الدكتورة هدى الخطيب وجه طبي مرموق بين أبناء الجيل الأول من الأطباء، اعتاد الناس والمرضى بشاشتها وترحابها الذي يخفف كثير من آلامهم، استشارية الأمراض الباطنة والقلب رئيس مركز جدة للقلب بمستشفى باقدو والدكتور عرفان، ومديرة مركز الهدى للرعاية الطبية المنزلية، حياتها سنوات متواصلة من العطاء٬ تؤمن أن الطب رسالة إنسانية أكثر منه مهنة، وأن الحسنات التي تحصل عليها مقابل مساعدة المرضى أهم من الكسب المالي؛ لذلك قررت منذ بداية مشروعها الخاص ألا يزيد الربح عن 30%؛ فالأسعار تغطي المصاريف ويكون هناك هامش ربح بسيط لزيادة الاستثمار لصالح المرضى، حاورنا الدكتورة هدى الخطيب في السطور التالية.
شغف مصدره آلم
تتحدث الدكتورة هدى الخطيب عن البدايات، تقول: هذه المهنة بدأت معي منذ الصغر٬ لأن والدي كان يعاني من أمراض القلب والشرايين، فتعودت تمريضه والوجود ببيئة مماثلة، كما أنني مؤمنة بأن المريض له حق على الطبيب، وبدأت حياتي العملية منذ وقت مبكر كطبيبة عامة، ثم أدركت أهمية مواصلة حياتي العلمية، وحصلت على الماجستير ثم الدكتوراه في أمراض القلب، ثم اتجهت للعمـــل كأخصائية للقلب في محافظة الطائف، وتطـورت في عملي إلى أن أصبحت أستاذة في الجامعة، وكـونت خبرة كافية أهلتني للعمل في القطاع الخاص، ولكن لم يكن هناك موقف مؤثر في حياتي كان سببًا في التحاقي بتخصص جراحـــة القلب، لكنه شغف هذه المهنة الذي زرعه والدي في قلبي.
صعوبات البدايات
وتضيف أن الطريق لم يكن مفروشًا بالورود، بل واجهتها صعوبات كثيرة ، أبرزها أنها كانت استشارية أمراض القلب الوحيدة مع الدكتورة أسماء الدباغ التي كانت متخصصة في الأشعة، ووجدت صعوبة شديدة على مدار 10 سنوات، ثم فصلوا قسم القلب عن الباطنة وتم تعيين طبيب أصغر مني فاستقالت، وكذلك كانت تدرس للطالبات والطلاب، وكانت تجد الرفض أحيانًا من بعض الطلبة، ولكن الآن الوضع اختلف تمامًا عن الأجيال السابقة، وكان طموحها أن تؤسس قسم قلب متكامل، وهو ما حققته بمستشفى الدكتور عرفان.
عائلة طبية
والطب في حياة الدكتورة هدى الخطيب لم يكن مجرد مهنة٬ فحياتها بالكامل ارتبطت بكل ما يتعلق بالطب٬ فحتى حياتها الشخصية وزواجها من الدكتور محمد عرفان كان له أكبر الأثر على حياتها٬ وتقول: زواج المهنة الواحدة، يعطي مزيدًا من التفاهم بين الزوجين، ولكن التوفيق أولًا وأخيرا من الله٬ أما الأبناء فهم أيضا أطباء٬ وربما لم يكن لنا تدخلًا مباشرًا في اختيارهم، ولكنهم تأثروا بي وبوالدهم فقرروا دراسة الطب وممارسته.
إنسانية الطب
وترى الدكتورة الخطيب أن الحديث الآن عن الطب كمهنة أصبح حديثًا جافًا، وكأنه فقد تلك الإنسانية والرحمة التي كانت سمة لصيقة به، ولكن هناك اتجاه عالمي حاليًا لـ»أنسنة العلوم»، والطب أولى بهذه الأنسنة، وتقول: بما أن الأجيال الجديدة تعتمد على التكنولوجيا، قل التفاعل والعلاقة بين المريض والدكتور بشكل مباشر، في الماضي كان الطبيب يستمع في العيادة لشكوى المريض ويستعلم عن تاريخ المرض بالعائلة، ويعطيه التشخيص ثم يستعمل الفحوصات كتأكيد، ولكن الآن يتعامل مع رؤوس أقلام في التشخيص ويعتمد على الأجهزة في التشخيص والمتابعة.
مركز الهدى
أما بدايات المشروع الخاص، والذي يتمثل في الرعاية الصحية المنزلية للمرضى من كبار السن والمرضى ذوي الأمراض المستعصية وطويلة الأمد، فبدأت فكرتها مع مشوارها العملي بالمستشفى، تقول: كنت ألاحظ أن هناك الكثير من المرضى موجودين وقت أكثر من اللازم، فهم لا يحتاجون أكثر من الخدمة التمريضية، وبالوقت نفسه لا يستطيع أهلهم رعايتهم في البيت للعناية بهم، وبقائهم بالمستشفى مكلف، فكانت فكرة تقديم الرعاية الطبية على أعلى مستوى طبي وتمريضي، وقبل 20 عامًا كانت خدمات العلاج الطبيعي تقدم فقط منزليًا، ولكن وجدنا أن هذا ليس كافيًا لأن الطلب كان كثيرًا ولم نستطع تلبية كل الخدمات.
وفي العام 2007 قررت إنشاء شركة متخصصة لتلبية الخدمات على أحسن وجه، وعينت فريق تمريض وعلاج طبيعي صغير، وبدأنا بالتدريب واختبار مدى تقبل الناس للفكرة، كما حددنا الأدوار؛ نحن علينا دور المهام الطبية، وأسرة المريض عليها المهام غير الطبية.
فلسفة المشروع
وتفصل الدكتورة هدى الخطيب: وجود المريض وسط أهله ومشاركتهم بعلاجه سيؤثر على نفسيته إيجابيًا وهذا يحسن العلاج، عندما بدأنا كان هناك بعض الاستغراب لأن الفكرة جديدة، لكن عندما بدأ الناس بتقبل الفكرة ضاعفنا عدد الممرضات والخدمات، ففي البداية كانت الممرضة تؤدي الخدمات البسيطة كإعطاء جرعات الأدوية المطلوبة والحقن، ومع التطور وتكبير الشركة و التدريب بدأت الممرضات بزيادة الخدمات المقدمة والعناية بالمريض طبيًا مهما كان مرضه، والأمر عندنا مختلف عن المستوى الحكومي؛ بالمستوى الحكومي يذهب الطبيب مع الممرضة إلى بيت المريض كل زيارة ويساعده أكثر، كما أن الخدمة مجانية، بينما أسعارنا تصل إلى نصف أو أقل من نصف أسعار المستشفى الخاص، ولكنها ليست مجانية، كما أنه بالمستشفيات يوجد قوائم انتظار طويلة لغسل الكلى، ومع أن يوجد مراكز حكومية ولكن يزال النقص شديد.
خدمات إضافية
وتشير إلى أن الفكرة ونوعية الخدمات تطورت، تقول :أضفنا خدمة غسيل الكلى منزليا، ورغم استغراب البعض إلا أنه مع احترافية تقديم الخدمة، ووجود الطبيب الذي يشخص ويتابع الحالة وممرضتين وجميع الأجهزة الحديثة تم الإقبال والتقبل، والآن مشروع الرعاية المنزلية الطبية، يحمل على عاتقه علاج المرضى في الغسيل الكلوي والعلاج الطبيعي داخل المنازل، بمساعدة 55 ممرضة و18 خبير علاج طبيعي و2 علاج تنفسي وأخصائية تغذية، وغيرنا كثير من المفاهيم، منها تغيير الملابس التمريضية، واستبدلناها بالأخضر والزهري فتعطي المريض إحساسًا بالبهجة والتفاؤل، وأتمنى أن يتوسع مركز الهدى الذي يخدم حوالي 250 أسرة، وأن تتوفر لنا الكوادر التمريضية والطبية لتلبية الطلبات المتزايدة على خدمة الرعاية الطبية المنزلية.
الاستثمار
أما كيف تحقق لها التوازن بين الطب كمهنة وكنوع من الاستثمار، فأكدت أن المنطق هو الحكم، وقبل الدخل المادي يجب على الطبيب أن يهتم بما يعطي له الله (سبحانه وتعالى) من حسنات مقابل مساعدة المريض، وهذا كان منطلقها، وأضافت: منذ بداية المشروع قررنا ألا يزيد ربحنا عن 30%؛ فالأسعار تغطي المصاريف ويكون بها الربح لزيادة الاستثمار، وأتمنى أن يتوسع مركز الهدى لخدمة مزيد من المرضى وتخفيف معاناتهم.
هوايات
بعيدًا عن الطب٬ تحرص الدكتورة الخطيب على ممارسة الرياضة، وكما تقول: «كنت أمارس التنس، إلى أن أصيبت إصابة بالغة منعتني عن ممارسة الرياضة كما أحب»، والقراءة بشكل كبير، والآن أركز على القراءات الطبية بشكل أكبر من ذي قبل.