بقلم: السعد المنهالي
كعادتها «صديقتي» آخر من يجهز، وآخر من يصل! كل ما في هذه الفتاة رائع، ملامحها ودماثتها ورقتها في التعامل مع الآخرين.. إلا مع وقتهم. تتعامل مع الوقت وكأنه أمر مشاع لا يحق لأحد أن يحدد فيه بداية أو نهاية، حسب سلوكها العام وغير المعلن هي على قناعة تامة بأن «للجميع حقاً في الوقت.. وليس للوقت حق على أحد»! لا يبدو على صديقتي إطلاقاً أي شعور بتأنيب الضمير كونها قد هدرت وقتهم.. والحقيقة أن أغلب محيطي في مجتمعي يشبه صديقتي.
هل تذكرون هذه المقولة التي أخبرونا بها ونحن صغار: «الوقت كالسيف، أن لم تقطعه قطعك».. هل تذكرونها؟ بالتأكيد الجميع بلا استثناء يذكرها، ولكن كم منا نجا من القطع؟! لقد قطعت الوقت والتزمت جداً بهذه الحكمة التي تناقلها العرب جيلاً بعد الآخر، ولم أنل إلا قطع علاقاتي بالكثير من الناس -ومنهم صديقتي الدمثة- وبعض الفعاليات العزيزة بسبب تلك الآفة.
ففي الوقت الذي كان من المفترض أن تكون هذه العادة -التي التزمت بها منذ صغري- جالبة للنجاح والسعادة في علاقاتي، تسببت على عكس ذلك بحزني في أحيان كثيرة وفقداني الكثير من العلاقات.
احترام المواعيد أصبح بلا أي مبالغة آفة المجتمع، التي لا يبدي تجاهها أي انزعاج، ومن يفعل ويعلن انزعاجه من عدم احترام الآخرين للوقت يواجه بقدر كبير من الاستخفاف. يأتي ذلك رغم تأكد الجميع وقناعتهم بأن الوقت هو مورد خاص جداً غير قابل للاسترداد أو الاستبدال، وما ينقضي منه لا يعود، لأنه بكل بساطة هو من عمرنا الذي نحياه مرة واحدة فقط.
أخبرتني صديقة بفلسفتها الخاصة تجاه الموضوع عندما لاحظت انزعاجي الصاخب تجاه المسألة، فقالت: التزامك في ظل هذه المنظومة سيجعلك الخاسرة الوحيدة. من يتأخر يحظى بهدفين، الأول وقته الذي قضاه فيما يريده قبل الموعد، والثاني وقتك الذي أهدرته في انتظار الموعد!
وهذا ما تأكدت منه، في الاجتماعات واللقاءات والفعاليات، فمن يصل أولاً ينتظر كثيراً حتى يصل المتأخرون لنتمكن من البدء. وكأن المجتمع وبدون وعي.. يعاقب الملتزمين بالوقت! للأسف.. الوقت أكثر ما نحتاج وأسوأ ما نستخدم.