“يا الله على أول وزمن أول” عبارة لا تكاد تفارق أجيال ما قبل الستالايت والإنترنت٬ وتحضر بقوة في رمضان٬ ليس فقط لافتقاد كثير من العادات والتقاليد الرمضانية٬ ولكن حتى لمرور ذكرى بعض البرامج والمسلسلات أمام السيل العارم الذي تمطر به الفضائيات الشاشات ليل نهار.
صوت المذيع ورصانته أهم مؤهلات نجومية زمان
قبل 52عاما هي عمر التلفزيون السعودي٬ كانت قناته الأولى هي وسيلة الترفيه الوحيدة٬ واعتبارا من “ليلة الشك” أو ليلة تحري هلال رمضان وحتى إذاعة بيان ثبوت الهلال بصوت المذيع المميز والرخيم٬ يبدأ المشاهدون في الالتفاف حول الشاشة التي تبث المتعة في نفوسهم٬ كما تقدم برامج تعليمية، وأفلام أجنبية منتقاة بعناية، إلا أن الكبار والصغار كانوا يستمتعون بخريطة برامج ومسلسلات وفوازير، وضعت لتناسب فضائل الشهر الكريم.
تتسابق إلى الذاكرة أصوات المذيعين قبل صورهم٬ حيث كان الصوت وسلامة النطق أهم مميزات المذيع في ذلك الوقت٬ فلا يمكن أن ينسى سلطان العبد الله ويوسف الشريدة٬ وماجد الشبل أشهر المذيعين الذين ظهروا على شاشة التلفزيون السعودي لاسيما في نشرات الأخبار اليومية وبرامجه الحوارية المعروفة، وبرنامج المسابقات (حروف) الذي لاقى شهرة عربية واسعة٬ وظل لسنوات أحد علامات التلفزيون في شهر رمضان المبارك.
على مائدة الإفطار
ولا يمكن زن يذكر التلفزيون في رمضان٬ ولا تتزاحم صورة الشيخ على الطنطاوي وصوته٬ وأسلوبه المتفرد في الحديث٬ وبرامجه التي تقدم المعلومة الدينية والفائدة الشرعية٬ وحتى المعاملات الحياتية اليومية٬ فبعد الفراغ من صلاة المغرب٬ يهل الشيخ الطنطاوي ليصاحب الأسرة” على مائدة الإفطار” بكل بساطة مصطحبا طبقا من الفاكهة أمامه يتناول منه أمام الكاميرا لدقائق معدودات كأنه في بث حي ومباشر٬ ألفه الناس
بسرعة وكانوا ينتظرونه من العام للعام٬ يتندرون أحيانا على بساطته وتلقائيته غير المسبوقة ولكن بكل تأكيد يحترمون علمه وما أوتي من بصيرة فقهية.
وصاحب الشيخ علي الطنطاوي في عدد من البرامج الرمضانية٬ التي وإن اختلفت اسمائها إلا أنها ظلت معروفة بوسمه.
علم وإيمان
وكما هو الحال مع الشيخ على الطنطاوي كانت القناة الأولى تزود مشاهديها بجرعة من “العلم والإيمان” أو برنامج الدكتور مصطفى محمود.
أما مائدة السحور فكانت لا تخلو أيضا من جرعة دينية إيمانية وتأملات الشيخ الشعراوي في القرآن وتفسيره اللغوي والبلاغي للآيات.
عالم المسابقات
وحتى برامج المسابقات كانت تتسم بروح معلوماتية دينية٬ سواء الجماهيرية أو التي تتم عن طريق طرح سؤال كل ليلة ليرسل المشتركون في ختام الشهر إجاباتهم وينتظرون إعلان الفائزين للمسابقة الرمضانية٬ فمن ينسي مسابقة “جوائز القرآن الكريم” التي كانت تجبر المشترك على البحث في السور والآيات أو التفاسير للوصول إلى الإجابة الصحيحة.
فوازير للصغار وفوازير للكبار٬ وبرنامج “بنك المعلومات” بتميز مقدمه الدكتور عمر الخطيب٬ و”مشقاص” الذي كان يقدمه حسن دردير وبمشاركة عدد من الأطفال. وحتى برامج المقالب كان لها مذاق مختلف وجمهور من عامة الناس في حالة تفاعلية مباشرة لعل أبرزها برنامج الكاميرا الخفية “مو معقول” تقديم خالد الرفاعي٬ وبرنامج سباق المشاهدين، الذي بدأ عرضه في التسعينات على القناة الأولى في رمضان، من تقديم الإعلامي حامد الغامدي.
بابا فرحان
وعلى مدار 13 جزء ارتبط الأطفال بمسلسل بابا فرحان تأليف خالد الحربي٬ وشارك فيه عدد من النجوم السعوديين والعرب٬ وكان يحمل أفكارا توجيهية وتربوية٬ وآخر أجزاء المسلسل تم عرضه سنة 2004.
مسلسلات
أما الدراما التلفزيونية فعلى الرغم من سطحيتها وضعف الامكانات المنفذة بها٬ وكذلك الفكرة والسيناريو والحوار٬ إلا أنها كانت تجتذب المشاهد٬ خاصة مع عرض مسلسلات مصرية وسورية وخليجية٬ وبالطبع المسلسل البدوي الذي تتشابه قصته وممثليه عاما تلو الآخر٬ ولكن له مشاهدوه أيضا٬ فمن يمكنه أن يمحو من الذاكرة ” طاش” بأجزائه وصداماته وأفكاره٬ أو “وضحى ونمر بن عدوان”٬ أو يغفل مغامرات “رقية وسبيكة”٬ و”خلك معي” للفنان السعودي الراحل محمد العلي٬ و مسلسل “سكتم بكتم ” للفنان فايز المالكي٬ ولعل المسلسلات الدينية وسير الأئمة أكثر ما كان يميز خارطة رمضان التلفزيونية.
وربما وجود قناة خاصة بالأرشيف التلفزيوني قد يحفظ ذاكرة هذه الأجيال التي عاصرت بدايات انطلاقة القناة الأولى السعودية٬ والدليل نجاح قناة اليوتيوب التي أطلقها أحد المواطنين وما زالت تلقى رواجا وتحقق مشاهدات عالية من السعوديين والأجانب.