مزمار من مزامير داوود صدح في ليلة الثالث والعشرين من شهر رمضان في العام 1402هـ؛ عانقت مآذن البيت الحارم وشنفت آذان المصلين؛ ذلك المزمار لم يكن سوى صوت الشيخ الجليل علي عبدالله جابر إمام الحرم المكي الشريف؛ صوت اختاره الملك الطيب خالد بن عبد العزيز آل سعود؛ ليكون امام الملك لمسجده في مدينة الطائف في البداية؛
ولأن البدايات قد تتشابه وهو حال غالبية طلاّب العلم؛ ومنهم الشيخ الجليل الذي تيتم باكراً في مدينة جدة موطن ولادته؛ وظل مع أبيه الذي كان محباً للعلم ومتمنياً على الله أن يجعل من أبناءه حفاظاً لكتابه وأئمة لمساجده؛ وهو ما تحقق لاحقاً عندما انتقل الوالد للمدينة المنورة؛ فكان إلتحاق ابنه علي بحلقات التحفيظ والعلم في ساحات المسجد النبوي الشريف؛ واتاح له فرصة التتلمذ على أيدي علماء ومشايخ تلك الفترة؛ من الشيخ الشنقيطي وحفظ القرآن على يد الشيخ رحمة الله بخاري حتى أتمه كاملاً في عمر الخامسة عشرة.
زار شغف الشيخ بالعلم الأمر الذي حمله على اكمال دراسته وحصوله على درجتي الماجستير والدكتوراه على فترات من حياته؛ تخللها تقلده لوظائف في وزارة العدل كمفتش اداري؛ بعد أن رفض وظيفة القضاء؛ التي عرضت عليه والتي علل رفضه لها بعدم قدرته وتمكنه على القيام بأعباءها! وعلى الرغم من حلاوة صوت الشيخ وندرته وحسن تجويده؛ إلا أنه لم يكن يطمح فلإمامة؛ إلا أن شيخه رحمة الله بخاري الذي كان يعمل بدائرة الأوقاف ووجد في جابر ما يؤهله للإمامة؛ فأصبح اماماً لمسجد الغمامة في مدينة رسول الله.
ومنه أصبح اماماً لمسجد السبق في المدينة حتى تم ترشيحه لإمامة مسجد الملك خالد في الطائف؛ في العام 1401هـ؛ الذي اعجب كثيراً بصوت الشيخ الجليل وصلى خلفه التروايح في مسجد القصر بالطائف؛ وكما هي عادة ملوك آل سعود في قضاء العشر الأواخر من رمضان في قصر الصفا بمكة المكرمة؛ افتقد الملك الطيب خالد رحمه الله صوت امامه الجليل فطلب منه الحضور لمكة المكرمة في ليلة الثالث والعشرين من شهر مضان في العام 1401هـ،
وطلب منه امامة المصلين لصلاة التروايح في تلك الليلة وماهي الا لحظات حتى صدح مزمار من مزامير داوود في ارجاء المسجد الحرام؛ بسورة الصافات؛ إلى منتصف سورة الزمر؛ في حضرة جلال البيت الحرام وجمال ضيوفه الركع السجود؛ وبنهاية الشهر الكريم من ذلك العام تم تعيين علي جابر اماماً للمسجد الحرام من قبل الملك خالد بعد أن كان “امام الملك”.
ورغم امامة الشيخ للمسجد الحرام المتقطعة على فترات إلا أن تلاوته في صلاة التراويح تعتبر اليوم من التسجيلات النادرة التي يمكن الحصول عليها والتي تحتفظ بها مكتبة التلفزيون فيما يعتبر علي جابر واحداً من أئمة المسجد الحرام الذي لا يزال عالقاً بذاكرة جيل حفظ القرآن واحب التروايح وهفا قلبه بسبب عذوبة التلاوة للشيخ الجليل.