رغم القرار السامي مدرسة القيادة تؤجل رخص مليون متدربة
إقرأ
تحقيق – رانيا الوجيه
بعدما استبشرت السيدات خيرًا بقرار السماح لهن بقيادة السيارة، والذي انتظرنه طويلًا، بدأت الأزمات والمشاكل تظهر في مدرسة تعليم القيادة للسيدات، رغم أنها فتحت بابًا على الصعيد الوظيفي للسيدات، وأيضًا شكلت فرصة لبنات الوطن لتعلم القيادة في الداخل، عوضًا عن السفر للتعلم واستخراج الرخصة، الأزمات متنوعة؛ فقد اشتكت مجموعة من الموظفات في إحدى مدارس تعليم القيادة للسيدات من قلة توفر المدربات المحترفات، مما تسبب في تكدس تذمر أعداد هائلة من المتدربات،
وزيادة عدد ساعات العمل بدون وقت راحة، إضافة إلى العمل تحت أشعة الشمس في درجات الحرارة العالية، وإلزامهن بتعبئة بنزين السيارات والتي يبلغ عددها ما بين 8-17 سيارة في اليوم . ومن جانب آخر تراجعت نسبة كبيرة من السيدات المقبلات على التدريب واستخراج رخصة القيادة، وبعضهن طالب بالانسحاب واسترجاع الرسوم المدفوعة؛ بسبب مماطلة المدرسة وتأخر المواعيد في التدريب ما بين النظري والعملي لعدة شهور، وقائمة الانتظار الطويلة إلى أجل غير مسمى، في حين يكشف «مسؤول» عن أن المشكلة تكمن في الطلب الكثيف جدًا على المدرسة؛ كونها الوحيدة في المنطقة، ويقر بأنه لا يمكن توقع حل تلك المشاكل سريعًا؛ حيث بلغ عدد المتقدمات للتدريب واستخراج الرخص في المنطقة «مليون متدربة».. إلى التفاصيل.
تجاوزات وتهميش
البداية كانت مع الفاحصة «ج غ» التي تروي معاناتها قائلة: تم التعاقد معنا كمدربات للقيادة من قبل شركة المنظومة السعودية لتطوير التعليم والتدريب المحدودة، وفق العقد الذي يتوافق مع نظام العمل السعودي، ولكن للأسف يحدث معنا تجاوزات في العمل، فضلًا عن تعرضنا للتهميش عند الاستفسار عن حقوقنا، بالإضافة الى عدم الاحترام من قبل بعض منسوبات الإدارة.
الفاحصة”ج غ”:بعض الموظفات غير الخبيرات يقمن بالإشراف والفحص بسبب العجز في المدربات
عجز في المدربات
وتردف أن العجز في توفير مدربات اضطرهم إلى استغلال موظفات الإدارة والاستقبال للنزول لتدريب الفتيات مع أنهن غير مؤهلات للتدريب؛ حيث يعتبرن حديثي العهد بقيادة السيارة، ولسنا ذوي خبرة طويلة كما هو مطلوب ضمن مواصفات المدربة المحترفة، بالإضافة إلى وجود عدد من المدربات الجدد لم يتممن الدورة التدريبية، ولم يتم تقييمهن من قبل المسؤولين عن شؤون التدريب، وتم نزولهن للتدريب بسبب العجز؛ مما يدل على سوء التنظيم الإداري.
وتختتم «ج غ» بأنه جرى إسناد الإشراف في الميادين والفحص لبعض الموظفات اللاتي لا توجد لديهن رخص قيادة أو خبرة سابقة.
تعبئة بنزين السيارات
وتؤكد المدربة «د أ» على ما أدلت به الفاحصة «ج غ»، وتضيف: كنا من أوائل من ساهم في تأسيس هذه المنشأة، ومن أوائل من دعم هذا القرار السامي بجهدنا ووقتنا، فقد كنا نداوم ونعمل في بعض الأحيان صباحًا ومساءً بكل حب وعطاء وبدون أدنى مقابل، وقمنا بجميع المهام الموكلة إلينا على أكمل وجه، وبدون أي تقصير، رغم عدم توفر بيئة عمل مناسبه لنا. وأحد الأمور التي ترهقنا عندما نكلف بتعبئة بنزين السيارات، حيث يبلغ عدد السيارات التي يتم تعبئتها يوميًا من قبل كل فاحصة بين 8-17 سيارة؛ مما أشغلنا عن القيام بمهامنا الأساسية كالإشراف الميداني ومتابعة المدربات، مما يتسبب في تأخير عملية الفحص، وينتج عن ذلك تذمر وتضجر المتقدمات للاختبار، وتوجيه كلمات غير لائقة وانتقاد شديد اللهجة بسبب التأخير.
تحرش وحوادث
وتكشف أن الفاحصات يتعرضن أحيانًا للتحرش أثناء تعبئة البنزين في المحطات، تقول: حدث ذلك عدة مرات من قبل العاملين في المحطة. ولايوجد لدينا تفويض لقيادة أي مركبة من مركبات المدرسة. علما بأننا تعرضنا لكثير من حوادث الطريق أثناء خروجنا لتعبئة البنزين، ومن هذه الحوادث:
– اصطدام سيارة أحد المواطنين بسيارة فاحصة من الخلف، ولم يتخذ أي إجراء من قبل المدرسة.
– توقف المركبة فجأة في منتصف الطريق أثناء تعبئة البنزين؛ مما شكل خطرًا على الفاحصة.
– يوجد مشكله في فرامل المركبات فهي لاتستجيب عند الضغط عليها، ويجب على الفاحصة بأن تضغط على الفرامل الموجودة في الجهة اليمنى الخاصة بالمدربة، علمًا بأنه لايوجد من يساعدها في فك تعليق الفرامل أثناء القيادة؛ وهذا يشكل خطرًا كبيرًا لأن السيارة لاتقف إلا بالفرامل.
استقالات
وتقول المدربة «ر ك»: نظرًا لكثرة ضغوط العمل على المدربات لأربع فترات من الساعة الثامنة إلى الرابعة إلا ربع، حدثت استقالات كثيرة من الكفاءات وذوي الخبرات، وبناءً عليه خلال الشهر الماضي تم تأهيل مجموعة جديدة من المدربات ليس لديهن الخبرة في التدريب أو القيادة؛ لأنهن من خريجات المدرسة مؤخرًا ( 20 ساعة وبعضهن لم يحصلن على الرخصة من أول مرة).
لا وقت للراحة
وتواصل: خلال الشهر الماضي كانت توجد دورة تدريب مدربات يوميًا من الساعة الواحدة والنصف إلى الرابعة إلا ربع، مع العلم بأننا نبدأ الفحص من الساعة الثامنة صباحًا إلى الواحدة والنصف والثانية إلا ربع، بمعدل 7-11 متقدمة للفاحصة الواحدة يوميًا. وبذلك نكون قد عملنا لمدة 8 ساعات متواصلة، بدون فترة راحه للصلاة أو الأكل والشرب والاحتياجات الطبيعية؛ مما سبب لنا أعراضًا ومشاكل صحية.
وقد تم طلب الحصول على «بريك» نصف ساعة بعد الانتهاء من الفحص، على أن نبدأ التدريب في تمام الساعة الثانية، وتم إبلاغنا شفهيًا عن طريق إحدى المشرفات التي كانت تنوب عن مشرفة الفاحصات بأن ( الموظف الذي يعمل لمدة 8 ساعات لايحق له وقت للراحة)، علمًا بأن طبيعة عملنا تحت الشمس وتحت درجة حرارة تصل إلى ما لايقل عن 45 درجة مئوية، وبدون وجود عازل حراري أو مظلات خاصه للسيارات؛ مما تسبب بحروق في اليد للبعض.
رغم أن هناك موافقات رسمية للاستعانة بمدربات من دول عربية في جميع مناطق المملكة، إلا في مدينة جدة التي أرادت الظهور بالشكل المثالي وسعودة جميع الطاقم، إلا أن ذلك لم يطبق بشكل واضح وصريح لكي يخفف العبء على المدربات السعوديات، ويسهل مسيرة العمل حتى لو مؤقتًا؛ وهذا ما حدث مع المدربة الأردنية «س ع» التي قامت بالتدريب بدون عقد، وتم الاتفاق على راتب رمزي يبلغ 3000 الاف ريال فقط، وبعد مرور 4 شهور على عملها كمدربة تم الاستغناء عن خدماتها، ولم تحصل على شهادة خبرة كحد أدنى لحقها.
إعادة الكشف الطبي
وجين سروي 34 عامًا موظفة قطاع خاص، إحدى المتدربات اللاتي يطالبن باسترجاع رسوم التسجيل، تروي تجربتها مع مدرسة القيادة قائلة: تضررت كثيرًا بسبب المدة الكبيرة بين التدريب النظري والعملي للحصول على رخصة القياده، ومرت أكثر من 6 شهور لأجد موعد للتدريب العملي، وهناك فتيات منذ شهر أكتوبر الماضي إلى الآن لم يحصلن على موعد للتدريب، بالإضافة إلى أنني دفعت كامل المبلغ 2500 ريال مع رسوم الكشف الطبي، والذي سأقوم بإعادته مره أخرى ودفع رسوم أخرى؛ بسبب أن الكشف الطبي محدد بمدة معينة ومن ثم تنتهي صلاحيته.
استرجاع الرسوم
وتتابع: زرت المدرسة لأستفسر عن أسباب كل هذا التأخير، وقالوا لي قريبًا سيتم التواصل معك للبدء في التمرين العملي، وهذه الوعود مر عليها 4 شهور حتى الآن، كما أنهم أعطوني رقم للتواصل والاستفسار، لكن وجدت الرقم مغلق وليس موجود بالخدمة، كما أن البحث عن طريق «الويب سايت « الخاص بالمدرسة غير مجدي نهائيًا، ولأنني أنوي السفر واحتاج الرخصة لاستخدامها خارجيًا، ورغم أن تلك الرسوم هي الأغلى مقارنة بالمدارس الأخرى في العالم وبعد جميع المحاولات؛ أطالب الآن بسحب الرسوم التي دفعتها مسبقًا، وسأقوم باستخراج الرخصة من مكان آخر.
النظري والعملي
وأتمت «سروي» بلفت النظر إلى أن المدة الطويلة بين التدريب النظري والعملي يجعل الفتاة المتدربة تنسى ماتلقته في الحصص النظري؛ مما يصعب عليها التطبيق العملي.
لاتوجد مواعيد
جاردينيا حافظ 29 عامًا مصممة أزياء، تجيد القيادة مسبقًا وقدمت على الرخصة، ولكن كان لابد أن تمر بمراحل اختبار القيادة العملي، تقول: تعلمت قيادة السيارة عندما كنت أقيم في مدينة الملك عبدالله الاقتصادية جامعة كاوست، وعندما سجلت بمدرسة تعليم القيادة لم يكن لديهم تقييم مستوى، وبالتالي اضطررت للتسجيل ودفع الرسوم كاملة وكان ذلك في سبتمبر 2018، ولم يكن هناك مواعيد متاحة، ومنذ ذلك الوقت إلى الآن وأنا في قائمة الانتظار، وذهبت الى المدرسة في شهر يناير 2019 لاسترجاع الرسوم التي دفعتها، ولم يرفضوا الاسترجاع ولكنه سيأخذ وقت 40 يومًا، وبعد المراجعة لم أجد طلبي قد رفع، ولا أعلم ما هو السبب في التأخير إلى الآن. ونصحتني صديقاتي بالذهاب إلى تبوك لاختبار القيادة واستلام الرخصة خلال يومين فقط.
المشكلة.. الطلب الكثيف
واجهت «اقرأ» المدير التنفيذي لوادي جدة دكتور محمد الصايغ بأقوال موظفات المدرسة، إضافة إلى انسحاب مجموعة من المتدربات والمطالبة باسترجاع الرسوم المدفوعة وكان رده أنه يسمح باسترداد المبلغ المدفوع شرط ألا تكون المتدربة قد بدأت في برنامج التدريب، وينكر الصايغ أن سبب المطالبة باسترجاع الرسوم هو نقص المدربات، ولكن بسبب الوقت.
ويؤكد أن عدد المدربات لم يتغير، ولكن تكمن المشكلة في الطلب الكثيف جدًا على المدرسة؛ كونها الوحيدة في المنطقة، حيث أن مدرسة مكة والطائف ومدرسة شمال جدة لم تعمل إلى الآن، وبالتالي أصبح الضغط كبير جدًا وكانت الأعداد فوق المتوقع.
«مليون» متقدمة
ويكمل: ليس هناك مشاكل بالنسبة للمدربات، وهناك جدول معين نتبعه، وقد بدأنا بمضمار، والآن أضفنا مضمار آخر، ولكي نغطي الحاجة إلى المدربات تم استقطاب مدربات من خارج المملكة بالتعاون مع إدارة المرور. ومن جانب آخر لا يمكن توقع حل تلك المشاكل سريعًا؛ حيث بلغ العدد من المنطقة الجغرافية التي نقوم بتغطيتها «مليون» سيدة متقدمة على التدريب واستخراج الرخص. ونحن الآن في فترة الضغط، ومن ثم سنقوم بموازنة الأمور»بإذن الله».