الأسعار والخدمات سبب هجر المواطنين لسياحة (الداخل)
بقلم– حماد العبدلي – وليد الفهمي
كيف نقضي إجازة ممتعة ومفيدة ، وكيف تكون السياحة الداخلية أكثر جاذبية وتفضيلاً للشاب والعائلة السعودية؟، سؤال قديم يتجدد مع إجازة كل صيف ، وفي العطلات الأسبوعية ؛ خاصة وكل إنسان يحتاج بعد فترة من العمل و”التعب”، إجازة ليستريح ويستجمّ ويتخلص من الضغوط الجسدية والنفسية، ولكنّ الكثير منّا لا يعرف كيف يستغل العطلة بشكل جيد، ويضيعها في أمور تافهة، فلا يشعر بقيمة الوقت ولا بفائدة إجازته، وعلى الجانب الآخر؛ رغم المطالبات المتواصلة والدعوات لتشجيع السياحة الداخلية، وكثرة الإعلانات المروجة لها،
إلا أن السياحة الخارجية ل ازالت متصدرة بساط السفر للشباب والعائلات على السواء؛ ويعد غلاء الأسعار وقلة الخدمات؛ أبرز أسباب تفضيل الخارج على الداخل، هذا ما رصدته (البلاد) حيث اكتشفنا أن ليلة واحدة (في المملكة) ، في فندق 3 أو 4 نجوم ، يقدم خدمات متواضعة ، يكلف 1500 ريال تقريباً، وهو رقم مرتفع جداً مقارنة بأسعار وخدمات الخارج، حيث تركيا تتصدر وجهات السياحة للمسافر السعودي ، وبعدها دول شرق آسيا وأوروبا.
“البلاد”.. استطلعت آراء مواطنين ومهتمين وخبراء حول سبل قضاء إجازة سعيدة ومفيدة ، و تحديات السياحة الداخلية ، وأسباب تفضيل السياحة الخارجية ، وأبرز النصائح للمسافرين وغيرها من النقاط.
• الشباب يرفضون الاتهام
رفض عدد من الشباب اتهامهم بتضييع وإهدار وقت الإجازة الصيفية في السمر ، والحملقة أمام شاشات الإنترنت ، كما وجهوا سهام نقدهم اللاذعة لأولئك الشباب الذين يتباهون بسياراتهم ويستعرضون بها أمام زملائهم في الشوارع العامة.
طلال الشريف قال: الإجازة فرصة طيبة لالتقاط الأنفاس بعد موسم مليء بالعمل والنشاط والتحصيل العلمي ، وفي الإجازة قد يجد الشخص الوقت الكافي لزيارة الأهل والجلوس معهم ، خاصة إذا كانوا خارج المدينة التي يدرس بها الطالب ، وهناك شباب يجدون في الإجازة فرصة للسفر سواء في الداخل أو الخارج للترويح عن النفس ، وهذا في رأيي حق مشروع للجميع.
• الدورات الصيفية مفيدة
بركات الشريف يفضل الانخراط في الدورات الصيفية المفيدة ، للحصول على شهادات تكون عوناً للطالب في حياته العملية المقبلة بعد التخرج ، ورفض الشريف الاتهام الموجه للشباب بأنهم يقضون الإجازة في الجلوس في مقاهي النت وأمام شاشات التلفزيون دون استفادة ، موضحاً أن هناك نوعية من الشباب يعشقون الجلوس ساعات طويلة أمام النت لكن هذا لا يعني كل الشباب.
• خطط مسبقة
وأشار علي القرني إلى أن فوائد الإجازة كبيرة جداً إذا وضع الشخص لها برامج وخططاً مسبقة ، حتى لا تضيع الأيام هباءً، ونوه لأهمية التسجيل في المراكز الصيفية ، أو الأندية الرياضية وصالات تأهيل اللياقة البدنية ، بدلاً من الجلوس أمام التلفاز وتصفح النت ، وبالتالي لا يستفيد الإنسان سوى ترهل الجسم وفقدان التركيز، كما تعتبر الإجازة ” بحسب القرني” ، فرصة مواتية لمن أراد اكمال نصف دين، مبدياً استياءه من تصرفات بعض الشباب في التباهي بسياراتهم في الشوارع وتعطيل الحركة المرورية في بعض الأحيان أو الوقوف في منتصف الطريق ، وينتقد القرني غلاء إيجارات الشقق في بعض المصايف ، وبالذات أبها حيث يصل إيجار اليوم الواحد 500 ريال وأكثر ، مما يفسد التمتع بالإجازة في الداخل.
• الإجازة لـ”العمل”
أما محمد الزبيدي ، فيفضل العمل على الإجازة ؛ حتى يملأ وقت فراغه بشيء مفيد بعيداً عما يلاحظه من تواجد الشباب في الأسواق والمراكز التجارية دون سبب، وأضاف الزبيدي أن البحث عن عمل في الإجازة ، هو البداية الحقيقية لتكوين الشخصية في سوق العمل ، ومساعدة الأهل على متطلبات الحياة الصعبة ، سيما عقب موجة ارتفاع الأسعار،ويرى الزبيدي أنه لا مانع من الجلوس أمام النت ساعات معدودة للبحث عن المفيد من خلال الطرح العلمي الأكاديمي لكبار المثقفين الذي قد يستفيد منه الشخص بعيداً عن منتديات اللعب واللهو غير المفيدة.
• تفعيل وشائج المحبة
ونصح عبدالرحمن القرني (معلم) ، أبناءه الطلبة في الإجازة ، بالاستفادة من الأيام التي سوف يقضونها مع أهلهم وذويهم ؛ بتفعيل وشائج المحبة بالزيارات ، وكذلك الاستفادة من المراكز والأندية الصيفية التي تشرف عليها إدارات التعليم ، مطالباً أولياء الأمور بمراقبة أبنائهم خلال خروجهم من المنازل والبقاء طويلاً في الخارج من أجل المحافظة عليهم.
• جولة في ربوع الوطن
ويشير حسن يوسف عسيري إلى أن الإجازة فرصة لاصطحاب أبنائه في جولة على ربوع الوطن لتغيير روتين الحياة بعد موسم كامل من الدراسة ، ويقول : أحرص على تسجيل أبنائي في دورات صيفية مفيدة، وبالذات للحاسب الآلي (لغة العصر) حتى يسهل عليهم بعد التخرج الحصول على وظيفة مناسبة في سوق العمل.
وينصح عسيري بالسفر والسياحة في مناطق المملكة الجميلة : فمن أراد البحر (جدة والدمام) ومن أراد النسائم الباردة (أبها و الباحة) ، ومن أراد الأجر والمنفعة في الدنيا والآخرة (مكة والمدينة المنورة )، لافتاً إلى قيامه بزيارات عائلية تتحقق فيها المتعة وصلة الرحم، والمواظبة على الألعاب الرياضية كل صباح ؛ لما لها من فوائد جسدية ونفسية ، بالإضافة إلى المحافظة على الرشاقة.
• جدولة العطلة الصيفية
وينبه أحمد العلاوي إلى أهمية استغلال الوقت؛ بتوزيع أيام العطلة من خلال جدول تقسم فيه أيام الإجازة ، وتحدد كل يوم كيف ستقوم بقضائه، مع وضع ملاحظة هامة وشعار تعمل علي تحقيقه وتطبيقه وهو؛ قضاء إجازتي بما يخدم مصلحتي، ولا أضر نفس ولا حتى غيري، إذا عملت بهذا الشعار ، من المؤكد انك ستقضي إجازة صيفية جميلة في ربوع الوطن ، حيث تتوافر بمصايف المملكة كافة وسائل الراحة.
فيصل العتيبي يشير إلى أن: سياحتنا الداخلية ينقصها أمور لمنافسة السياحة الخارجية ولعل أهمها البنية التحتية ؛ يعني لو تقارن فندق 3 نجوم خارج المملكة ومثيله في الداخل من ناحية الخدمات والسعر ، تجد فارق شاسع ، ويضيف : ناهيك عن شوارع المدن الكبرى في المملكة وكثرت الحفريات فيها وصعوبة التنقل ؛ عوامل لا تشجع الفرد على التوجه للسياحة الداخلية. وبحسب العتيبي أيضا : الفعاليات والمهرجانات التي نظمت مؤخراً أقيمت على “استحياء” ؛ يعني تقام لفترة محدودة وتتوقف دون استمرار ، بعكس الفعاليات التي تقام خارج المملكة.
• جشع التجار
فيما أشار طلال العتيبي إلى أن ارتفاع الأسعار مقارنة بضعف مستوى الخدمات المقدمة؛ كأهم أسباب تفضيل السياحة الخارجية ، منتقداً جشع التجار : الذي يجعلك تفضل السياحية الخارجية ؛ حيث الأسعار المعقولة والخدمات العديدة عالية المستوى.
• العزاب في دائرة النسيان
أحمد صنقورة ، موظف بشركة خاصة ، يؤيد الرأي السابق ، مستدركاً : أن الترويج للسياحة الداخلية ، والفعاليات المختلفة معظمها مخصص للعائلات ، ولا توجد أماكن ، ويضيف: العزاب دائما في دائرة النسيان ، لا أحد يتذكرهم ، ولاحياة لمن تنادي .
• استنزاف للمواطن
وقال محمد حلوان الشراري ، أن هناك أماكن في المملكة تمتاز باعتدال جوها وجمال طبيعتها ، وهي مقصد سياحي جميل ، لولا غلاء الأسعار المبالغ فيه في تلك الأماكن السياحية ، علاوة على المبالغة أيضا في أبسط الأمور الترفيهية، موكداً أن السياحة الداخلية هدفها استنزاف المواطن ، وليس هناك خطط في استقطاب السياح للوطن ، بل تزيد من عزوفهم عنها ، لذلك السائح يعوض السياحة الداخلية بالسياحة الخارجية لقلة التكلفة ، وتوافر وسائل الترفيه التي تكون في متناول اليد .
• الوجهة الأولى بلا منازع
يقول “موظف في مكتب سياحي ” بوسط جدة ، إن وجهة تركيا لا زالت الأولى بلا منازع؛ للحجز والاستماع بالسفر ، رغم ما تشهد من مشكلات يتعرض له السياح ؛ كالسرقة والنشل وعدم استخراج تأشيرة دخول .
ويشير حازم همام ، مسؤول بمكتب سفر إلى أن أكثر الوجهات طلبا للسفر بعد تركياً هي ؛ شرق اسياً ثم أوروبا ، وداخلياً سجلت أبها الأعلى سفر ، ويرجع همام أسباب عدم الرضا عن السياحة الداخلية بين المواطنين إلى؛ ارتفاع أسعار الخدمات ، وقلة عدد الرحلات الجوية، فضلا عن زيادة أسعار الطيران بنسبة20% ؛ مما يؤدي لتفضيل المواطنين للسياحة الخارجية عن الداخلية
• “الباقات” الخارجية.. مغرية
ونوه همام إلى تقديم مكاتب السياحة “باقات” مغرية للسفر خارجياً بأسعار منافسة للسياحة الداخلية، وتبدأ من4500 حتى 6000 ريال تقريباً ، وتشمل السكن والسفر والتنقل ببعض المناطق لمدة 10 أيام ؛ مما يجعل الدول الخارجية وجهة مفضلة للسفر دون منازع .
• مليون سعودي بتركيا حالياً
الدكتور ناصر بن عقيل الطيار العضو المنتدب لمجموعة شركة الطيار للسفر والسياحة ، لفت إلى أن تحسن معلومات المسافرين عن دول العالم ومتطلباتها قبيل السفر إليها ؛ كالتأشيرات والإلمام بالقوانين المحلية، وأن تطبيقات شركات السياحة الداخلية لازالت تتفرد بتقديم عروض وخصومات ليست متوافرة في مواقع التواصل .
وأضاف الطيار أن سجلات الحجوزات لديهم تؤكد تفضيل السعوديون للسفر إلى تركيا ، كاشفاً أن الأرقام تشير إلى تواجد قرابة مليون سائح سعودي في تركياً حاليا، وهو رقم قياسي لم يسجل من قبل .
• ثنائية الخدمات والأسعار
وأوضح الطيار أسباب تصدر تركيا في؛ السفر مباشرة دون توقف ، وكثرة رحلات شركات الطيران إليها، موكداً أن بعض الأزمات ، واحتكار شركات طيران لرحلات السفر لبعض الدول ، قلل فرص هذه الدول سياحيا، ونوه الطيار إلى أن السياحة الخارجية لها مريديها ، وكذلك الداخلية لها مرتاديها وحصتها ، لكن هناك أسباب تجعل السفر خارجياً أفضل منها؛ عدم توفر الخدمات مقارنة بالأسعار التي يدفعها السائح داخلياً .
• تفاؤل برؤية 2030
واستبشر الطيار بأن سوق السياحة الداخلية سينتعش : لما نشاهده حالياً من برامج كسوق عكاظ وقريبا القدية بالرياض ، وغيرها بما يتوافق مع رؤية المملكة 2030 ، التي ستدفع السياحة الداخلية لمنافسة الخارجية ، وستكون هناك مشروعات ومناطق متطورة سيفضلها السياح السعوديون .
• نصائح للمسافرين
ونصح الطيار، المسافرين إلى الخارج بالتخطيط للرحلة جيداً قبل السفر؛ عدم التخطيط المسبق، يتسبب في زيادة المصروفات وعدم الراحة ، منبهاً إلى أن بعض المسافرين يغادرون المملكة للسياحة الخارجية حاملين معهم المقتنيات الثمينة؛ مما يجعلهم عرضة للسرقة وعمليات النشل، وبعضهم رغم تقدم التقنية لا يعرفون متطلبات السفر لبعض الدول ؛ حيث تشترط تأشيرات دخول.