بقلم: السعد المنهالي
يخبرنا العالم الأميركي (جيم فالون) أن هناك جينة اسمها (MAOA) معنية بشكل كبير بالسلوك العدواني للإنسان؛ وهذا ما أكده العالِم بعد أن بحث كثيراً في أدمغة 70 شخصاً، تشابهت أدمغة القتلة بينهم بوجود الجينة «الشريرة»! هذا ما أكده كخلاصة لبحث استمر لثلاثة عقود.
غير أن المثير فعلاً أن الجينة قد توجد في أشخاص آخرين -بشكل أضعف- لم يتحولوا إلى قتلة، وذلك لأنها لم تجد ما تتغذى عليه؛ فحسب ما يؤكده «جيم فالون» أن الشخص القاتل قد تعرض مسبقاً لظروف قاهرة عززت تطور جينته الشريرة، على عكس جينة أخرى نشأت في ظروف طيبة.
لقد تمكن العالم من الوصول إلى تفسير علمي للسلوك البشري الشرير، على اعتبار القتل أكثر سلوك البشر تطرفا؛ فالقتل البارد بدون دافع -وهي عينة القتلة التي اشتغل عليهم جيم- يأتي على قمة أفعال وسلوكيات أخرى تنعدم فيها الرحمة والخير والإنسانية.
الشر جزء أصيل في النفس البشرية، وهذه حقيقة أكدتها التجارب الإنسانية على مر التاريخ، وما كل هذا الكم من القوانين والأنظمة والحروب والمعاهدات إلا لضبط ذاك الجانب المظلم في الإنسان، والذي رغم كل سوئه الجانب الأسهل والأسرع حضورا في السلوك الإنساني.
تبدو الفقرة السابقة مستفزة جداً، خصوصاً أني اقتطعت منها النقيض الآخر، وهو أن الخير أيضا جزء أصيل في النفس البشرية، وإلا لما كان هناك من سن للقوانين وأوقف الحروب ووضع المعاهدات؛ حسناً.. بالفعل هذه هي الحقيقة، ولكنها تبقى حقيقة مشروطة -وإلى درجة كبيرة- رهنا بقدرتنا على إدراك خطر وسوء الجزء الآخر الشرير.
من المهم جداً إعلاء قيمة الخير عبر الحث على قيم الحب والرحمة والتسامح بين أفراد المجتمع، والتأكيد دوماً على أنها قيم أصيلة، ولكن الأكثر أهمية أن نستشعر جيدا ذاك الأثر الناتج عن الشر حولنا وفي محيطنا مهما كان بعده، من المهم أن نستوعب ما تلحقه تلك الأفعال من ضرر على المجتمع والبيئة والمستقبل.
بعض الأفعال الشريرة يتعدى أثرها إلى أجيال وأجيال تبقى من الألم والفزع والحزن والبؤس الذي تسبب فيه آخرون عمتهم الأنانية ومصالحهم الذاتية الشريرة؛ آخرون لم يجدوا في محيطهم نظاماً اجتماعياً فاعلاً محكماً لردع سلوكياتهم المؤذية، فعاثوا فساداً في الأرض والناس، فتكاثر الشر بسبب عظم حجم جينتهم الشريرة.