المهد جبل شبه أحمر يشرف على بلدة المهد من الغرب٬ ومهد الذهب إحدى محافظات منطقة المدينة المنورة، تقع في الجزء الجنوبي الشرقي من المنطقة على بعد 170 كلم تقريبًا. يتقاطع بالقرب من المهد مدار السرطان مع درب زبيدة المعروف تاريخيًا، ويبدأ من العراق وينتهي في مكة.
ولم يكن المهد هو انطلاقة الذهب فحسب٬ ولكن كان أول مصباح كهربائي أضاء في الجزيرة العربية في منجم مهد الذهب.
جبل رايان
جبل رايان يقع جنوب غرب المهد يصل ارتفاعه إلى 1178م فوق سطح البحر، فيه معالم أثرية٬ كونه محطة رئيسة على طريق الحج (درب زبيدة) كانت تضم معالم عمرانية راقية، كالقصور التي نزلها الخلفاء والقادة العباسيون، ومنهم الخليفة هارون الرشيد، وأيضًا لوجود الخزانات والحوانيت. وعند رايان يتفرع الدرب إلى فرعين: الأول: يتجه من رايان إلى مكة المكرمة عن طريق صفينة وحاذة، والثاني: يتجه من رايان إلى مكة المكرمة عن طريق أفاعية. وهناك ما يعرف بالدرب الفرعي: يصل بين مكة والمدينة من شرقي الحرة فهو يخرج من المدينة على العاقول ثم غراب، الضميرية، الحجرية، فالأصعبية، ويمر يمينًا بالسوارقية، صفينة وحاذة إلى أن يصل مكة المكرمة.
والدرب الفرعي الغربي (يعرف بطريق الحاج القوي)، وهذا الطريق يعبر من مكة المكرمة عبر الساحل حتى يصل إلى محاذاة وادي حجر، ويمر به مع الجبال حتى يصل إلى قرى بني عبدالله من جهة الحمنة ثم يتجه شمالًا إلى أن يصل من جهة قباء نزولًا للمدينة.
تاريخ وبساتين
تتميز محافظة مهد الذهب بأهمية موقعها ومكانتها وكونها منجمًا ومنزلًا من منازل الحجيج على درب زبيدة، وبما أن أرضها عُرفت باحتضانها للذهب والفضة والنحاس وغيرها من المعادن، كما أن أرضها عُرفت كواحة لبساتين النخيل الغناء وموارد ماء تقصدها البادية للارتواء، حيث محافظة المهد تحوي العديد من المواقع التاريخية والآثار الضاربة بجذورها في عمق التاريخ القديم والإسلامي، حيث النقوش الكتابية والرسوم الصخرية والمباني التاريخية والأطلال والآبار وبرك درب زبيدة، التي نقلت حضارة الماضي في روعة وعظمة. وتاريخ هذه المحافظة عُرف منذ الألف الأولى قبل الميلاد، مرورًا بعهد الدول الإسلامية حتى عصرنا الحالي.
لمحة تاريخية
أثبتت النظائر المشعة لمخلفات التعدين في محافظة مهد الذهب أنها تعود لــ 961 ق.م ٬ أي قبل نحو 3 آلاف عام. وقد استؤنف التعدين فيها في العهد العباسي٬ وتحديدًا في عهد الخليفة هارون الرشيد (750م)، حيث استخرج ما يزيد عن 40 طنًا من الذهب والفضة، أما البعثة العثمانية فقد أقر خبراءها بوجود الذهب لكن تركوا مهمة التعدين لأنهم وصفوها بالمستحيلة في ظل انعدام المياه في المنطقة.
وكانت بداية تأسيس محافظة مهد الذهب؛ تجمع بعض أفراد القبائل في الجهة الشمالية لمنجم الذهب، كانوا يعملون باليومية في المنجم، وكانت أجرتهم عبارة عن بعض المواد الغذائية كالسكر والشاي بالإضافة إلى الأجرة النقدية، وكان ذلك بحد ذاته عامل جذب؛ إذ أن المنطقة لا توجد بها مقومات الحياة الاستيطانية كالآبار العذبة أو العيون الجارية، وكونت تلك التجمعات ما يعرف بالمهد القديم قبل الانتقال للجهة الشرقية من المنجم، حيث تم توزيع الأراضي وتقسيم المخططات، وكان ذلك متزامنًا مع نهوض شامل في جميع مدن ومحافظات المملكة وطفرة في السكان والمال، أما بالنسبة للمهد القديم فهو الآن عبارة عن أطلال من الصفيح والأخشاب.
العهد السعودي
استؤنفت عمليات التعدين للمرة الثالثة في عهد المؤسس الملك عبد العزيز (1939 ــ 1954م) بواسطة نقابة التعدين العربية السعودية (سامس)، حيث أنتجت نحو 23 طنًا من الذهب، و31 طنًا من الفضة.
وبسبب تدني أسعار الذهب، وارتفاع تكلفة الإنتاج، وقلة درجات تركيز الخام، توقف العمل في المنجم بشكل مؤقت، قبل أن يُستأنف مجددًا بصورة رسمية على يد الملك فهد بن عبد العزيز٬ وفي منتصف عام 1988م بدأ الإنتاج التجاري إلى جانب الأنشطة الإنتاجية الأخرى، واستهلت إدارة المنجم برنامجا استكشافيًا للبحث عن الخام في المنطقة بالامتياز، وجاءت النتائج إيجابية ومشجعة، حين كشفت عن تضاعف حجم الخام، الأمر الذي ترتب عليه إطالة عمر المنجم وخفض التكلفة.
ويعد منجم المهد أكبر منجم لإنتاج الذهب في المملكة، إذ ينتج ما يقارب 100 ألف أوقية من الذهب و300 ألف أوقية من الفضة سنويًا.
تحت الأرض
يضم المشروع منجمًا تحت سطح الأرض بأنفاق يزيد طولها على 40 كيلو مترًا، يشتمل على مصنعًا، مصفاة، محطة كهرباء، وحدة لتحلية المياه، ورشة للصيانة، ومستودعات، كما يشمل مدينة سكنية للعائلات وكبار الموظفين، إلى جانب معسكر عام لسكن العاملين، ويوفر المشروع الوجبات الغذائية، خدمات الترفيه، والنوادي الرياضية، ويضم مكتبة، مخبزا، مغسلة، ومركزا للرعاية الطبية.
ويجري إنتاج المعادن في المنجم بطرق حديثة وتكنولوجيا متقدمة، بدءًا من التعدين (الحفر)، وانتهاءً بمعالجة المنتجات النهائية من الذهب، الفضة، النحاس، والزنك، بإدارة شركة التعدين العربية السعودية «معادن».
أسواق
توجد عدّة مشروعات اقتصاديّة تعتمد على التعدين في مهد الذهب، فهناك بالإضافة إلى منجم الذّهب٬ هناك منجم النّحاس؛ وهو أكبر منجم للنّحاس في منطقة الشرق الأوسط كلها، ويتم اكتشاف مناجم أخرى للذّهب بهدف استثمارها.
تدرس شركات سعودية الجدوى الاقتصادية في منطقة أم الدمار التعدينية في محافظة مهد الذهب؛ بعدما اكتشف الجيولوجيون مخزوناتٍ من الذهب، ويتوقع أن يضاف منجم أم الدمار إلى المشرعات التعدينية في محافظة مهد الذهب، كما أن أكثر من نصف مبيعات السعودية من البترول تمر بهذه المحافظة متمثلة في خط أنبوب النفط الذي يقطع المحافظة من الشرق إلى لغرب بمسافة تزيد عن 200 كم، ويمر بقرى ثرب والمندسة والضميرية وحزرة، ومصدر هذه الأنابيب مضخات النفط في مدينة بقيق ووجهتها إلى ميناء ينبع المطل على البحر الأحمر.
وهناك عدّة أسواق في المنطقة ومنها سوق البدو وهو من أقدم الأسواق، وتباع فيه مستلزمات أهل البادية من أوعية وحبال وغيرها، إضافة إلى بعض السلع الغذائيّة، وهناك السوق القديم، وهو لبيع الخردة والملابس، وسوق النساء، وهو عبارة عن بسطات لملابس النساء التقليديّة، ويقع ضمن السوق القديم والجديد، ولهذا السوق مبنىً مستقل على الطّرز الحديثة.