بقلم: السعد المنهالي
في سلم الاحتياجات الإنسانية، تأتي الحاجة للتقدير (الشعور باحترام الآخرين) في مرتبة لاحقة، إذ تسبقها الحاجات الفسيولوجية أو الفطرية، ثم الحاجة إلى الأمن، ثم الحاجة الاجتماعية، ومن ثم تأتي الحاجة إلى التقدير هو نتيجة طبيعية لتفاعلات كثيرة على الأفراد أن يمروا بها ليتمكنوا من اكتساب احترام وثقة الآخرين بهم، وليس العكس، كما أنه من المهم هنا توضيح أن سلوك الفرد عندما يُصر على تحقيق حاجة إنسانية، في مقابل إهمال متعمد ولا مبالٍ لحاجة أخرى في مرتبة أسبق، دليل أكيد على خلل سيتسبب بمشاكل لها تداعياتها على الشخص ومن حوله لاحقاً.
تبدو فكرة صعود السلم مناسبة تماماً لشرح الطريقة التي نتعامل بها مع احتياجاتنا في الحياة، ولنتخيل معاً الطريقة التي نصعد بها أي سلم خشبي على سبيل المثال، والتي يمكن تشبيهها هنا بالطريقة التي نفعلها لكي نحيا، ولنتفق مبدئياً على أن صعود السلم والوصول إلى أعلى درجاته ليس هدفاً في حد ذاته، فالهدف هو الحصول على شيء ما أو رؤية شيء ما، أو تلمسه بعد وصولنا إلى أعلى نقطة في السلم.. وهكذا، كل درجة من هذا السلم ضرورية جداً للوصول إلى الدرجة التي تليها، إذاً فالدرجات ما هي إلا وسيلة لتحقيق هدف، وبالتالي فالمنطقي والبديهي أن لا أهمية إطلاقاً أن تكون المادة المصنعة لدرجات السلم من الذهب أو الألماس أو من الحجر.. أو حتى من أسوأ أنواع الخشب.
تخيلوا الحال، لو لم يعد الهدف من صعود السلم، لم يعد ما نجنيه خلال صعودنا أو حتى نجاحنا من صعوده أمر ذو أهمية، بل الأهم أن تكون تلك الدرجات التي نضع عليها أقدامنا في السلم مصنوعة من معدن ثمين وجميل يشير إليه الجميع بانبهار ويشيدون بلمعانه، بينما هدف الصعود أو حتى تجاربك ولياقتك أثناء صعودك الدرجات أمر لا يعنيهم! وبناء على ما سبق أتوقع أنه ومن الطبيعي لن يحرك سقوطك ساكناً فيهم، كونهم توقفوا للانبهار بألوان وشكل الدرج، لا بصعودك ولا بنجاحك في تحقيق هدف الصعود. بهذه المقاربة، أجد الحياة، وكذلك الطريقة التي نتعامل بها مع احتياجاتنا، وسلم رغباتنا، وكذلك مواقف الآخرين ووجهات نظرهم من نهجك في الحياة.
مشكلتنا في التعامل مع العالم المادي الذي يحيط بنا، تعود إلى عدم التفاتنا بجدية لسلم احتياجاتنا الحقيقية ورغباتنا في الحياة، وإن حدث أن عرف البعض هدفه الأسمى من حياته، فإنه يكون تحت ضغط التشويه الخارجي يفرضه الإعلام والدعاية والآخرون عليه، ومن ثم تتحول عملية صعودنا درجات السلم إلى فعل استعراضي لمواد وأدوات، لا عملية حقيقية لعيش الحياة وامتلاك كنهها.