بقلم: السعد المنهالي
نميل نحن البشر إلى تصديق ما يقال لنا، وعلى ما يبدو أن هذا أمر فطري، فنحن نصدق ما نقرأه من أخبار ومعلومات وما يعرض علينا من صور وكليبات، ونتعامل معها وكأنها حقيقة. حسناً، إنْ لم يكن كلنا فأغلبنا يفعل ذلك، ولن يختلف معي أحد في هذا الحكم. فحسب نظرية (افتراض الصدق أولاً) لعالم النفس الروسي «يوري ألكسيافيتش»، فإننا نحصل على الكثير من المنافع بسبب تصديقنا الآخرين.. ولذلك نميل إلى التصديق. وميلنا هذا يترجم بثقة عامة في كل من نقابله أو نتلقاه، طالما لم يسبق ذلك أي شعور بالشك، والذي يأتي عادة بوجود بوادر غير طبيعية أو تحذيرات سابقة.
أغلب معارفنا نحصل عليها من تصديقنا لما نتلقاه من الآخرين، إلا تلك المعارف الناتجة عن التجربة على أرض الواقع وهي قليلة جداً مقارنة بالأخرى التي تعتمد على مقدار الثقة التي نوليها في حياتنا. ولذا فإن التشكيك بهذه المنظومة المعتمدة على الآخر، أمر صعب سيترتب عليه تعطيل للنظام الاجتماعي. فلا نتخيل حياة قائمة على شك الناس ببعضهم طوال الوقت.
كأن نكذب كل ما يقال لنا أو أن نشك بمن يقدم لنا الطعام أو من يصف لنا الطريق، وغيرها الكثير من التفاصيل التي تمر أمامنا في الحياة اليومية والتي تعتمد على الآخر.
تلك الحقيقة تبدو خطيرة جداً في الواقع الذي نعيشه بكل ما فيه من مصادر معلومات يعتقد أنها موثوقة كالصحف والمجلات والقنوات التلفزيونية والمنصات الإلكترونية ومواقع التواصل التي تظهر أمامنا طوال الوقت لأشخاص يبدون كأهل للثقة. فالميل إلى تصديق ما يصدر من كل هذا يضر بقدرتنا على التمييز؛ ونصبح غير قادرين على تبيان الصدق من الكذب وأكثر عرضة للخداع.
ولكل ما سبق، علينا أن لا نأخذ الأمور على ما تبدو في ظاهرها، فهناك الكثير من التشويش والتزييف حولنا. فإشغال عقولنا من وقت لآخر في البحث والمقارنة والاستدلال والمنطق يجنبنا الكثير من التضليل. تأكيداً لكل ما سبق، سأخبرك عزيزي القارئ أن النظرية التي ذكرتها بداية مقالي هذا، هي للأميركي «تيم ليفين» عالم النفس لدى جامعة «ألاباما» الأميركية، وليست لـ«يوري ألكسيافيتش» فهذا الأخير رائد فضاء روسي لا علاقة له بموضوعنا. فليس كل ما يكتب أو يعرض أو يشار له بالبنان.. حقيقة.