تجربتها وما وصلت إليه كان بالنسبة لها مجرد حلم؛ ناهيك عن كونها تحدياً حقيقياً خاضته لوحدها؛ لتثبت لنفسها ؛ انها قادرة على تجاوز الصعوبات في الحياة وتحويل الضعف الى قوة وطاقة تبثها في المكان الذي يصدح فيه صوتها؛ سلساً عذباً؛ يدخل القلب ويطرق أبوابه بخامة صوتية تأسرك وتأخذك بعيداً لعالم موسيقى الجاز والبلوز؛ “lou “أو”لولو” كما تحب أن يطلق عليها الجمهور،الذي يتعطش لسماع صوتها في المناسبات الصغيرة ؛ أو تلك التي يطلبها فيها العرسان؛ لتكون شاهداً على قصص حب تكللت بالزواج، في هذا الحوار ندخل إلى عالم “لو” الصغير أو “نينا سيمونا السعودية”، لتطلعنا على تجربتها ورحلة نجاح بدأت ولن تنتهي في القريب.
الموهبة منذ الصغر
تقول “لولو”منذ صغرها كان لديها حب للاستعراض؛ تمسك المايك وتقلد فنانين كبار أمثال سيلين ديون؛ بدأت تغني “بينها وبين نفسها” لفنانين من أمثال عبد الوهاب ونوال الكويتية وفيروز؛ بسبب صوتها الذي كانت تعتقد أنه “فاشل”؛ وبسبب خجلها؛ إلى ان تجرأت وبدأت تغني أمام بنت خالتها؛ وبمرور الوقت بدأت تسمع أغاني أجنبية وكانت تتمنى أن تغني مثلهم؛ إلى أن جاءت الفرصة في مجال عملها كصحافية؛ من خلال الكتابة عن مجموعة عازفين؛ حيث بدأت تتدرب معهم؛ وتعلمت منهم طريقة الغناء.
“الجاز” ألهمني
وتضيف “لولو” أنه في البداية كانت تستمع كثيراً لموسيقى البوب والروك؛ لكن بعد سماع الجاز ميوزيك ألهمها كثيراً ، وتغيرت طبقة صوتها وطريقة غنائها؛ وبدأت تتدرب بشكل مكثف؛ على هذه النوعية من الأغاني ؛ حتى التقت بأحد العازفين الذي استمع لها وهي تغني جاز واقترح عليها الغناء في حفل موسيقي داخل كومباوند؛ وكانت أول مرة تواجه جمهور عدده 150 شخصا؛ كانت متوترة كثيراً؛ لكن بطبيعتها وحبها للغناء تغلبت على التوتر؛ وكانت حفلة ناجحة حينها.
شريحة محددة
وتؤكد “لولو” أنها لا تستهدف فئة معينة من الجمهور؛ وتتمنى أن يصل غنائها للجميع؛ لكن هذا النوع من الغناء هو الذي تحبه ويميزها؛ لذلك غالباً ما تأتيها طلبات للغناء في مناسبات اجتماعية مثل الأفراح لفئة تستمع وتستمتع بموسيقى الجاز؛ ناهيك عن كون ثقافة موسيقى الجاز غير موجودة في السعودية؛ إلا داخل إطار طبقة وشريحة محددة.
تفاعل وقبول الجمهور
وتشدد “لولو” على حرصها أن تكون نفسها وعلى طبيعتها؛ دون الإفتعال أو تقمص شخصية أخرى؛ واكتشفت أن بعض الحضور لا يعرف اللغة الإنجليزية؛ لكن حضورهم لحفلاتها كان بسبب طريقتها في الغناء ، وأحدهم قال لها مرة “طريقتك في الغناء تلمس شيئاً داخلي”؛ وليس هذا الموقف فقط؛ بل صادفت مرة أنها كانت تغني في حفل كان حضوره من الجاليات الأجنبية غير الناطقة بالعربية؛ وجاءها شخص من “نيو اورلينز” الأمريكية؛ وهي المدينة التي خرجت منها موسيقى الجاز؛ وبادرها بالقول متعجباً من كونها سعودية وتغني بهذا الشكل لموسيقى تعتبر صعبة جداً، واخبرها عن شعوره أنه يستمع لشخص محترف في غناء الجاز.
ارتجال حسب الإحساس
وتكشف “لولو” أنه قبل أن تغني الجاز غنت البوب والروك ، لكن وجدت نفسها اكثر ولمعت في الجاز والبلوز، وهو نوع الموسيقى القريب من احساسها؛ ولأنها لا تحب القيود، كان الجاز الأكثر مناسبة لها كونه اقرب للإرتجال حسب الإحساس ، ولا يوجد تكنيك معين لا للعازفين ولا لمن يؤدي الأغنيات ، ويعتمد على الكي بورد والدرمز وهو نوع موسيقى راقية ، لا يستمع اليها غالباً إلا في أعمار معينة من فوق الثلاثين وصولاً للثمانين.
مغنون عرب وأجانب
وتقول “لولو” أنها تستمع لكثيرين من المغنين الذين يقدمون الجاز؛ هناك كثير من العرب يغنون الجاز منهم المطربة الكبيرة فيروز والجزائرية سعاد ماسي؛ أما الأجانب ؛ نينا سيمونا وبيلي هوليداي وفرانك سيناترا ولوي ارمسترونج ولورا جونز وميلودي قاردوت.
أغاني مشهورة
وتردف “لولو” أن أغاني الجاز منتشرة بين الجمهور دون أن يعرف مستمعها انه تدخل تحت موسيقى الجاز منها؛ كل أفلام ديزني والكارتون ، وموسيقى توم آند جيري تعتبر أغاني جاز؛ وربما من أشهر اغاني سيناترا “فلاي مي تو ذا مون”، و”لاف آند روز” للفرنسية اديث بياف.
صعوبات البداية والآن
وتشير “لولو” أنه من الصعوبات التي واجهتها : بالنسبة لفرقة موسيقية نحتاج للتدريب قبل أي حفلة؛ كانت دائماً حاضرة مشكلة المكان ،وهي مسألة تغلبنا عليها الآن بسبب انتشار الإستديوهات المصرح لها، لكن هناك مشكلة ان القائمين على الحفلات خصوصاً الأفراح ، كثير منهم لا يعرف موسيقى الجاز؛ ويطلبون أغاني البوب ، وكمغنية لا استطيع ان أرفض وتجاوزت هذه المرحلة وأصبحت أغني أغاني البوب بطريقتي؛ أيضاً هناك مشكلة تواجهني في المناسبات النسائية ؛
طلب أغنيات خليجية و “الشكشكة” ، وهو أمر لا استطيع أدائه؛ لا يعرفون أننا نؤدي فقط أغاني أجنبية؛ ومن ضمن الصعوبات الطريفة أيضا أن كثيرين يأتون للتحدث معي على أني مغنية أجنبية ويكتشفوا أنني سعودية، وفي بعض المناسبات النسائية لا تستطيع الفرقة الحضور؛ الأمر الذي يجعلني اعزل نفسي عن الفرقة، وأخيراً احياناً لا يتم تقديرالجهد المبذول من قبلي والفرقة؛ وهو أمر يبدو واضحاً في العائد المادي الذي نتقاضاه؛ لكون الموسيقى الأجنبية لا تخضع لإيقاع واحد كما هو الحال في الأغاني العربية ؛ بالتالي جهدنا مضاعف في التدريب على كل اغنية على حدى.
مشكلة العازفين
وتنوه “لولو” أنها تتغلب على مشكلة عدم ثبات العازفين بسبب عدم وجود عدد كبير منهم عن طريق وسائل التواصل الإجتماعي التي سهلت كثيراً ايجاد عازفين ، وتمكنت من إيجاد “كومينتي” خاص بهم؛ لسهولة الوصول لبعضهم البعض في حال وجدت حفلات؛ لكن الإنتقال من فرقة لأخرى أمر في غاية الصعوبة سواءً على المستوى النفسي أوالمهني أيضاً؛ لكن الآن أصبح هناك عازفين بعضهم هواة منطلقين من حبهم للموسيقى وآخرين منطلقهم مادي بحت.
معوقات الأغاني الخاصة
وتتمنى “لولو” أن يكون لديها أغاني خاصة بها؛ لكن تواجه صعوبة في ايجاد منتج أو فريق انتاج؛ لأنها تؤمن بالعمل الجماعي؛ لذلك نحتاج أن يكون هناك عدد أكبر من العازفين والمنتجين للقيام بهذه الصناعة؛ لأنها تعتبر نفسها جزءاً منها.
برامج صناعة النجوم
وترجع “لولو” عدم التحاقها بأحد برامج صناعة النجوم؛ بأن هذه البرامج موجهة للجمهور العربي بشكل عام؛ رغم وجود البعض ممن يغنون أغاني أجنبية؛ لكنها لا تستطيع أن تغنى أغاني عربية وتكون غير نفسها؛ لا تستطيع إلا أن تغنى عربي في نطاق الجاز؛ وحلمها أن يحب السعوديين موسيقى الجاز ، وفي الوقت نفسه تستطيع الوصول للعالم والتعريف بأن هناك سعوديين قادرون على هذا النوع من الغناء الصعب.
العازفات السعوديات
وتشير “لولو” إلى أن الغناء مع عازفات سعوديات كانت أمنية حياتها؛ لأن قلة قليلة من البنات تعزف؛ وبسبب وسائل التواصل الإجتماعي انتشرت أسماء كثيرة؛ وتتمنى العمل مع إحدهن يوماً.
شركات الانتاج
وتقول “لولو” إن أغلب شركات الانتاج الموجودة متوجهة للأغاني العربية؛ وفي المرة التي حاولت فيها التعاون مع شركة انتاج كان المطلوب مبلغ مالي كبير لا تستطيع دفعه؛ كما أنهم غير متحمسين لدعم هذا النوع من الأغاني الأجنبية.
كلمات تحمل رسالة
وتردف “لولو” أنها إذا كتبت كلمات أغانيها تفضل الكلمات غير المستهلكة؛ بعيداً عن الحب والكلمات المتعلقة بهذا الجو؛ تريد كلمات تحكي موضوعات لها رسالة وهدف؛ وفي حال وجود الكلمات تبدو مشكلة الموسيقيين المتفرغين ويظل العائق المادي أكبر مشكلة تواجهنا.
مدير الأعمال والحفلات
وبحسب “لولو” بسبب عدد الحفلات التي يتم طلبها فيها؛ استعانت بمدير أعمال؛ لتنظيم أوقات تلك الحفلات وتنظيمها وترتيبها، وأنها غنت خلال سنة و6 أشهر في 30 حفلة.
مجالات أخرى للعمل
وتكشف “لولو” أنها تخرجت من الثانوية ولم تدخل جامعة لعدم وجود تخصص هندسة صوت؛ لذلك اتجهت للعمل في مجلة بتخصص الجمال والـ”لايف ستايل”؛ ثم انتقلت للعمل في مجاول المقاولات ثم عدد من الشركات واخيراً جريدة.
أثر التجارب العملية
وتؤكد “لولو” أن خبرتها في العمل بسن مبكرة أثرت على شخصيتها وأصقلت تجربتها وجعلتها قوية وأصبحت أكثر اجتماعية؛ وتعلمت طريقة التعامل مع الآخرين بكل اختلافاتهم ؛ ورفعت مستوى الوعي والنضج عندها وجعلنها تتعرف على نفسها واحتياجاتها بشكل أكبر.
اجادة الإنجليزية
وترجع “لولو” اجادتها للغة الإنجليزية رغم عدم اكمال تعلميها الجامعي ؛ إلى تربيتها في كومباوند كان حولها فيه جنسيات مختلفة؛ وأنها تحب تعلم لغات جديدة؛ حيث كانت تسمع الأغاني الأجنبية؛ وكانت مهتمة جداً وتحلم بأن تتحدث الإنجليزية؛ وكثيرين يعتقدون أنها درست في أمريكا؛ الممارسة هي الطريقة الوحيدة والأنجح لإكتساب لغة أخرى.