تمكنت من استثمار وقت فراغها، كونها ربة منزل حاصلة على شهادة الثانوية العامة وأم لأربع أبناء؛ جعلها تفكر في تحويل وقت الفراغ إلى طاقة إنتاجية مفيدة لنفسها والمجتمع، من خلال حبها للطبخ، الذي تحول بمرور الوقت لشغف كبير بلذة الطعم ومتعة العمل، من خلال قضاء أكثر من 5 ساعات بشكل يومي في مطبخ منزلها الصغير؛ لعمل تجاربها وتختبرها على أهل بيتها وأقربائها وصديقاتها في أول الأمر؛ حتى باتت مصدرًا لإلهام ذويها، يتنفسون من خلال الشيف”آمال زيني” النكهة الحقيقية لما يمكن أن نطلق عليه الطعم اللذيذ.
عالم بهارات
إذا تحدثنا عن المذاق والنكهة؛ من المؤكد أننا بصدد الدخول لعالم البهارات، وهو العالم الحقيقي والخطوة الأولى للطعم الجيد؛ وهو الأمر الذي فطنت له الشيف آمال منذ ما يقارب الـ 20 عامًا؛ المدة التي تلخص مجمل خبرتها في المطبخ باعتبارها من الطهاة المحترفين، لذلك كان عالم البهارات بوابتها لعالم الطهاة بمفهومه العصري.
تقول آمال زيني: “لا يمكن لأي طاهي أن يعرف المذاق الحقيقي لأي طبق دون أن يكون على دراية بالبهارات التي هي أساس الطعم”.
وتوضح:”في بداياتي انتبهت لهذا الأمر باعتباري ربة منزل وأم أقوم على إطعام أسرتي، وفي ذلك الوقت كنت أعاني من مشكلة تؤرقني وهي شراء البهارات التي غالبًا لا تكون نظيفة؛ لذلك قررت حينها العمل على شرائها والقيام بتنظيفها وعمل مجموعات خاصة لكل طبخة، وعلمت نفسي حتى تمكنت من عمل مجموعتي الخاصة من البهارات لكل أصناف الأكل؛ مثل البهارات الخاصة بالأكل الهندي والصيني والبحري والجاوي، بالإضافة لأطباقنا المعروفة لأنواع الأرز المختلفة مثل الكابلي والزربيان والبخاري، وأنواع “الإيدامات” المحتلفة، ووجدت حينها اقبالًا كبيرًا من عملائي الذين تعرفوا علي من خلال أقاربي وصديقاتي، واستمريت في عمل البهارات لمدة 5 سنوات بدعم من والدة زوجي، التي ساعدتني وقدمتني من خلال البازارات”.
“فاتح شهية وتعتيمة”
عندما يقال لك “الصديق وقت الضيق” صدق هذه العبارة؛ لأن فترة الركود التي واجهتها “الشيف آمال” جعلت إحدى صديقاتها تقترح عليها تجربة الدخول لعالم فواتح الشهية خصوصًا المخلالات، التي تفوقت فيها آمال على نفسها وفتحت لها الباب واسعًا لإستقبال زبائن من نوع خاص على مدى 4 سنوات؛ وهو ما جعل عينها تتسع أمام “تعتيمة أهل مكة” التي لا تخلو من المخلالات بجانب صحون النواشف، التي اعتادها المكيون في صباحاتهم؛ لذلك قررت الشيف آمال حينها أن تعلن لزبائنها في أواخر شهر رمضان الذي كان يلملم نفسه مودعًا، عن استعدادها لتقديم فطور العيد، دون أن تكشف سرًا جديدًا من أسرار أنواع الجبن والزيتون المطعم بنكهاتها الخاصة، وظلت تقدم التعتيمة لمدة 3 سنوات، قبل أن تقرر الاعتماد على نفسها واعتماد الطبخ بكل أصنافه بهدف الوصول لما اسمته “شيف عالمي”، لم تتوقف عن تحقيق هذا الحلم، وفي الوقت نفسه لم تتوقف عن تلبية طلبات زبائنها، التي تتعلق بالمناسبات وتقديم موائدها سواءً الشرقي منها أو الهندي أو الصيني أو البحري.
توفيق واجتهاد
“لن توفق إلا إذا اجتهدت”؛ بهذه العبارة التي هي بمثابة عقيدة عملت بها آمال منذ اليوم الأول؛ واجهت كل الإحباطات والعثرات التي اصطدمت بها، وكفكفت بها الدموع التي ذرفتها في لحظات اليأس، خصوصًا عندما تقدمت لإحدى برامج الطهي وخرجت منه “بخفي حنين”؛ لأسباب لا تتعلق بالشطارة أو المهارة بقدر ما تتعلق بصناعة النجوم!، لكن لم يكن ذلك إلا سببًا في إصرارها على النجاح والاعتماد الكلي على تعليم نفسها والإستفادة من برامج الطهي والطهاة من خلال شاشات التلفزيون، ناهيك عن قدرتها وتمرسها في إخراج وصناعة النكهات؛ بسبب الذائقة التي تتميز بها بفضل من الله “كما قالت”، بالإضافة لدورات الطبخ التي حصلت عليها من خلال سفرها المتكرر، لتحصل بعد ذلك على شهادة إعداد مدرب من المعهد المهني؛ ما فتح لها أبوبًا كثيرة للقيام بتدريب طهاة ليس على المستوى المحلي فقط؛ بل في دول مثل البحرين على هامش واحد من مهرجاناتها الثقافية، والكويت التي ذهبت إليها طالبة لتعلم أساسيات المخبوزات الفرنسية، وانعطفت لتعلم أكلات المطبخ الكويتي، فيما تمرست في المطبخ المغربي.
“مطبخ رنا”
كل ذلك اجتهدت في الوصول إليه الشيف آمال زيني بمجهود فردي، وهي تضع نصب عينيها افتتاح مطبخها الكبير الذي أطلقت عليه اسم ابنتها رنا، والذي تقول عنه: “هذا المطبخ هو حلمي الكبير الذي سعيت إليه بكل قوتي، وكنت ولا زلت أصلي لله لأراه ماثلًا أمامي، وها أنذا الآن على بعد خطوات من افتتاح مطبخ رنا، الذي أتمنى أن يكون باب رزق لي ولبناتي، بمساعدة زوجي وابني وكل من وقف بجانبي من الأقارب والصديقات”.
البهارات الخطوة الأولى للطعم الجيد.. والدراية بها شيء أساسي