا الصحيح»
وبحسب رئيس “أبعاد لصناعة المحتوى الرقمي” د. ناهد باشطح “الإعلامي” هو كل من باستطاعته صنع المادة الإعلامية سواء كانت في وسائل الإعلام التقليدية أو الاجتماعية الجديدة.
الرسالة و القضية
وفيما يخص التداخل بين مفهوم العمل الإعلامي وما يقوم به ناشطو السوشيال ميديا، يؤكد جمال بنون أن الناشط على منصات التواصل الاجتماعي ليس إعلاميًا. فهذه المنصات تستخدمها جميع فئات المجتمع.
ويتساءل: فهل من الممكن أن نُطلق على جميعهم إعلاميين؟، ولا يخفى علينا أن منصات التواصل الاجتماعي قد تبرز الماهر الذي يمتلك مهارة توصيل الرسالة أو المعلومة عبر هذه المواقع؛ هنا يكون الناشط قد امتلك الوسيلة، لكن تنقصه الرسالة والقضية.
الفارق بينهما؟
ووفقًا لـ سارة العتيبي، هناك فارق كبير بين الناشط والإعلامي؛ فالناشط قد تهمه قضايا معينة وليس من الضروري أن يكون إعلاميًا. أما الإعلامي فهو مختلف تمامًا بسماته وخصائصه والرسالة التي يحملها.
وتتفق د. ناهد باشطح مع رأي”العتيبي” قائلة: القضية تكمن في استخدام الناشط لهذه المواقع.. فهل يمتلك الرسالة والهدف اللذين يميزان الإعلامي؟
“موجة التواصل الاجتماعي”
تقول سارة العتيبي: نحن لا نقلل من شأن ودور مواقع التواصل الاجتماعي فهي بوابة كبيرة ومهمة جدًا، يستطيع المستخدم من خلالها إيصال الرسالة أو الفكرة للفئة المستهدفة، والكثير من الناشطين عليها من المسؤولين، المدراء، الأكاديميين، وقدموا أعمالهم من خلالها بالشكل الإيجابي المقنن والذكي.
وتضيف: هذه المواقع نجحت في تنجيم وإظهار بعض الإعلاميين الذين استخدموها بالشكل المطلوب من أجل انتشار الغاية الصحيحة وخدمة القضايا الوطنية، لكن هذا لا ينطبق على الجميع.
وترى د. ناهد باشطح أن مواقع التواصل الاجتماعي صنعت إعلاميين لم يكونوا موجودين، واستبعدت إعلاميين تقليديين. وتعتقد أن المواقع هذه أشبه بالموجة وكل من استطاع ركوبها للوصول إلى مكتسباته سيمضي في طريقه.
مصير “النشطاء”
وتطرح د. ناهد باشطح سؤالًا تخيليًا:” إذا حدثت ثورة تقنية أدت لاندثار مواقع التواصل الاجتماعي.. وأصبحت هناك وسائل وأدوات أخرى.. فكيف سينتهي الحال بناشطي السوشيال ميديا؟”
استخدام إعلاني
بينما يؤكد جمال بنون أن مواقع التواصل الاجتماعي لا تصنع الإعلامي إطلاقًا؛ لأن الممارس الإعلامي لا يحتاج لها بينما الناشطون يستخدمونها بشكل إعلاني أكثر.
من الأغنى بينهما؟
تجيب سارة العتيبي على سؤال: من الأغنى بين الإعلامي والناشط على مواقع التواصل الاجتماعي؟، قائلةً: بعيدًا عن الغنى المادي (المالي)، فالإعلامي صاحب القلم والقضية، هو الأغنى والأجدر والأبقى والأكفأ كونه يحمل رسالة نبيلة.
ويرى جمال بنون أن: المسألة تعتمد على المهارة، وحتى الآن لم أشاهد إعلاميًا أو ناشطًا غنيًا، ولكن بعض المستفيدين أو المشاهير استطاعوا توظيف هذه المواقع لصالحهم وبالتالي استطاعوا تحقيق المكاسب المالية من خلالها.
ويعلق كمال عبدالقادر مؤكدًا أن المؤمن بقضيته هو الأغنى.
المستقبل الإعلامي
لا تعتقد د. ناهد باشطح أن ناشطي مواقع التواصل الاجتماعي سيكونون هم الإعلاميين في المستقبل لسبب مهم؛ وهو أن المستقبل للأقوى و “لا يصح إلا الصحيح” بحسب قولها، إلا إذا استطاع الناشط حمل الرسالة وطور من نفسه ومهاراته، فبالإمكان “وقتها” أن يصبح إعلاميًا.
ويشير كمال عبدالقادر إلى أن هؤلاء الناشطين أشبه بفقاعات الصابون، ويشدد على أن الناس يحبون الذين يحملون القضية ويعبرون عنهم، بينما لا يميلون لمن يعبرون عن أنفسهم.
ويتفق”بنون” مع “باشطح” و”عبدالقادر” متسائلًا: مثل من يصور مقاطع الفيديو المضحكة أو بعض اللقطات في السوق هل من الممكن أن يكون إعلامي؟، هو فقط يستخدم هذه المنصات لإبراز بعض الجوانب والأنشطة.
دراسة
وتدلل سارة العتيبي على صحة الرأي السابق؛ بأن دراسة حديثة أثبتت أن 90% من النجوم واللامعين في مواقع التواصل أساليبهم تهريجية ولا تتضمن محتوى قوي، مما يعني أن المشاهير وإن “نُجم” بعضهم وجنى الأرباح المالية؛ فهو يفتقر للمحتوى والفكرة وعدم الدراية بكيفية الاستمرارية التي تتطلب الصبر والاجتهاد.
الفعاليات المهمة
فيما يخص إقامة الفعاليات والمناسبات المحلية المهمة، تقول الرئيس التنفيذي لإحدى شركات التسويق وإدارة الفعاليات “عبير بلوش” عن تخصيص الأماكن للإعلاميين: يعتمد الأمر على الفعالية نفسها، فمعظم الفعاليات تُمكّن من التخصيص والبعض لا يتطلب، خاصة في المعارض التي لا تتوافر فيها المقاعد وأماكن الجلوس. وبالنسبة للمميزات التي تُقدم لهم غالبًا تكون قسائم مقدمة من الجهات المنظمة نفسها، سواء كان أحد الفنادق أو المطاعم أو غيرهما، وفي المؤتمرات الصحفية تكون هناك هدايا مخصصة للإعلاميين.
وعن تفضيل وتقديم بعض مشاهير السوشيال ميديا على الإعلاميين والصحافيين تعلق “بلوش”: قد يكون هناك تفضيل من قبل الجهات المنظمة نظرًا لأعداد المتابعين الكبيرة التي يمتلكونها، مما سيساعد على الإعلان والترويج للفعالية من خلال حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي قبل موعدها وحتى في وقت تنفيذها.
ناشطو السوشيال ميديا
عزيز الزامل:الجهل بالمسميات المهنية سيتغير بمرور الوقت
عبدالعزيز الزامل أو كما يُعرف بـ “عزيز الزامل” والذي يُصنف نفسه كأحد صانعي المحتوى على مواقع التواصل الاجتماعي والمهتمين بالأفلام والمسلسلات، يقول: الإعلام قد يُمارس كجهد شخصي ولكن من الصعب أن يُصنف أي شخص نفسه إعلاميًا، فالإعلامي له مهنته وشهادته الشخصية.
فعلى سبيل المثال الكثير من الناس يصنّفونني كناقد للأفلام، رغم أن مهنة النقد تتطلب شهادات علمية، وهذا الأمر مشابه لتسمية مشاهير السوشيال ميديا بالإعلاميين. وأعتقد أن هذا يحدث بسبب جهلنا بالمسميات المهنية حاليًا، وبلا شك سيتغير الوضع بمرور الوقت.
سعد الضاوي:الإعلامي هو المتمرس والمتخصص أكاديميًا
وبحسب تصنيف “سعد الضاوي” لنفسه كأحد الناشطين المهتمين بالتقنية والتطبيقات في السوشيال ميديا، يقول: ليس كل مشهور على مواقع التواصل الاجتماعي يُمكن اعتباره إعلاميًا، فالإعلامي هو المتمرس والمتخصص دراسيًا (أكاديميًا) في المجال الإعلامي.
ويستكمل: لا ننكر أن بعض مشاهير السوشيال ميديا استطاعوا من خلال حساباتهم الشخصية الترويج لأنفسهم وأفكارهم والمحتوى الذي يقدمونه، وتفوقوا بقدرتهم على التواصل والتفاعل التي يفتقدها الكثيرون.
