استطاع كبار رجالات المدينة المنورة أن يحولوا هوايتهم وشغفهم بالاحتفاظ بكل ما لديهم من مقتنيات إلى حفظه للتاريخ والأجيال المتعاقبة٬ لدرجة أصبحت بها المدينة أكثر مدن المملكة احتواء للمتاحف الخاصة٬ مما دعا الهيئة العامة للسياحة والآثار للاهتمام بهذه المتاحف٬ التي تحكي تاريخ الآباء والأجداد٬ والحرص على الحضور وبقوة خلال اجتماعهم السنوي٬ داعمة لهم٬ سواء من خلال الدورات التدريبية والتثقيفية والرحلات الاستطلاعية التي استفادوا منها في طرق الحفظ والعرض، إضافة الى ربط الترخيص بمعايير محددة تتعلق بطريقة العرض ومواصفات المتحف؛ ما أسهم في تطوير المتاحف المرخصة.
بدايات
وعندما نتحدث عن المتاحف الأثرية في منطقة المدينة المنورة لابد أن نذكر متحف “المغامسي”، الذي يضم العديد من المقتنيات الأثرية القديمة التي جمعها “سند عبدالرحمن المغامسي” على مدى 40 عامًا، شملت حضارات مختلفة في أرجاء المملكة.
ويعد المتحف أحد الشهود على تاريخ المدينة وتراثها من أدوات وملابس٬ نتعرف منه على تفاصيل المتحف.
عندما ازدحمت لديه الأواني والملابس والحلي٬ قام المغامسي بتصميم متحفه للتراث الشعبي وبناه بالحجارة في مزرعته التي تبعد عن المدينة 20كم٬ وغطى أسقفه بالخشب.
وكانت البدايات كما يقول: «عندما شجعني مدير تعليم المدينة سابقًا -رحمه الله- على أهمية التراث، وكنت وقتها مديرًا لإحدى المدارس في المدينة المنورة».
ولكنه يؤكد أن اقتناء مثل هذا التراث القديم يتطلب الكثير من المال من أجل الحصول عليه وجمعه٬ مضيفًا: بدأت به كمتحف صغير مكون من غرفتين في أحد أحياء المدينة القديمة حتى وصل إلى ما هو عليه في متحفي هذا من جمع العديد من مقتنيات التراث القديم والعناية والاهتمام بها.
مقتنيات حضارية
وجمع المغامسي مقتنياته الأثرية من مخطوطات وكتب ووثائق وأسلحة قديمة وحلي وملابس وفوانيس وقناديل قديمة٬ وثوب المردون الذي كان يرتديه الرجال في الماضي وحلي نساء المدينة المنورة وبعض الأواني والمقتنيات٬ حفظًا للذاكرة٬ أو قراءة حية لمشاهد الأجداد ونمط حياتهم.
ويضم المتحف العديد من المقتنيات الأثرية التي حرص على جمعها من تاريخ الآباء والأجداد والتي تضم أنواعًا قديمة من دلال القهوة ومشتقاتها صناعتها محلية٬ والمد والصاع الخشبي٬ ونوع آخر من الحديد ومجموعة من الفوانيس متعددة الأنواع٬ وعدد من البراقع والملابس النسائية وعقود الحلي الفضية وأصنافًا أخرى متعددة يحتوي عليها المتحف.
وتعتبر الحلي النسائية الفضية من أبرز وأغلى ما يحتويه متحفه؛ نظرًا لجودة صنعتها المحلية وجمال نقوشها الخزفية الرائعة وزهاء ألوانها عند الملبس وقدم صناعتها؛ فهي تمثل عصر قديم لماضي جميل من ذكريات الآباء والأجداد.
وأشار المغامسي إلى أنه قام بجمع بعض المقتنيات والموجودات الأثرية المحتفظ بها٬ ويعود معظمها لمئات السنين٬ بالإضافة إلى بعض المقتنيات التي قام بشراء بعضها وتجهيزها، وأكد حرصه وتركيزه على جمع القطع الأثرية برغم امتلاكه للكثير من الملابس والحلي النسائية والأدوات والأواني والعملات القديمة، لما يحتويه المتحف من قيمة تراثية.
طريقة العرض
وأكد المغامسي أنه مثل كثيرين غيره من أهل المدنية المنورة، الذين دفعهم عشقهم وشغفهم بالتراث والحفاظ على أثر الأجداد إلي إنشاء متاحف خاصة تضم هذه المقتنيات٬ وكانت تواجههم مشكلة طريقة ترتيب المقتنيات وعرضها٬ وكانت هذه العملية تخضع لذوق الشخص وما يراه مناسبًا٬ ولكن مع التفات هيئة السياحة والآثار لهذه المشاريع الخاصة وقيمتها ومردودها على تنشيط السياح، بدأت في تنظيم لقاءات دورية؛ تهدف إلى تبادل الخبرات والتجارب والتعرف عن قرب على توجهات الهيئة تجاه تطوير المتاحف الخاصة وتقديم الدعم اللازم لها، وإثراء تجارب أصحاب المتاحف الخاصة فيما يتعلق بالمحافظة على القطع التراثية والأساليب المثلى لعرضها، وإبراز أهمية المتاحف الخاصة ودورها في بث الوعي بأهمية التراث ونشر الثقافة المتحفية بين أفراد المجتمع.
وصية
حرص سند عبدالرحمن المغامسي طيلة هذه الأعوام الـ 40 على أن ينقل حبه للتراث لأبنائه وأحفاده٬ ودائما ما يشجعهم كما غيرهم من أبناء المدينة على ضرورة الحرص على المقتنيات القديمة٬ وترك عادة الاستبدال والتخلص من كل ما هو قديم مقابل الحصول على الجديد٬ لما يحمله القديم من ذكريات ومعانٍ للأسر والمجتمع والوطن ككل٬ واختتم بأنه أوصى أبنائه من بعده بأن يظل هذا المتحف مزارًا لسياح المدينة .