تبدأ المملكة مع الأول من يناير 2018، تحولاً في السياسات الإيرادية ، بتنويع مصادر الدخل، وعدم الاعتماد على البترول مصدراً شبه وحيد للدولة ، وتشجيع الاستهلاك الرشيد، والحد من الاسراف والتبذير، حيث تشهد الأسواق السعودية ، تطبيق ضريبة القيمة المضافة بنسب تتفاوت من صفر إلى 5% على السلع والخدمات ،
وقد استبقت المملكة تطبيق الضريبة بحزمة إجراءات لحماية ذوي الدخل المنخفض؛ أبرزها “حساب المواطن” لتحجيم أي اثار سلبية لإقرار الضريبة ، كما تم إعفاء 21 بنداً عاماً كل بند يشمل سلع وخدمات محددة من الضريبة ، بالإضافة إلى إقرار ضريبة صفرية على 100 سلعة أساسية منها؛ الدواء والمعدات الطبية وبيع العقار السكني الشخصي وتأجير العقارات والخدمات الحكومية والتأمينية وعمليات البنوك والاقراض والنقل الدولي وغيرها.
مطبقة بمختلف أنحاء العالم
وضريبة القيمة المضافة مطبقة في مختلف أنحاء العالم ، بنسب متفاوتة تزيد في الغالب عن أعلى نسبة ستطبق في المملكة ، وتعتمد الكثير من دول العالم المتقدم والنامي على السواء على دخل الضريبة، في تحقيق توازن الموازنة العامة ، وكما يدفع المواطنون السعوديون الضريبة عند قضائهم إجازاتهم أو رحلات عملهم خارج الوطن في جميع تعاملاتهم في الفنادق والحصول على السلع والخدمات.
تحجيم التأثيرات السلبية
يقول الاقتصادي أحمد الشهري، إنه مر وقت طويل في ظل عدم وجود ضرائب على مختلف السلع والخدمات المقدمة ، واستفادت قطاعات كثيرة من إعفاءات ، كان من الممكن دفعها في مشتريات وخدمات، ورغم فرض الضريبة إلا أنها ستطبق بنسب بسيطة تتفاوت من صفر إلى 5% ، وتشمل الضريبة الصفرية 100 سلعة أساسية ، بالإضافة إلى إعفاء الجهات النفعية وبعض الجهات الحكومية من الضرائب، والخدمات التي تتعلق بالمهن النادرة مثل الصيادين والمزارعين ، ويحق للمواطن الخليجي استعادة الضريبة المدفوعة للسلع المستوردة لبناء منزله الشخصي ، وهذا يفسر أن الهدف منها؛ إقرار النظام الضريبي في الاقتصاد ، دون رفع التكلفة على المستهلكين بشكل مؤثر، مع توجيه الضريبة لتعزيز الخدمات ودعم الفئات محدودة الدخل.
تكاليف منخفضة لأقصى حد
ويضيف أن لكل دولة من دول الخليج استثناء تطبيق ضريبة القيمة المضافة على ما تراه من سلع وخدمات ، بحسب حاجتها الاقتصادية وضمن إطار القانون المقرر بهذا الشأن، ويكمل أن الخدمات المالية ، وفي مقدمتها القروض والخدمات المصرفية ذات فائدة صفرية ، وجاء هذا الاستثناء محققاً للآمال الاقتصادية والاجتماعية ؛ لضمان تدفق الأموال للأشخاص والشركات بتكاليف منخفضة إلى أقصى حد تسمح به البنوك المركزية في دول المجلس.
استدامة مالية للخزينة
ويشير الشهري إلى أن الأثر الايجابي للقيمة المضافة ؛ أنها تتميز بالحيادية ، لاسيما أن نسبها منخفضة وغير مكلفة ، ولا تحتاج إلى جهود كبيرة من الشركات لمعالجة الأعباء الضريبية، ويمتد أثرها الإيجابي إلى خزينة الدول الخليجية ؛ في تقليص مخاطر تذبذب الإيرادات من الطاقة، وتوفير استدامة مالية للخزينة العامة ، ولن يكون لها أثر لسلبي ؛ إلا إذا زادت النسبة بشكل مفرط ، لاسيما أن معظم الاقتصاديات الخليجية ذات قطاع خاص غير منتج ، ومعظم المنتجات مستوردة ، لذا تحسن القطاعات الاقتصادية الخليجية ، وتحولها إلى الإنتاج سيعزز من الإيرادات السيادية من الضرائب، كما سيمتد أثر القيمة المضافة الإيجابي إلى زيادة التصنيع والانتاج الخليجي .
ودعا وزراء المالية في دول مجلس التعاون إلى مراقبة النمو الاقتصادي عن كثب بعد تطبيق الأنظمة الضريبية ، وتقديم الحلول أو الاستثناءات بشكل سريع ؛ لمنع أي انعكاسات سلبية قد تظهر نتيجة للسياسات الضريبية ، على مستوى حياة المواطنين ، خاصة الأقل دخلاً والمتقاعدين.
عوائد الضريبة متفاوتة
وأكد الشهري أن العوائد المتوقعة من الضريبة المضافة ، تتفاوت بين الدول الخليجية ؛ بحسب قائمة كل دولة من الاستثناءات وحجم فاتورة المستهلكين، والتنافس بين الشركات في كل دولة ، لكن التقديرات الأولية تشير أنه من 1إلى 2%من الناتج المحلي ، رغم أن الافصاح والشفافية مازالاً هاجسان لدى الاقتصاديين في دول الخليج، إلا أن التقنية ستساهم في إعلان العوائد من الضرائب بشكل سنوي ضمن الموازنات.
تطورات إيجابية مستقبلية
ويختتم الاقتصادي أحمد الشهري، بأن الشركات في دول الخليج مرت بفترة ممتدة تحقق أرباحاً بهوامش كبيرة جداً، دون تكاليف اقتصادية ذات بال ، لذا لا يفترض أن تتأثر أرباحها، ومن المرجح أن يتحسن الاستقرار المالي في دول الخليج، خاصة أن الجهود الاقتصادية لتنويع الموارد المالية والاقتصادية مشجعة ومحفزة على مزيد من التطورات الإيجابية.